خطاب الوزير بين القول والفعل


افتتح مهرجان الجواهري الحادي عشر في نهاية العام الماضي في بغداد،بحضور وزير الثقافة العراقي الجديد فرياد راوندوزي وكان لحضوره وقع طيب على الأدباء واتحادهم من جهة وعلى مجمل المهرجان من جهة أخرى. .خاصة بعد القطيعة الطويلة بين الوزارة وعموم الوسط الثقافي ، تلك القطيعة التي كانت السمة البارزة في المرحلة السابقة.
وفي كلمته التي القاها في المهرجان بدأ الوزير حديثه بالإشارة إلى أنه ابن هذا الوسط  ويعتبر نفسه "الموظف الاول" في وزارة الثقافة ( لاحظ دقة التعبير اذ لم يقل بصفتي وزيرا أو مسؤولا ارأس بل قال الموظف الأول وهو قول فيه الكثير من التواضع ) فانه سيجعل أبواب وزارته مشرعة للموظفين وللمواطنين على حد سواء..وفعلا تم تحديد كل خميس للمقابلات، ولو أن تحديد وقت المقابلة بخمس دقائق لا يكفي للعديد من الحالات، لأنها، أقصد الدقائق الخمس، تخلص بالبسملة وبتحايا المجاملات! ولذا انا مع تقليص عدد المقابلات مع زيادة وقت المقابلة إن تطلب الامر.
ثم تحدث راوندوزي عن شحة التخصيصات المالية والتي تنعكس سلبا على امكانية دعم النشاطات الثقافية خارج أسوار الوزارة، التي لا يقع على عاتقها لوحدها المطالبة بزيادة حصة الوزارة من الموازنة المالية المقبلة، بل هي أيضا مسؤولية الأدباء والمثقفين والفنانين المنضوين تحت خيمة الاتحادات والنقابات أو خارجها، والمطالبين بتنظيم تظاهرات مطلبية من أجل تلك الزيادة والا سيبقى الحال كما عليه بالرغم من المبادرات الإيجابية للوزير الجديد!
أما القضية الأخرى التي طرحها الوزير في كلمته فهو تأكيده على عدم وجود ثقافة من دون الإتحادات والجمعيات الثقافية ،وهي حقيقة ماثلة للعيان، إذا أن خيرة الأدباء والمثقفين هم أبناء تلك التجمعات بما فيهم الوزير نفسه، ولكي نتوخى الصدق بالتطبيق فعلى الوزارة ان تشرك عددا من اعضاء هذه الاتحادات والجمعيات الثقافية بمجلس استشاري يقدم المعونة الحقيقية للوزارة، خارج المحاصصات السياسية والحزبوية الضيقة، كما لابد من مشاركة الادباء والفنانين من خارج الوزارة بالفعاليات الادبية والفنية التي تجري خارج الوطن..وهذا يعني مد جسور جديدة بين الطرفين، من أجل إنهاء حالات الصراع على هذا النشاط أو ذاك ، بغية الوصول لنتيجة يتمناها الجميع وهي أن كل الجهود المبذولة سواء من قبل الوزارة أو الاتحادات والجمعيات وبقية الأدباء والمثقفين هو من أجل إعلاء شأن الثقافة العراقية التي تشكل مفخرة كبيرة في الوسط العربي والدولي على حد سواء، فاسماء مثل الجواهري والسياب ومظفر النواب وجواد سليم ومنير وجميل بشير وفائق حسن ومصطفى جواد وفاضل ثامر والفريد سمعان وغيرهم مدعاة للفخر بأنهم ينتسبون للثقافة العراقية..
نحن نعلم والوزير يعلم والمعنيون يعلمون بأن وزارة الثقافة لا تخلو من الفساد حالها حال معظم الوزارات. وليس بيننا من يمتلك عصا موسى لينظف كل شيء. ولكن رويدا رويدا وقطرة قطرة يتشكل التيار الجارف لبؤر الفساد. ونتمنى، وما أكثر الأماني في عام 2015، أن تكون وزارة الثقافة سباقة بهذا المجال حتى تصبح مضربا للامثال لأن عدة الوزارة هي صفوة القوم من مثقفين وأدباء وفنانين نذروا حياتهم من أجل خدمة شعبهم.  واخيرا نتمنى صادقين أن يكون الوزير،كما عهدناه، حذرا من الكرسي والسلطة و (دواليبها)!