بغداد – أوصل الإرهاب الوهابي التكفيري في بلاد الرافدين رسالة دموية لنوري المالكي أنه موجود وبقوة بعد يومين فقط من إعلان المالكي أمام وسائل الإعلام العراقية أن الإرهاب أنتهى في العراق.
وقتل 82 شخصا على الاقل واصيب اكثر من 270 اخرين بجروح في سلسلة هجمات دموية قبل ايام قليلة من عيد الفطر وسط توقعات بوقوع هجمات اخرى خلال فترة العيد.
وتسود اجواء الحزن في البلاد بعد الهجمات التي استهدفت 15 مدينة في العراق وكانت الاسوأ منذ ثلاثة اسابيع. وادت هذه الهجمات الى ارتفاع عدد الضحايا الذين قتلوا خلال شهر آب الى 404 قتيلا. ففي بغداد والمناطق المحيطة بها ادت سلسلة هجمات الى مقتل 54 شخصا. ووقع انفجاران في ساعة متاخرة من مساء الخميس الماضي في منطقة الزعفرانية ادى الى مقتل 26 شخصا واصابة اكثر من اربعين بجروح، كما شهدت مدينة الصدر، انفجار سيارة مفخخة عند محل لبيع المثلجات ما ادى الى مقتل نحو 11 شخصا واصابة 46 اخرين بجروح، وقتل ستة اشخاص على الاقل واصيب نحو 32 اخرين بجروح في انفجار سيارة مفخخة صباحا في منطقة الحسينية. وفي هجوم اخر قتل عشرة عسكريين واصيب مثلهم بجروح في هجوم باسلحة مزودة بكواتم للصوت استهدف نقطة تفتيش عند قرية مسعود الواقعة عند ناحية المشاهدة. كما قتل شخص واصيب ستة اخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة في منطقة التاجي، وشهدت الموصل وتلعفر وكركوك وداقوق والدبس البعاج وبادوش والطوز والخالص وبعقوبة والكوت والكرمة هجمات متفرقة اخرى.
وحذرت منظمة "ايه كي اي" البريطانية من "قيام الارهابيين في العراق بالتخطيط لشن هجمات ضد تجمعات المدنيين الكبيرة للاحتفال بانتهاء شهر رمضان في وقت لاحق من هذا الاسبوع". وقال جون دريك المحلل لدى المنظمة "لم نتلق اي معلومات استخباراتية محددة بهذا الشأن لكنهم (الإرهابيين) قد يقومون بتفجير اهداف مع نهاية رمضان.
ووقعت الهجمات الاخيرة، بعد دعوة ما يسمى بزعيم "دولة العراق الاسلامية" في كلمة مسجلة "شباب المسلمين" الى التوجه الى العراق، معلنا عن "بدء عودة" التنظيم الى مناطق سبق ان غادرها في اطار خطة جديدة تحمل اسم "هدم الاسوار".
ويرى المراقبون أن تزامن حدوث التفجيرات مع إعلان المالكي "أنتهاء الإرهاب" في العراق وعلى مشارف عيد الفطر السعيد، يعكس الكيفية التي يقيم فيها المالكي الوضع الأمني، وكيف أن كبار القادة البعثيين الذين استعان بهم يتلاعبون بتقييماته ويخدعونه بتقاريرهم ومعلوماتهم.
وقالوا أن المالكي تعمد في تصريحه الأخير بأنتهاء الأرهاب في البلاد، أستفزاز العناصر الإرهابية في البلاد لكي تشيع أعمال القتل والتفجير في البلاد، فقد بات واضحا خلال السنوات الماضية أن التصريحات حول أستتباب الوضع الأمني يعقبه تصعيد أمني وردة فعل إرهابية عاجلة.
وبينوا أن موجة الإرهاب الجديدة التي ضربت بغداد وكركوك والموصل وغيرها من المدن العراقية، ستتسبب أيضا بكوارث إجتماعية، حيث تتسبب أعمال الإرهاب بزيادة أعداد الأيتام والأرامل والعوائل التي لا معيل لها وأعداد المعوقين الذين لا يملكون ثمن العلاج ومواجهة الظروف المعيشية المتردية. تكشف بما لا يقبل الجدل أن هناك ضباط كبار يضللون المالكي، ويخدعونه في كل إجتماع، ويصرفون أنظاره عن نقاط الخلل الى نقاط وهمية من قبيل المؤامرة والانقلاب والاغتيال الذي يستهدفه، وهي الطريقة التقليدية التي يستخدمها المتسلقون مع الحاكم، فيقربهم منه، ويحيط نفسه بهم، فلا يسمع إلا اصواتهم ولا يرى إلا صورهم، بينما يهمل أمن الشعب بعد أن يصدق بأن الإرهاب قد إنتهى من البلد، وأن قادة الجيش والشرطة يسيطرون على الحالة الأمنية. فضلا أن طرف آخر في إثارة ذلك الإرهاب ونموه في البلاد من خلال خطط أمنية فاشلة، وأنشغاله في صراعه مع خصمائه السياسيين تاركا الشعب العراقي في وسط نار الإرهاب والخلافات السياسية.
وأكدوا أن العراق مخترق بالارهاب من شماله لجنوبه، وقادته يتحكمون بكبار القادة وأرفع المستويات العسكرية، من خلال صفقات فساد ورشا ومصالح شخصية، والمالكي وسط هذه الجوقة من المسؤولين يعيش أوهام الأمن لوحده ويخطب بالانجازات الأمنية فلا يسمع إلا صوته وإعجاب مجموعة الضباط المخادعين.
وأشاروا إلى أن العراق في خطر، بل هو في بؤرة الأخطار، فهناك حرب طائفية تزحف عليه بلا عوائق ولا حواجز ولا إحتياطات، ولا حتى رؤية للمستقبل القريب. وماهذه التفجيرات إلا رسالة للمالكي من الإرهاب بانه لم ينته وانه يتحكم بالموعد والمكان بحرية وارتياح. وسط تخاذل القادة السياسيين وتخوفهم على مناصبهم السياسية التي مستعدون لإشعال النار بالمركب كله في سبيل الحفاظ على مناصبهم السياسية وليذهب المواطن العراقي البسيط إلى الموت.