الأسلام السياسي وسقوط العراق |
عند إستعراض حالنا وما آل له العراق من ضياع للوطن وحرمان شعبه من ثرواته بعد أن سرقت أو هدرت بأيدي الجهلة ,لا يختلف إثنان على إنَّ العراق من شماله الى جنوبه, ومن شرقه الى غربه, يعيش حالة من الذهول والضياع .كادت تفقد الأمة صوابها . وتزج بها في أتون الأحتراب والإقتتال الى ما لا نهاية. ومن خلال نظرة عامة الى ما يجري في مختلف ارجاء الوطن ، ينتابنا إحساس بأن هذه البلاد تواجه حالة من انعدام التوازن والتخبط في ظلمات الإنقسام والضياع, وغياب الرؤية الواضحة والتوجه المتزن السليم الرشيد . ومما يفاقم وطأة حالة الضياع هذه هو عدم القدرة على إستقراء واستشفاف المستقبل بشكل جلي واضحٍ ومؤكد. وتبدد الأحلام التي بنى عليها المواطن العراقي آماله في تحقيق وحدة البلاد أرضاً وشعباً. وإنقاذه من جميع آفاته ونقله من حالة التشرذم والتخلف والهلع الى حالة الحداثة ووحدة الهدف والهوية, والسعادة والسلام والرفاه. وازاء هذا الوضع المخيف الذي لم يسبق له مثيل في تاريخنا المعاصر، ولا في ماضينا السحيق، يقف العراقي حائراً متسائلاً : الى اين نحن سائرون؟ وهل فقدنا ، حكاماً وشعباً البوصلة.ولم تعد لنا خارطة طريق.بعد أن تهنا في نفق مظلم .وربما إنَّ من أسباب هذا التشاؤم ,إنه لا أمل في ألأفق لنهاية لهذه الحالة المخيفة. ولا بصيص نور في نهاية النفق. مع غياب قوى سياسية قادرة على وقف النزف والتصدي للقوى التي تنشر الإرهاب وترتكب الفظائع وتعمل على تفتيت الوطن, وتدمير حضارته وثقافته. وغياب الحوار الجاد لمناقشة الحلول , حيث طغى صوت المدافع ونيران الحرب,وإستمرار عمليات القتل والذبح , وقطع الرؤوس على الهوية. فمن أوصل العراق لحالة السقوط هذه ؟ ومن رماه متعمداً أو جاهلاً في براثن حرائق الإرهاب والفساد والضياع؟ ومن أسقط العراق؟ إنه الإسلام السياسي بألوانه الطائفية بالتأكيد . فهو من تستلم إدارة البلاد منذ سقوط بغداد الى هذه الساعة . وهو من كتب الدستور, وسن القوانين , منطلقين من مبدأ المحاصصة بإسم التوازن . نابذين مبدأ المهنية والجدارة والوطنية الصادقة. فحلَّ المنافقون والجهلة والمزورون والأدعياء والحواريون من المنتفعين محلَّ الكوادر العلمية والوطنية الكفوءة في إدارة الدولة. فألقوا بالعراق في الهاوية, وشعبه في أتون الذبح والفقر والجهل والمرض والحرمان. فهل سمعتم أن بلداً غير العراق أصبح فيه بنجرجي لا يحمل شهادة المتوسطة ولم يتلقَ أي علوم عسكرية, مقدماً في الجيش العراقي بإسم الدمج؟ ألم يكن بالأمكان منح هذا البنجرجي راتب تقاعدي وحِفظ العراق؟ وهل في هذا القرن سمعتم بمسؤول يسلح جيشه بأسلحة فاسدة وجنوده وضباطه فضائيون ؟هكذا سقطت الموصل وتكريت والأنبار وسقط العراق.والغريب والأغرب إننا لم نسمع بمقاضاةٍ للجناة .والسبب المحاصصة بين الأسلاميين السياسيين.الذين أشاعوا الطائفية وأوجروا نارها. سياسيون لبسوا عباءة الإسلام زوراً .ليخدعوا أمة الإسلام. إن الإنسان عند الله والإسلام كائن عزيزٌ لا حقير. وهو خليفة الله في أرضه. وحامل لأمانته ، وقد علمه وأمرَ الملائكة بالسجود له. فمن أباح للأسلام السياسي في العراق إحتقار الأنسان وإهدار دمه وعرضه وحقه؟؟؟ للأنسان حقُ العيش بكرامة في الدنيا .وله الجزاء في الآخرة, حسب عمله ووفق حكم الله العادل الرحمن الرحيم. إن الإنسان في نظر الإسلام كائن مسؤول عن مصيره، وعن أداء رسالة الله في العالم، وهو حامل الأمانة. فهو قد تعلم من الله الأسماءَ، والأسماءُ معناها الصحيح الحقائق العلمية المختلفة. لأن الاسم علامةُ كلِّ شيء، وماهيةُ وجوده. أي الوجه المشخص لكلِّ مفهوم، وعليه فإن الله عندما علّمَ الأسماء لآدم، ، يعني إنه مكَّنه من إدراكَ وفهمَ الحقائق العلمية والأنسانية والقابلية على فهم المعاني. وبناءً على هذا فالأنسان وبفضل تعليمه الأول من قبل الله، يتمكن من إدراك واستيعاب جميع الحقائق ، وهذه مسؤولية كبيرة. فمصير الإنسان يصنعه الإنسان بنفسه، وهذه هي الديموقراطية الإلاهية التي أرادها الله للبشر. فعلى الإنسان مسؤولية كبرى أمام الله، لأنه صاحب إرادة وإختيار, فهو مخير لا مسير.وفق المفاهيم الربانية.وحسابه في الآخرة حسب عمله الذي إختار. فهل إحترمتْ تشكيلات الأسلام السياسي العراقية بألوانها الطائفية الأنسان العراقي وقيمته.وهل تركت له خيار في إدارة بلده,كما خيره الله في أعماله؟ وهل شاورته في الأمر كما أمر الله تعالى ((وشاورهم في الأمر)).أم تريده مسيَّراً لها يحقق لها مصالحها .وترميه في الأتون كجزاء سنمار؟, بعدَ أن أعمت بصيرته بالطائفية اللعينة. كل متتبع لضياع أرض العراق وإنتصار داعش متأكد بأن من كانوا يتصدرون المسؤولية المدنية والعسكرية من زمر الإسلام السياسي, لم يكونوا مؤهلين لمثل هذه المسؤولية .وإنهم لا يفقهون شيئاً مما أُوكل لهم من مهام. بل هم أميون في السياسة وإدارة شؤون البلاد مدنياً وعسكرياً. فتسببوا بسقوط العراق . إنها الأحزاب وكتل الأسلام السياسي الطائفية كافة دون إستثناء. لقد تقاسموا الوطن وثرواته قسمةَ الغنيمة . و كان همهم السلطة والمال . فخربوا البلاد وضيعوها. وأهانوا العباد حتى بيعت حرائر العراق بسوق النخاسة . فلنقلها صريحة لهم :أنتم من أسقط العراق وأهنتم العباد. فإتقوا الله وإتركوا الشعب يقرر مصيره .ويُصلِح ما أفسدتم من أمر. |