بالذكرى السادسة والثلاثون لرحيل الزعيم العربي هواري بومدين ؟؟ |
"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا",, في صباح يوم الأربعاء الموافق السابع والعشرين من كانون ثاني عام 1978,,أصابت ألامتين العربية والاسلامية فاجعة كبرى ,,فقد ترجل فارسها الجزائري الشهيد الرئيس هواري بومدين عن سنوات عمر قليلة لم تتجاوز السادسة والاربعين ,قضى جلها بخدمة قضايا وطنه وشعب وطنه الجزائري الذي دفع هو ألاخر مليون ونصف المليون شهيد ثمنآ لحريته من أستعمار فرنسي دام أكثر من 132عامآ ,,فالرئيس هواري بومدين هذا الرجل الذي حمل صفة النبل والشهامة والكرامة العربية ,,رحل بذلك اليوم ,,تاركآ خلفه ,ذكرى طيبة لرجل وطني عروبي تشهد له ساحات المعارك بالقوة والشجاعة ,,فقد كان عروبيآ مؤمنآ بقضايا أمته ,,فلطالما شهدت له المحافل الدولية والاقليمية والعربية واللحظات التاريخية الفارقة من عمر ألامة العربية بصدق مواقفه وايمانه المطلق المقترن بالقول والفعل لصالح قضايا التحرر العربي .
*الزعيم الراحل هواري بو مدين بسطور ؟؟.
هواري بومدين واسمه الحقيقي محمد إبراهيم بوخروبة،، ولد في أب من عام 1932، وهو أبن لفلاح بسيط يسكن ولاية جيجل "منطقة القبائل"،، ورغم الظروف القاهرة حينها بسبب تكالب الفقر والجهل والجوع والاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري حينها،، ألا أن والد بو مدين قرر أن يعلمه كافة العلوم المتاحة ضمن المحيط،، وكان يتنقل حينها بو مدين بين مدينته وبين بعض مدن الشرق الجزائري لاكتساب العلم، فقد ختم القران الكريم، وبعد أن أتم الثامنة عشر من عمره،، طلبته سلطات الاستعمار الفرنسي للقيام بالخدمة بالجيش الفرنسي ،، مما دفع به الى الهروب الى تونس حينها، فهو كان مؤمنا بقضيته، ولم يؤمن يومآ ما بأن يكون عبدآ للاستعمار، ومن تونس أنتقل بعد حين ألى ليبيا ومنها ألى ألازهر بمصر، ليستكمل بعدها مراحل تعليمه وليتنور بكافة علوم الازهر.
ومن ثم انطلق الى العمل السياسي والعسكري ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر، ألا أن تحررت الجزائر من الحكم ألاستعماري الفرنسي عام1962,فقد دفع الشعب الجزائري مليون ونصف المليون شهيد على مدار 132عامآ من ألاستعمار الفرنسي للوطن الجزائري، ونجح بعدها بشغل منصب رئيس الجمهورية بعد انقلاب عسكري على أحمد بن بلة1965،، فبعد ألانقلاب وتقلد بو مدين لرئاسة البلاد برز بومدين كرجل صلب فهو يعتبر من أبرز رجالات السياسة في الجزائر والوطن العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، وأحد رموز حركة عدم الإنحياز،، فهو لعب دورآ هاما على الساحة الإفريقية والعربية، وكان أول رئيس من العالم الثالث تحدث في الأمم المتحدة عن نظام دولي جديد،، وله انجازات كبرى بالداخل الجزائري،، فهو طور المنظومة الصناعية الجزائرية،، كما دعم قطاع الزراعة بشكل واسع،، ووسع ميادين الثقافة والعلم،، كما أسس لنظام أجتماعي -سياسي متميز بالداخل الجزائري.
*قضايا التحرر العربي كانت دائمآ هي بوصلة الزعيم بومدين ؟؟.
