الشاعرُ (ساحل فرزان ) وإغتصابُ زوجته(1) |
السينما العالمية أنتجت لنا فلما رائعا , فلما نابعا من صلب الأنظمة الراديكالية المقيتة , الأنظمة التي تمارس الأضطهاد والشوفينية والقتل والأجرام بحق شعوبها بأسم عدالة السماء. الفلم إتخذ ديوان الشاعر الإيراني الكردي الشاب ساحل فرزان ( موسم وحيد القرن) عنوانا للفلم . يتناول الفلم حياة الشاعر ( ساحل فرزان) وكيفية إغتصاب زوجته المدعوّة ( منـّة) في السجون الإيرانية . وقد جسد شخصيته في الفلم الممثل الإيراني البارع ( بهروز وثوقي) , وجسدت شخصية زوجته ( منّة) الممثلة الباهرة و البارعة التي إشتهرت بأدوار الإغراء والتعري والتي شاهدناها في سلسلة أفلام ( ماتريكس) ,الإيطالية الشهيرة والجميلة ( مونيكا بيلوتشي) . يشترك في التمثيل كل من الممثل التركي( يلماز أردوغان) والنجمة التركية ( بيرني سات) , أما مخرج الفلم والسيناريست فهو ( بهمان غوبادي) . الفلم من البداية حتى النهاية إتخذ اللون الرمادي , هذا اللون الذي يوحي لنا بالإنتكاسة والحزن والموت ,علاوة ًعلى موجات الغبار الرمادية التي تشكل الغمامة التي تجعل منا لانرى حياتنا بشكلها الصحيح , بل نجد أيامنا تخفي وراءها الكثير من العقبات والأماني التي تتكسر أمام عثرات الحياة . يستعرض لنا الفلم الحقبة الزمنية قبل مجئ الثورة الإسلامية بأيام قلائل في عام 1979 , حيث كان الزوج والزوجة (ساحل فرزان ومنّة) , يعيشون في أجمل حياة رومانسية عذبة , حياة بين شاعر مغرم وزوجة في غاية الجمال , الحب هو السائد بين الطرفين , وحينما ننظر الى وجوه الحبيبين يعترينا الإنتشاء الذاتي والمخملي من جراء العلاقة الحميمية والعاطفية الصرفة التي لايمكن لها أنْ تتفكك تحت أي ظرف عائلي أو سببٍ تخلقه التفاصيل الصغيرة التي غالبا ماتنشأ بين الزوج والزوجة , بالمختصر أنها الحياة المثالية التي يُحسدون عليها . الزوج والزوجة كان لهما سائق وهو ( أكبر رضاي) , مهووس جنسي ,ملتحي كما لحى هذه الأيام , اللحى التي تشيرالى الدجل والضغينة والإلتواءات في كافة التصرفات , والى السرقات بكافة أنواعها ومن ضمنها سرقات القلوب ,كما حصل مع هذا السائق ( أكبر رضاي) الذي أراد سرقة قلب الزوجة( مّنة) بالأكراه والقوّة كمال نرى لاحقاً في أحداث الفلم . هذا السائق كان يجولَ بهم حيث يشاؤون , من البيت الى العمل وبالعكس والى التسوق والى جميع ماتتطلّبه الحياة من أمكنة للراحة والإستجمام . السائق ( أكبر رضاي) , في خلوته كان دائم التفكير ب( منّة) , ينظر لها نظرات غريبة , وإذا مانسيتْ شيئا من أشياءها فأنه يقوم بتقبيل هذا الشئ بشكل يثير الإستغراب, يثير فينا الخوف بدل الحب , يستفز فينا أحاسيسنا التي تجعل منا أنْ نشك في تصرفاته الغريبة التي سوف تفعل شيئا غريبا حتما في المشاهد التالية من الفلم , بالضبط حينما نرى بندقية في فيلم معلقة في الحائط , فأننا حتما سوف نسمع صوت أزيز اطلاقاتها في المشهد التالي من الفلم . أكبر رضاي هو الشخص الذي يحمل من الشر الرهيب في داخله الذي لايظهره , بل كان كامنا مخفيا حتى إنفجر في لحظة يائسة , حيث في يوم وهو يقوم بتوصيلهم كالمعتاد , وصل الزوج ( ساحل فرزان) الى عمله وغادر السيارة , وبقيت زوجته على أمل انْ يوصلها السائق ( أكبر رضاي) الى المكان المرسوم له , فبدلاً من ذلك إنحرف ( أكبر رضاي) الى طريق مجهول وهناك تصرخ به الزوجة ( منّة) وتجبره على الوقوف , وأمتثل هو الى الأمر وتوقف برهة من الزمن في طريق موحش , وأفصح لها عن مافي دواخله الشريرة , وقال لها ( أنا أحبكِ يامنّة) أنا أريد أن أموت في سبيلك أنا أتعذب يامنة, يبكي ويقول لها ( إرحميني , إرحميني) يقول هذه الكلمات بطريقةٍ شهوانيةٍ تكشف عن الهوس الجنسي الذي بداخله , لكنها الفتاة العفيفة الشجاعة التي تحب زوجها حتى الموت , تزجره وتطلب منه أنْ يرجع بها الى المكان المقصود , فيمتثل لطلبها وهو منكسرا مهزوما ويجر أذيال خيبته وأشراره وحقده وأمراضه التي لايحملها سوى القليلين أمثاله . أنه الشخص المستعد للجريمة في سبيل قبلة واحدة من إمرأة , أو لربما ضجعة واحدة من ماعز . بعد هذه الأحداث تدور بنا الكاميرا فنعرف أنّ الوقت هو وقت الثورة الإسلامية في إيران والإنتفاضة الشعبية الإيرانية ضد الشاه ثم حكم الخميني . السائق ( أكبر رضاي) ومن سخريات السياسة وألاعيب رجال الدين أصبح من كبار رجال الساسة والحرس الثوري في أيام الخميني , ثم أصبح مديراً لأحد السجون الإيرانية التي زج فيها الكثير من المناضلين التقدميين واليساريين بتهمة الكفر والزندقة . يقوم ( أكبر رضاي) بتدبير مكيدة للشاعر ساحل فرزان ويرسل له مفرزة من الجلاوزة المجرمين و قبضوا عليه وهو في داره مع زوجته , دبّر له هذه التهمة لكي يخلو له الجو مع ( منّة) التي كان يريدها لنفسه مهما كانت الأسباب ومهما كان الثمن حتى لو إرتكب جريمة نكراء بحق الزوج وزوجته , ولم يكتفِ السائق( أكبر رضاي) بذلك , فلما وجد ( منّة) لم ترضَ به رغم مافعل بزوجها , زج بها هي الأخرى في السجن مع زوجها وذلك عن طريق توجيه التهمة لأبيها الذي كان أحد الضباط الكبار في زمن الشاه . يحاكم ( الشاعر ساحل فرزان) محاكمة صورية كاذبة على إعتباره أحد المعارضين الذين كتبوا أشعارا سياسية ضد الخميني وبأنه الكردي السني المذهب, ويُحكم ظلما هذا الشاعر المرموق والذي لم يكتب شعرا سياسيا في حياته على الإطلاق , بل كان شاعرا وجدانيا شفيفا محبا لكل مايدور حوله . يُحكم ( ساحل فرزان) لمدة ثلاثون عام ( 1979ـ 2009) بتهمة الكفر والزندقة والعمل على إسقاط الثورة الإسلامية , وتحكم زوجته ( منّة) عشرة سنوات بصفتها الشيعية المتآمرة على نظام الحكم الإسلامي مع زوجها ( ساحل فرزان ) الكردي السني . هذه القصة تذكرني بتلك الرواية العالمية التي كنا نقرؤها في السبعينيات ( للحب وقت وللموت وقت) وكيف يقوم شرطي مجرم بتدبير تهمة لأحد الأشخاص( بطل الرواية) التي تؤدي به الى السجن مدى الحياة في السجون النازية , لالشئ سوى أنه كانت له زوجة جميلة تعلّق بها الشرطي المجرم هذا,ولكي يخلو الجو له مع الزوجة المسكينة التي تحب زوجها حبا جما , فقام بتلفيق تلك التهمة له , ومثلما يقول المثل المصري ( ياما في الحبس مظاليم ). في السجن ( ساحل فرزان وزوجته منةّ) يَرون أقسى انواع التعذيب , وفي يوم