عام المالكي الكئيب


من على الجسر الخشبي الضيق، في قضاء الضلوعية، مر السيد العبادي نحو بوابة السنة الجديدة.. هذه الخطوات الثقيلة، وابتسامته امام وسائل الاعلام لها دلالات رمزية مهمة بالنسبة للعراقيين.

فبعد انتصارات السعدية وجلولاء، وتوقيع الاتفاق النفطي مع حكومة اقليم كوردستان، الذي سهل عملية تحرير سنجار، اتضح ان السيد العبادي قد نجح في اشهره الاولى بتنظيف طريق المصالحة الوطنية من مخلفات عام المالكي الكئيب، عام 2014.

ففي ذلك العام الاسود، الذي ودعناه عند جسر الضلوعية، تسببت سياسات المالكي وتخبطه وقلة كفاءته بتشرد اكثر من مليوني مواطن، وسقوط اكثر من 15 الف ضحية، حسب الاحصائيات الرسمية لضحايا الارهاب، وهو الرقم القياسي الاول في تاريخ الدولة العراقية.. ولولا همة العراقيين وتطوع الملايين للدفاع عن مدنهم، لاجتاحت قطعات التتار كل المناطق العراقية، ونهشوا مدنها من على ظهور بيكاباتهم المتربة، وكانهم صنف جديد من الكائنات شديدة الافتراس.

في عام المالكي الكئيب، حين استأثر لنفسه بمنصب رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وزير الداخلية، وزير الامن الوطني، والقائد العام للقوات المسلحة، كانت مجاميع قطاع الطرق تمرح لاشهر في الاراضي العراقية، تتدرب، تتنقل بمعداتها، تحتل البلدات والقصبات الصغيرة، دون ان يشم المالكي رائحة غريبة.

وفي مسيرة قطعات داعش الاخيرة، من الفلوجة الى سامراء، ومهاجمتها المدينة، ثم الى الموصل في اقصى الشمال، لم ينتبه رئيس الوزراء، وكأنه يعيش في عالم اخر.. حتى تبين انه تفاجأ جدا عندما هاجم الارهابيون مدينة الموصل، وتركت قطعاته الفارة لهم افضل واحدث الاسلحة والمعدات التي يمتلكها الجيش، فقدم لاعداء العراق خدمة فشل صدام حسين من قبل في تقديمها.

ولعل العذر الطريف، الذي يتخذه المالكي، ومجموعة الكتاب الذين جندهم لتبرير فشله، الذي يقول ان السبب هو ان السيد البارزاني، ومحافظ نينوى اثيل النجيفي لم يخبراه بتحركات داعش، هو النكتة الاكثر بؤسا وكابة في تاريخ العراق الحديث.. فمن هو الذي يجب ان يخبر من؟ على ضوء المناصب التي يشغلها الرجلان.. المالكي ام البارزاني؟ 

انقضى عام المالكي الكئيب، عن ثلاثة ارقام قياسية في تاريخ العراق.. الاول هو احتلال اكبر مساحة من العراق بيد لصوص وقطاع الطرق، داعش، والثاني هو اكبر عدد من المهجرين، والثالث هو اكبر عدد من ضحايا الارهاب...

ومن هنا فان مهمة تنظيف العراق، من نفايات عهد المالكي، الملقاة على عاتق السيد العبادي، كانت تعتبر من اصعب المهام في تاريخ العراق الحديث، للحد الذي كان يسخر فيه بعض المحللين من قرار الاخير بقبول مهمة رئاسة الوزارة العراقية، بعد المالكي!

لكل هذا، فان خطوات السيد العبادي، يوم الثلاثاء الماضي، على خشبات جسر الضلوعية، اكتسبت اهمية رمزية للعراقيين، وبعثت الامل في الدخول لسنة هادئة، او على اقل تقدير، اقل قسوة من العام الذي سيذكره التاريخ، على انه عام المالكي الكئيب.