يقول هنا بو مدين في أحدى أحاديثه الاعلامية ردآ على بعض من أنتقد دور الجزائر في حرب أكتوبر" اعتقد بتواضع أن الجزائر بحركتها وبالدور الذي قامت به وفاءً لواجبها ومسؤوليتها القومية خلال حرب أكتوبر قد أكدت أن بُعد المسافة بين موقعنا الجغرافي وبين ميدان المعركة ليس عائقاً لنا أو لغيرنا للتواجد الفعال والمؤثر خاصةً عندما نكون بصدد معركة قومية ضد الامبريالية والصهيونية,, وبهذه الممارسة المسؤولة خطَّأنا تلك النظريات التي كانت تقول أننا نقاتل الاستعمار الصهيوني والاحتلال الإسرائيلي ونحن محتمون في موقعنا الجغرافي الذي يفصلنا أربعة آلاف كيلومتر عن معمعة القتال, وهنا فقط أُريد أن أُسجل أننا لم نكن نزايد، ولم نكن نلقي الكلام على عواهنه,, وأننا كنا ولا زلنا نقصد كل موقف نتخذه أو رأي ننادي به بإخلاص قومي وبناء على حسابات موضوعية ,,وبالنسبة لنا، وداخل ما أصبح يُعرَفُ عالميا باسم "أزمة الشرق الأوسط"، فان القضية الفلسطينية هي القضية الأم,, كانت دائما هكذا وستظل على هذا المستوى حتى تتحقق كاملة لماذا ؟ لأن قضية سيناء حتما سَتُحَل، ولأن قضية الجولان حتما سَتُحَل,, فالصراع العربي الإسرائيلي جوهره فلسطين أو لا فلسطين.
*الزعيم بومدين لطالما سعى لتوحيد المواقف العربية أتجاه فلسطين ؟؟.
في رده على بعض الخلافات العربية في مطلع السبعينات حول مستقبل الصراع العربي –الصهيوني ,,وحول تطورات القضية الفلسطينية يقول هنا بومدين " نختار بلا تردد،وبدون تحفظ الثورة الفلسطينية,, والحقيقة الموضوعية التي أود تسليط الضوء عليها، هو أن القضية الفلسطينية بطبيعتها أحد شيئين, إما الإسمنت وإما القنبلة، بين الدول العربية,,فهناك قاسم مشترك بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية، وهناك فارق جوهري, الفارق يتجسد على الأرض، ظروف الثورة الفلسطينية أقسى وأصعب, ليس فقط بسبب أن غالبية جسم الثورة خارج الأرض؛ بل إن رقعة المساحة المُحتَلة نفسها هي في موقع جغرافي تتمكن منه قبضة المحتل بسهولة، فضلا عن أن الاستعمار الاستيطاني الصهيوني قد ضاهى أو تجاوز في عدده الشعب الأصيل,, والقاسم المشترك هو أن الشعب الفلسطيني وجد طريقه إلى الكفاح المسلح المباشر، وسار عليه بثبات ودفع ثمن الدم,والدم في النهاية يفرض نفسه وقيمته وثورته على العدو، وعلى العالم كله وهذا ما هو كائن بالفعل اليوم.
*وفاة الزعيم الراحل بومدين ؟؟.
رحل هواري بومدين في صباح الأربعاء 27كانون اول من عام 1978,,لعارض مرضي مازال يحير ألاطباء ,ففي الساعة الثالثة وثلاثين دقيقة فجرآ,, وحين دقت ساعة توديع الزعيم، ظهر أصغر وزير خارجية في تاريخ الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، في الواجهة وهو يلقي الكلمة التأبينية التي كانت آخر ما تلي على بومدين قبل أن يصبح تحت التراب في عالمه البرزخي ,,فقد رحل صاحب مقولة " هل الأمة العربية مستعدة لبذل الثمن الغالي الذي تتطلبه الحرية؟ وأن اليوم الذي يقبل فيه العرب دفع هذا الثمن لهو اليوم الذي تتحرر فيه فلسطين " رحل من كان يردد دائمآ " الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة " وهو من قال " إن تاريخ الشعوب ليس إلا سلسلة من المعارك المتنوعة تخرج ظافرة من معركة لتدخل مزودة بسلاح جديد إلى معركة جديدة، فإذا كنا قد خرجنا من معركة الاستقلال فإن ذلك إلا سلاحاً لابد منه لخوض معركة أخرى هي معركة النهضة والرقي والحياة" ,,فقد قال هذه الكلمات ليترجل بعدها هذا الفارس ,,ويرحل ألى جنان الخلد ,, رحل بومدين تاركآ خلفه تاريخآ لرجل مناضل مؤمن بعروبته وبوطنه ,,فسلامآ عليك أيها الزعيم الخالده ذكراه بنفوس وضمائر كل احرار العروبة ,فسلامآ عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا .
|