تقدمت الزوجة (منة) بطلب الى مسؤولي السجن بغية أن ترى زوجها ( ساحل) المسجون معها في نفس السجن , فيلبى لها طلبها , ولكنّ الجلاوزة إشترطوا عليها شرطا قبيحا يحمل في طياته مآرب أخرى دنيئة لايفكر بها سوى المصابين بداء الشذوذ الجنسي . الشرط هو أنْ يضعوا على كل رأس منهم( هي وزوجها) كيس من القماش الأسود ولايسمح لهم بالكلام , مجرد لمس وعناق . فتبين بعد ذلك أنّ هذا اللقاء هو أحد المكائد الأخرى التي صنعها ( السائق سابقا أكبر رضاي) صاحب اللحية الطويلة وأحد أفراد الحرس الثوري ومدير السجن اليوم . يلتقي الحبيبان اللذان مرّ على فراقهم الكثير من السنوات الصعبة والمرة , يلتقيان في بادئ الأمر بدون الكيس القماشي الأسود لمدة ثواني , لأجل أنْ يرى كل منهما وجه الثاني , الإثنان تيقنا من صحة وسلامة كليهما , وهاهم يلتقيان بعد فراق طويل , كتب عليهم القدر ونذالة هؤلاء السفلة والنظام الثيوقراطي الديني الحقود أن يعيشوا بأحلك الظروف , وتسلب حريتهم وأحلامهم ويسرقوا من بين أهاليهم وذويهم ويغيبّوا في ظلمة هذه السجون ظلما وعدوانا . الجلادون يضعوا الكيسين الأسودين فوق رأس كل منهم , ويتركوهم في باحة السجن الظلماء الرهيبة , وبدون أي كلام , يمارسان العملية الجنسية بشوق رهيب , عملية جنسية بعد عطشٍ دام دهراً طويلاً جداً , ولقد برعت الممثلة (مونيكا بلوتشي) في تجسيد الدور الذي يتطلب التعري الكامل والذي يكشف عن جمالات الجسد الذي كان يحلم أن يلمسه ( أكبر رضاي) , وبعد أن يكملوا عمليتهم الجنسية ولازالوا في عناقهم الشديد , وفي الذروة , يدخل الجلاّدون عليهم ويفصلون الزوج عنها, ثم يدخل ( اكبر رضاي ) فجأة ومازالت الزوجة نائمة بوضعية التعري والكيس فوق رأسها , يدخل ( أكبر رضاي)وهو يرتدي كيساً أسوداً فوق رأٍسه ايضا , يدخل على الزوجة التي لاتزال عارية وبوضعية النكاح وبدون اي كلام وبدون أن تعرف الزوجة وكأنه لايزال زوجها فوقها , المخرج كان بارعا وذكيا في صنع هذا المشهد الرهيب وهذه الجريمة النكراء التي ارتكبت من قبل المهووس الجنسي( أكبر رضاي) مدير السجن و رجل الدين التقي الورع . يتعرّى ( أكبر رضاي) إستعدادا لتحقيق حلمه وتفريغ شهوته وينام فوقها ويدخل عضوه في عضوها ويغتصبها بعملية وحشية قذرة , لم نشاهد لها مثيل سوى ذلك الإغتصاب الذي قام به أحد الرهبان في كنيسة من كنائس أوربا مع إمرأة متوفاة للتو وجاءوا بها لغرض الدفن . ثم يعطينا المخرج لقطة أخرى في غاية الألم والحرقة , هي انّ الزوجة بعد هنيهةٍ قد شعرت بأنّ الذي يمارس الجنس معها ليس زوجها في هذه الأثناء , وإنما مغتصِبا مجرما أراد أن يبث سمومه في أحشاءها البريئة والنظيفة الطاهرة , أراد أن يكمل جريمته هنا في السجن , جريمة النكاح التي لم يستطع الحصول عليها من إمرأة شجاعة وعفيفة وهي خارج أسوار سجن رجالات الدين . هذا الإغتصاب يؤدي الى أن تنجب (منّة ) توأمين , ولانعرف الى من يعودوا في الإبوة , لأنّ السائلين المنويين لكل من ( الزوج ساحل فرزان والمغتصب أكبر رضاي) قد أختلطا في نفس اللحظة.
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع في الجزء الثاني
|