كل عام، ومع اقتراب اعياد الميلاد والسنة الجديدة، تحرص زوجتي على أضفاء عالم بهيج من الزينة في البيت. هذا العام، لم يكن هناك اي شيء من هذا. كانت تشعر بالاسى لحال الاف العوائل من مناطق غرب الوطن وكردستان النازحين نتيجة الاحداث، والذين يعيشون ظروفا قاسية، فوجدت من الصعوبة الشعور بمباهج الفرح وغيرها يعاني من الحرمان والتشرد وعدم الامان. كان لي وجهة نظر اخرى، وانتقل سجالنا، الى بيت صديقي الصدوق أبو سكينة، ونحن نقوم بزيارتهم لنهنىء بقدوم العام الجديد. وافقني جليل الرأي: صحيح ان العام الماضي جلب العديد من المآسي والحزن، ولكن لا يمكن الوقوف بوجه مسيرة الحياة، ونكون اسرى الحزن، فكيف نستطيع بناء المستقبل ان لم نترك مكانا للفرح في حياتنا؟ ان الاعياد علامة لاستمرار الحياة. قلت بروح متفائلة: ان الهزائم التي لحقت بالمجرمين الارهابيين ليس قليلة، فالمئات منهم فطسوا مؤخرا على ايدي الابطال من القوات الامنية والبيشمه ركة والحشد الشعبي، وهذا باب للفرح، فلنتفاءل باقتراب نهاية هذه العصابات المجرمة، وان يكون العام الجديد فيه اشراقة لحياة افضل. أكد جليل: ان بغداد شهدت احتفالات باشكال مختلفة، بل وكانت هناك اشجار الميلاد في بعض الاسواق، يحلق الناس حولها فرحا يلتقطون الصور التذكارية، هذا يعكس تشبث الناس بالحياة رغم جميع المآسي. قالت زوجتي: تتحدثون وكأني لا احب الفرح والحياة، انا فقط حاولت التعبير عن تضامني مع هذه العوائل المنكوبة وحياتهم في ظل وضع معيشي صعب، واتمنى ان العام الجديد يشهد تحسنا في اوضاعهم. قلت : شخصيا اتمنى في العام الجديد ان تتوسع وتتعزز القناعة عند قيادات الدولة بأن استمرار المحاصصة الطائفية والاثنية جريمة بحق الشعب، فهي آس البلاء في كل ما يحصل . قالت سكينة: شخصيا لي امنيات عديدة، الى جانب الامان وما له علاقة بحياة الناس اليومية، فشخصيا اتمنى جدا ان العام الجديد يشهد حملة جادة لتنظيف بغداد من اكوام النفايات التي صارت مشكلة بيئية خطيرة وحولت العاصمة بكل بهاء تأريخها الى مكب نفايات كبير. سعل ابو سكينة ومط رقبته، وكان طوال الوقت هو وابو جليل صامتين يتابعان احاديثنا فقال ضاحكا: هزيمة داعش ممكنة على يد القوات الامنية الباسلة، لكن نظافة بغداد، هذه معركة تحتاج لمعجزات هرقل بلحمه وشحمه. والتفت ألي سائلا: بروح والديك هرقل كان شكله حلو؟! وابو سكينة هنا يذكرنا بما تفيد به الاساطير اليونانية عن البطل الاسطوري هرقل، الذي توجب عليه أنجاز اثني عشر عملا مستحيلا، احدها كان عمليه تنظيف حظائر الملك أوجيوس التي كانت شديدة القذارة والاهمال ، فتمكن من ذلك وفعله في يوم واحد !
|