تدارس المفكرون الطامحون في التغيير، والانقلابيون على التغيير، مستلزمات التغيير بقوة العمل الجماهيري، وكانت الخلاصة ان التغيير يبدأ في “تجميع” افكار الاخفاقات للوضع القائم، بعدها التحريك لـ”الانتصار” للانموذج الافضل، وهكذا كانت الدعاية والتحريك فن نشاط سياسي يتصدره مفكرون واعلاميون وهتافون حتى من امثال بائع “عيني..عيني شوف ما حل بي” (وليس المحلبي المعروف من الحليب والسكر). ويتندر ساخرون بان الفريق الركن عبد الكريم قاسم اسقطته زيادة سعر البنزين خمسة فلوس فقط، الى 15 فلساً، فكان اضراب سواق سيارات الاجرة، تلاه اضراب الطلبة الذي وُقتَّ زمن انقلاب 8 شباط الاسود بعده بساعات قليلة. صحيح ان بعض الناس استكانوا لانهم حصلوا على بعض الامتيازات، والبعض الآخر يعيشون تحت وطاة التهجير، فيما البعض الاخر يعاني من بطالة، فيما الجميع، حتى متوسطي الحال من شريحة الموظفين يعانون من ارتفاع الاسعار وتدني الخدمات، التي اعتادوا الحصول عليها من الدولة مقابل بطاقة بـ250 فلساً. وتوصيف الحال لم يعد بحاجة الى “الدعاة” والمحركين، فان القرية العالمية الصغيرة من خلال (النت) بالصورة والصوت، سواء عبر الحواسيب او المحمول، باتت في مجتمعنا في كل بيت، وتكاد تكون في متناول شخصي لكل فرد، وليس صحيفة او منشور لكل عائلة، والداعية والمحرك لم يعودا اشخاصاً محددين، هم اليوم جمع غفير من الشبان والشابات والشيوخ والنساء المتذمرين لاسباب متعددة، لكنهم جميعاً يتعاونون على رسم صورة تستدعي التحريض والدعوة للتحرك. الاستاذ الفنان حسين الابراهيمي من محافظة كربلاء نشر على (النت) فيديو يبين كيف ان السبورة في بعض البلدان اصبحت جهاز كومبيوتر يتغير ما يعرضه متناغماً مع ما يطرحه المعلم او المدرس او الاستاذ الجامعي، والتلاميذ والطلاب والجامعيون يتابعون وامامهم حواسيب تمكنهم من تحري الجميع. فيما قدم لنا ناشط آخر اظنه السيد حسن الحجاج الناشط الديمقراطي صورة للتلاميذ وهم يحاولون الوصول الى مدارسهم متسلقين الحيطان تجنباً لسيل المياه التي اغرق البصرة في الامطار الاخيرة. هذه كلها صور ابلغ من اية مقولات، خصوصاً عندما تكملها صورة احتلال داعش لمدن وقصبات وقرى مهمة وقتلهم اطياف اصيلة والعودة الى عصر السبي وسوق النخاسة. صحيح ان السيد رئيس الوزراء، بدعم كبير من الرئاستين الاخريين، يتحرك لمعالج مشكلات موروثة، لكن موت 1500 طفل من البرد والجوع، وبقاء محاصرين في جبل سنجار، و”كارثة” انخفاض اسعار النفط، لا يمكن لها الانتظار كثيراً، فعلى الرئاسات الثلاث ابتكار خطوات عاجلة، دستورية وقانونية، لمعالجة الكثير. والاصل ليس “اجتثاث” مدارس الطين، او توفير ما يليق بابنائنا الدارسين، فهذا كله جانب، لكن الجانب الاكثر تحريكاً ضد السلطات القائمة هو بذخ بعض المسؤولين في كل شيء، وفساد مفضوح لاخرين. الثقة بشخصيات الرئاسات الثلاث كبيرة، لكن الخشية كثرة اللجان والاجتماعات والتنظير، فيقطعنا الوقت وننزلق الى “ربيع مأساوي” نتيجة فقدان المواطنين الثقة والامل!
|