أجدد انتمائي

شرفني المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بتكليفي بإلقاء كلمة الحزب في احتفالات استذكار كفاح الشيوعيين في هور الغموكة، ونضالهم وتضحياتهم الجسيمة في الأهوار عامة وفي ناحية الدواية التابعة لقضاء الشطرة، التي أصبحت الآن قضاءً، فانصرفت الى قراءة كل ما كتب عن نشاط الشيوعيين في تلك المنطقة، كما حرصت على مشاركة رفاقي في الجولة الميدانية التي طافت في عدد من المواقع، التي كانت مسارح للمعارك التي خاضها الشيوعيين، وقد تولد عندي إثر ذلك عدد من الانطباعات:
- حولت الأنظمة المستبدة المبادة منطقة الاهوار واريافها الى منفى للمعلمين الشيوعيين، وكان من بين النتائج الايجابية لاجراءات النفي التعسفية تلك، ان ارتفعت نسبة نجاح التلاميذ من ابناء المنطقة، حيث كان المعلمون الشيوعيون يبذلون جهودا استثنائية في تعليم الاجيال الجديدة، الى جانب بناء وعي وطني ديمقراطي. كما انهم اسهموا في بناء تنظيمات الحزب هناك، وشاركوا في كفاح الفلاحين ضد ظلم الإقطاع وجشعه. وكل هذا، وغيره، جعل صورة الشيوعي في اعين الأهالي الذين التقيناهم ، صورة الانسان المضحي المعطاء، المكافح من اجل خير الناس ومصالحهم.
- اللافت هو تعدد وسعة المعارك والمواجهات التي دارت هناك بين الشيوعيين والفلاحين من جهة وبين الحكومة والإقطاع من جهة أخرى، فالمعركة البطولية التي خاضها الرفيق الشهيد خالد احمد زكي وصحبه البواسل، لم تكن المعركة الوحيدة التي دارت رحاها، بل هناك معارك عديدة، وشهداء كثر لم تستوعب كلمتي الموجزة الاشارة اليهم، وهي كلمة مناسبة، وتمنيت ان يتم تدوين تلك الصفحات البطولية في تقرير تسجيلي واسع او في بحث تاريخي في أحسن الأحوال.
- عبّر سكنة المنطقة وفلاحوها عن اعتزازهم بنضال الشيوعيين، وكانوا في أحاديثهم لا يميزون بين الشيوعيين الذين خاضوا الكفاح آنذاك، فالقضية عندهم هي قضية استبسال الشيوعيين واجتراحهم البطولات، من دون ان يعنيهم امر الانقسام التنظيمي بين قيادة مركزية ولجنة مركزية، وهو ما يثيره للاسف حتى اليوم بعض المثقفين، الذين لم يواكبوا مواقف الحزب وهو لا يفرق بين شهدائه، وها هو اليوم يحيي ذكرى الشهيد خالد احمد زكي ورفاقه البواسل، كما سبق ان مجّد جميع الشهداء الشيوعيين، وضمّن بعض سيرهم في كتاب " شهداء الحزب ..شهداء الوطن".
- لو لم اكن عضوا في الحزب الشيوعي العراقي، لسارعت اليوم دون ادنى تردد للانتماء اليه، لا لكونه اعرق حزب عراقي وقد وازى عمره الكفاحي تاريخ العراق المعاصر، وترك بصماته واضحة في تفاصيل حياة البلد ومسيرته، وساهم في بناء وعي وطني وديمقراطي، بل لأنه ايضا خضّب كل رقعة من ارض الوطن بدماء شهدائه العراقية الزكية، من اجل المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.
هذا الحزب الذي بشر ويبشر بالمساواة والعدل والتقدم، اعلن سعادتي لكوني احد أعضائه.