وقفة تأمل في استقبال العام الجديد

 

لا بد يحتفل العراقيون كباقي الشعوب في جميع انحاء العالم باعياد راس السنة الجديدة ، وكما يتأملون بتحقيق بعض من امانيهم في العام القادم لأنهم عانوا على مدار اعوام ماضية من تفاقم النزاع السياسي والطائفي والويلات والآلام من الجرائم بكل أشكالها ما تهتز الأبدان ، والفوضى العارمة بسبب غياب القانون والانهيار الشامل لمؤسسات وهيئات الدولة ، وعجز الحكومة للقضاء على الفاسدين والمرتشين داخل هياكلها ، وعجزت ايضا لتحشيد طاقاتها لبناء العراق الجديد وتوحيد مكونات الشعب العراقي وتقارب قلوبهما وتربيتهم على الحوار والتسامح والاحترام الأخر .

لم يطرا على حياة العراقيين منذ تغير النظام السابق الى هذه اللحظة أي نوع من التحسن على كل الاطر بدءاً من الكهرباء الى البطاقة التموينية التي تعاني التذبذب في عمليات التوزيع الحاد وفي الكميات والنوعيات , وفقدان الخدمات العامة الأنسانية والأجتماعية والحياتية والاسوء من كل ذلك الوضع السياسي المتدهور ووجود الفراغ الأمني ، والقتل الجماعي للناس الأبرياء الذين ليس لهم في السياسة ناقة ولاجمل . ولم يشعر الأنسان العراقي بالأمان والأستقرار والراحة نتيجة تلك الأسباب المذكورة . اليوم الذي ينتظره الفرد العراقي بفارغ الصبر ليخرج من تلك الحقبة المظلمة ، ولينعم بالأمن والأستقرار . كان يحدوه الأمل بأن يطل العام القادم من عيون العراقيين بنظراتهم المفعمة بالامل وأحلامهم المنتظرة لما هو أفضل .

هذا العام كان مختلفا بكل المعايير عن السنوات السابقة حيث كان زحف ارهابيي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على محافظات تقطنها أكثرية من السكان السنة الذين شكوا على مدى سنوات من سياسات قالوا إنها "طائفية" اتبعها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

لا توجد هناك ما يمكن ذكره من مشاهد مفرحة أو انجازات في العراق في 2014 قياسا بحجم الحرب الدامية والأزمة الإنسانية المأساوية التي كانت عنوان ومضمون ما شهدته العراق في العام الحالي الذي شارف على الانتهاء . وكان الهجوم المباغت والسريع لداعش في حزيران الماضي على شمال وغرب البلاد وسيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي والمدن والبلدات والقرى .

سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين من العراقيين لاسيما في ظل اللحظات الراهنة ، هل يكون وضع العراق في العام القادم افضل مما عليه الحال ، بل يزداد تحسناً ؟!!! وهل ممكن في العراق يكون يوما الرجل المناسب في المكان المناسب ويكون بديلا على معايير المحاصصة الطائفية والمحسوبية الحزبية ؟ !!! لإنقاذ الدوائر والهيئات الحكومية من المحاصصة ومن ايدي الفاسدين . هل ستحدد الاحزاب الحاكمة على مسار الوفاق السياسي الحقيقي في العراقي لخدمة المواطن العراقي ؟ !!! وأن يفعلوا شيئا من أجل إيقاف هذا الموت اليومي على العراقيين والفوضى العارمة داخل البلاد .. لم يشهد له مثيل في تأريخ العراق . وكذلك يتسأل المواطن ما هو دور الحكومة واجهزتها الامنية وقضائها التي تقف موقف المتفرج الذي لا يفعل شيئاً لتحجيم دور مثل هؤلاء الصعاليك المهيمن على الهيئات الحكومية ومؤسساتها الامنية والذين يتحركون وبكل هذه المساحة من الحرية ؟

يتأمل الإنسان العراقي بأن يشهد العراق في العام المقبل نقلة نوعية على درب تقديم الخدمات الحياتية والانسانية لعموم الشعب العراقي معززا بالامان والاستقرار في عموم البلاد بعد القضاء على مجموعة ذئاب جائعة التي تقوم بتقسيم الفريسة فيما بينهم ، وكشف الاشخاص الذين يحمون هذه الذئاب التي تسئ الى الشعب العراقي الذي عانى ما عاني طيلة أعوام المنصرمة التي احرقت الحرث والنسل . وإن تنظر الحكومة الجديدة الى مصلحة الوطن وتتحرك للقضاء على الفساد الإداري والمالي حيث المستشري كالسرطان في جسمهم بأبشع اشكاله واكثرها قذارة ينخر اليوم من المؤسسات والهيئات الحكومية علي حساب ابقاء الاغلبية تحت وطأة الجوع والمرض والعوز والبطالة .

سوف يودع الشعب العراقي عام 2014 بكل ما فيه من المصائب والمعاناة والالام واستقبال عام 2015 بالامل والتمنيات المتمثلة في امنياته بسيادة أجواء الامن والطمأنينة والسلام ودخول البهجة والسعادة الى قلوب الناس . ويأمل أن يكون العام الجديد عام العيش بأمن وسلام وتحسين مستوى حياة ومعيشة الفرد العراقي وعودة البهجة والفرح والسرور للعراقيين جميعا .. وتوفير الخدمات ، وتعمل عمل تنظيف الوزارات ومؤسساتها من شائبة السيئة ، والقضاء على بؤر الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات والهيئات الحكومية بمختلف أشكال ظهوره ، وتشخيص الجناة الحقيقين من القتلة والسراق والعملاء لدول الجوار .. بعيداً عن بؤر الاحتقانات وبرك الدماء ، بمزيد من التفاهم بين اطياف الشعب العراقي والقضاء على النهج الطائفي والديني والتمييز القومي. ذلك لن يتحقق إلا بالقضاء على الفساد الاداري والمالي داخل الهيكل الحكومي .