علهوب الهوب ...مافي ظلم النوب !!
في عام 1928 اصدرت القيادة العليا للانتداب الفرنسي في لبنان أمرا يقضي بوجوب ارتداء القضاة والمحامين للروب الاسود اثناء المرافعات وفي صبيحة احد الايام دخل  الى قاعة المحكمة الشاعر الشعبي ، عمر الزعني، وكان القضاة والمحامون جميعهم قد ارتدوا الروب الاسود، فوقف الزعني في باحة المحكمة وارتجل ابياتا من الشعر الشعبي قال فيها:
علهوب  الهوب الهوب    والقاضي لابس الروب
والحق اخذ مجـــراه    ومــا في ظلم النوب
فصفق القضاة والمحامون اعجابا بما قاله ، لأن ابياته الساخرة تلك ،  داعبت مشاعرهم واحاسيسهم الوطنية واختزلت المعاناة اللبنانية في ظل الاحتلال الفرنسي ، ببيتين من الشعر لا اكثر.
و ببيتين مماثلين سخر الاديب الكويتي خالد العدساني ، الذي تخرج في كلية الامام الاعظم ببغداد، في الثلث الاول من القرن العشرين ، ولبس العمامة وتدرج في السياسة والتجارة ، حتى اصبح وزيرا للتجارة والصناعة في الكويت.
حيث لخص رأيه بوزارة العدل في بلاده  ببيتين ما  زالا ماثلين في الاذهان ، قال فيهما ساخرا:
 قالوا الوزارة ان المجد رافقها              والامر والنهي جزء من مزاياها          
قلت الوزارة ذل لا فكاك له                 والقيد والرق بعض من بلاياها

وبإسقاط  معاصر على الواقع العراقي ،  تفاعلت وبسرعة غير مسبوقة  الأنباء   التي تحدثت  عن ان  رئيس مجلس القضاء الاعلى  العراقي ، مدحت المحمود،  تلقى  اشعارا  لأنهاء القضايا المرفوعة ضد وزير المالية السابق ، رافع العيساوي،  وتبييض صفحته القضائية  بعلم رئيس مجلس الوزراء ، حيدر العبادي ،  تمهيدا لإعادة انتاجه  على وفق سيناريو يمهد  لتغييرات مرتقبة في المشهد السياسي ويعجل من المصالحة الوطنية ، لتتبعها بسويعات  انباء اكثر سخونة  تحدثت عن   ابرام اتفاق سياسي وبوساطة  سفارات  اجنبية  وعربية امدت من بغداد الى  كردستان يقضي بإسقاط احكام الاعدام الصادرة بحق  نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي ووزير المالية في الحكومة السابقة رافع العيساوي والقيادي في جبهة التوافق عدنان الدليمي والنائب السابق عبد الناصر الجنابي فيما استثنت  النائب السابق محمد الدايني على خلفية  معارضة اكثر من طرف لشموله بعفو او اقرار يسقط الاحكام  الصادرة بحقه على حد وصفها .
 وهنا يبرز سؤال منطقي وحساس بعيدا عن نظرتنا الشخصية  مع او بالضد من الخطوات الآنفة يتلخص بمحورين لا ثالث  لهما ،  الأول ، ان كان المتهمون متورطون فعلا وبالأدلة الملموسة وبشهادة  الشهود العدل وليس الـ " تيك أوي "   بما أدينوا به من جرائم  فمن العار تبرئتهم في هذه الحالة ولأي سبب كان ،وتحت اي ظرف كان ،  اما الثاني فأذا كان هؤلاء أبرياء فعلا مما نسب اليهم من تهم مع ما تحملوه من غربة ومطاردة وتهجم  وتشهير ومصادرة اموال  وممتلكات منقولة وغير منقولة فهذا يدل على ان القضاء العراقي ليس مسيسا فحسب بل ومشترك في الفساد السياسي حتى النخاع ايضا وفي كلا الحالتين فأن  المصاب جلل  جلل جلل يصدق فيه قول الزعني
 
 عالهوب الهوب الهوب    والقاضي لابس الروب
والحق اخذ مجـــراه    ومــا في ظلم النوب