بمثل هذا اليوم من زمن تسابق مع الريح ولد الهدى , كانت ولادة ليست كالولادة الأخرى , أنها ولادة البشارة التي إرتفعت فيها أصوات الملائكة لتحي الأرض بولادة رسول الأمة فتملء السماء تهليلا وتكبيرا , هكذا شاء الله للأرض أن تتشرف , وللحياة الدنيوية أن تتجمل , وعلى قدر هذا الحدث كان رهبان النصارى وجهابذة اليهود يرتجفون خوفا , فقد جاء ما تحدثت به كتبهم , غير أن التعصب ألجم الكثير منهم ليضللوا على سكان الجزيرة العربية أهمية الحدث . لقد كانت الأرض العربية على وعورتها تزدحم بكم من أديان وأوثان تراكمت بثلثمائة وخمس وثلاثين صنا , بمعدل صنم لكل يوم , وكانت وفودالبيت الحرام مع كل سنة تأخذ للأرجاء القصية بعضا من أحجار مكة لتكون هي الأخرى أصناما يؤمها الناس تبركا ولو من بعيد بالأصنام الأمهات المتربعة في البيت , والمشكلة حجما ماديا والجاثمة على الصدور فكرا نفسيا . لم يكن الله سبحانه مانحا محمدا كما وهب النبوة لموسى وعيسى عليها السلام , لقد تجلى الله لموسى بغتة , ليقول له إخلع نعليك إنك في الوادي المقدس طوى , ونزَّل بركاته عل الأم التي حملت أحشاءها نور الله عيسى برطب فيه من طعم الجنة وريحها . لذا تعتبر ولادة النبيين ولادة أرسترقراطية بمفهوم اليوم , أما الولادة المحمدية فقدت كانت ولادة اليتم من إم فقدت الزوج الشاب لذلك خلا البيت إلا من الأعمام والأخوال غير أن الدنيا بسمواتها السبع وأرضها الشاسعة الواسعة إستشعرت يوما غير باقي الأيام بل إمتد التأثير إلى العراق فجعل في بحيرة ساوه حدثا , وفي بلاد فارس إهتزت الأركان الفارسية بما يشبه الهزة الأرضية , ومن يدري ربما لم يخلو مَعلم من تأثير لحظة الولادة المباركة في مشارق الأرض ومغاربها من حدث الإستشعار بالوليد الجديد , يكفي أن نوره أضاء السماء بنور لم تعهده وجعل للنهار إشراق جديد . لتتلاقى بعد ذلك جملة من العوامل كي تبلور النبوة وترفع الذات المحمدية من حالة الآدمية لحالة القدسية المبجلة , لقد ناضل محمدا سني شبابه وباكورة حياته وبمعدل يومي بين البيت والبيت الحرام وغار حراء , فكان في نظر أهل مكة رجل دعوة وصاحب قضية , وعلى الطرف الإجتماعي تشابكت إرادة خديجة بنت خويلد لتمد صاحب الأمل بكل وقتها وثروتها , مع وقوف أبي طالب بوجه التجبر السفياني والجاهلية المتعصبة , كانوا ينظرون إليه نظرة مغتصيب للثراء والجاه وليس نظرة رسول ودعوة . لهذا وقفوا بعنف بقدر الإصرار الذي غزا قلوب المستضعفين , لقد كان الصراع بين إرادة المغلوبين وإرادة المغتصبين كانوا يريدوها حياة جاهلية وهو يريدها حياة إنسانية . فإنتصرت عزلة محمد في غار حراء بنضال خمس وعشرين سنة متفكرا بالخالق والمخلوبق ليجعل من جاهلية العرب دولة تسارعت المجتمعات القربية والبعيدة لتوثق علاقتها بها . وعلى قدر الإنتشار كانت محاولات التحجيم , لقد مر التاريخ الإسلامي بالكثير من حالات التصدي لكنه كان الأقوى , واليوم يعاني من ظاهرة التطرف , وولادة التكفيرين بإسم الجهاد والذود عن الدين , إن سماحة الدين المحمدي تُشوه من قبل الحركات التكفيرية والجهادية والمتعصبة , ولعل ذلك هو الداء الأخطر . يوم ولادتك بدل ان توضع شموع وبخور وإنارة يذبحون الناس بإسمك , ليبثوا للديانات الأخرى والمجتمع غير الإسلامي أن صورة الدين الحقيقي هذه . وملايين المشردين بلا مأوى , إنها الدعوة المريبة والمحاولة التي وضعت فواصل بل تقاطعات مع الآخرين بحجة إحياء سنتك
|