عندما نستذكر حلبجة تتحرك اوجاعنا , ونستذكر كل المواقف الاليمة , نكشف عن زيف التاريخ والشعارات من حكام الدكتاتورية , نقف بأجلال واكبار واحترام امام شعب وقف بوجه الدكتاتورية والتمييز والعنصرية , نستذكر الانفال والشعبانية والمقابر الجماعية واللأهوار , شعباّ سطر اروع الامثلة في الصبر والأباء والتضحية وكتب بحروف من نور ودماء عبّدت طريق الأحرار وكتبت الخلود , شعب لا ذنب له سوى ان يريد العيش بسلام , نقف اجلالاّ وتبجيلاّ لمن ضحوا بشبابهم وطفولة ابنائهم وزهور الطبيعة التي احرقت معهم ليخطوا طريق الكرامة , كشفت تلك الحقبة عن ابشع جرائم يرتكبها حاكم بحق شعبه بوحشية وهمجية , وصمت عالمي ومنظمات حقوق انسان وشعوب ناصرت الجلاد لتورث عقول لا تزال تمجد الطواغيت , خلفت تلك الجرائم محرومين لا يزالون تحت نير الحرمان ولم تعاد حقوق لمن هاجر او هجر وسجن وشرد وأسكن في سجون كقبور في الحياة , اليوم مسؤولية الشعوب ان تعترف حق الشعوب في الانصاف تلك الجرائم التي خلفت المئات من المقابر الجماعية والانتصار للمظلوم على الظالم , وجريمة حلبجة ما هي الى واحدة من سلسلة من الانتهاكات الانسانية , نستذكر منها جرائم المقابر الجماعية والاهوار والشعبانية , نستذكر من دفنوا وهم احياء نستذكر عوائل المراجع والعلماء والمفكرين والابرياء , نستذكر قصص كان ابطالها رجال ونساء واطفال وشيوخ , وننظر بألم لتلك البيوت التي لا تزال كالأطلال وهجر وهاجر اهلها وتساقطت وهي باكية , نظام تفنن في الوحشية والظلم وافرغ هزائمه في صدر شعبه ليستخدم كل اساليب البطش , وبعد ان حرم الجنوب والوسط من ابسط الخدمات لكون ارضهم ساحة للحروب العبثية وابنائهم حطب لها , حتى انتفضوا في الشعبانية ولاحق الثوار والمدنين الى الاهوار في هور الحمار والحويزة وال جويبر , ومن ثم تم تجفيف الاهوار بتحويل دجلة والفرات ونقل السكان بشكل اجباري والقيام بالاعدامات الجماعية , وقد سجل (كلاوس تويفر ) المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة( بأن تلك الجريمة انها كارثة انسانية كبرى وستبقى في ذاكرة الانسانية من اسوء الكوارث التي سببها البشر للانسان ), ومن استشهد في تلك الانتفاضة عدى المقابر الجماعية وما سبقها وتلاها تجاوز 300 ألف شهيد وبمعدل 20 ألف يومياّ عدى الألاف في الشمال , انها جرائم صارخة بحق الانسانية وامتهان لأبسط الحقوق, حلبجة والمقابر الجماعية ليست جرائم عادية , فكم من حرة طاهرة انحنى رأسها لكي تقبل يده ابنها وكم طفل مات من الحرقة على ابيه وامه ولكنهم لم يتنازلوا عن كرامتهم , جرائم تنزف لها القلوب ويبكي عليها ضمير الانسانية ويدافع عن ضحاياها وذويهم كل من حمل ذرة من الانسانية والاخلاق والدين , اليوم من يستحكم بالسلطة ومؤوسسات الشهداء والسجناء السياسين , لابد من استذكار تلك التضحيات التي انتزعت الحرية , وما وجود الديمقراطية الاّ بفضل الشهداء وعوائلهم المحرومة الى اليوم, تنتظر حقها بالتقطير , انها درساّ للأنسانية ورسالة للشعوب والحكام , بأن الحق لابد ان ينتصر وان الظالم مهما استبد لن يدوم طغيانه, وان الحياة تبعث من تحت الارض كما تنبت الزهور وان الحق لايموت وان دفن , ذهب الطغاة وبقيت اذنابهم كالاخطبوط تحاول تدمير البلاد وكسر كل الروابط الانسانية والاجتماعية , والبعض من عاش المرارة وتلك الويلات وقاسمهم رغيف اطفالهم لم يلتفت لحد الأن لأنصاف عوائل اولئك الابطال .