إستطلاع رأى: الفتنة المذهبية تهدد أستقرار كافة الدول العربية والإسلامية

باريس – خاص- اظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات العربي - الاوروبي في باريس، ونشرت تفاصيله اليوم السبت، ان الفتنة  المذهبية بدأت تطل برأسها مما يهدد وحدة الكثير من الدول الأسلامية، حتى منها تلك التي تظن نفسها انها بمأمن من ذلك.

وخلص الإستطلاع إلى أن 57.4  في المئة من الذين شملهم الاستطلاع لا يتطلعون الى قرارات هامة في القمة الإسلامية التي عقدت  في مكة لأن منظمة التعاون الاسلامي مازال عملها محصوراً في اصدار بيانات الشجب والاستنكار فقط. اما  31.5  في المئة دعوا الى ايجاد السبل الى حوار مذهبي حقيقي. وقال 11.1 في المئة ان مجرد انعقاد المؤتمر في ظل تصاعد نمو الربيع العربي هو قرار هام.

وتحشد المملكة العربية السعودية لإشعال حربا طائفية في المنطقة نيابة عن الداعم الرئيسي لها وهي بريطانيا وحليفها المطيع الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بعض الجنود المخلصين لها مثل قطر، مستغلة الصراع الدائر حاليا في سورية، معتبرة أن الحرب ضد الشيعة سيبدأ من سورية ويشمل كافة دول المنطقة.

فقد كتبت جريدة الرياض السعودية في إفتتاحيتها الأسبوع الماضي، أن إسقاط نظام بشار الأسد سينهي (القوس الشيعي) الممتد من إيران الى لبنان مروراً بالعراق. وقالت الصحيفة التي تعبر عن موقف الحكومة السعودية، أن (متانة الوضع السني) أوقف المد الشيعي في المنطقة. كما بشرت الصحيفة في إفتتاحيتها بـ "نصر سني على الشيعة"، من خلال إستعادة صورة الحروب التاريخية بين الصفويين والعثمانيين.

ويرى المراقبون أن تطورات الأوضاع في المنطقة وأتساع نطاق ما يسمى "الربيع العربي" وفقا للتسمية الأمريكية لحالة الفوضى الشاملة، خلقت حالة من الوضوح في المخططات الطائفية التي تقودها السعودية وخاصة في صراعها ضد التشيع المحمدي الأصيل.  

وأضافوا أن الأمور لم تعد تجري باستعارات لفظية وأوصاف مغلفة، فقد أصبحت سياقات الحرب الطائفية هي عنوان الصراع السياسي في المنطقة بعد تغليفه بمصطلح الربيع العربي، وصار قتل الشيعة والإجهاز على سلطتهم ونفوذهم هو الهدف الذي تريده قطر والسعودية وتركيا، معتمدة على عناصر تنظيم القاعدة الذي يعيش ربيعه في هذه الفترة من خلال التسهيلات التي يحصل عليها إقليمياً ودولياً.

وفيما تحشد الحكومات الطائفية قواها وقدراتها لمعركة فاصلة توضحت أفاقها وأهدافها وأبعادها، فان قادة الشيعة في العراق لا يظهر عليهم الإهتمام بما يجري، وكأنهم غير معنيين بتطورات الأحداث المتسارعة والتي سيكون العراق في مركزها. فهم يسيرون على نفس رتابتهم المألوفة، تصريحات لا معنى لها، وإجتماعات لا فائدة منها، وضياع في متاهات الأزمات، وتيه في محاولات الحل. بينما إنتهى خصومهم الطائفيون في قطر والسعودية وتركيا وغيرها من الدولة المحيطة بالعراق، من الخطوط العامة والتفصيلية لمشروعهم، ودخلوا مرحلة التنفيذ على الأرض.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي باسم حبيب أن "أمريكا تفهم جيدا أوضاع المنطقة وتعقيداتها وتعرف ما فيها من اشكالات وتناقضات فهي تدرك ان الصراع الحقيقي في المنطقة ليس هو الصراع المعلن منذ عقود طويلة أي الصراع العربي الصهيوني فهذا الصراع ما هو إلا تبرير أخترعه العقل القومي لإدامة نسقه وإبقاء أيديولوجيته وإلا فإن الصراع الحقيقي هو الصراع الطائفي الذي يستند إلى تأريخ طويل من الغزوات والثورات والثارات والتناحرات والتنابزات بين الاسلامين السني والشيعي والذي لن تنتهي حربه الباردة إلا باشتعال حربه الساخنة التي يبشر بها المتطرفون من الطرفين.

وتابع لقد نجحت الدكتاتوريات في تهدئة الصراع الطائفي ليس لدوافع خيرة بل حتى لا يفسد عليها هذا الصراع هيمنتها على شعوبها فالهلال الخصيب ومحيطه الجغرافي يعد أكبر جامع للاثنيات المتعادية في العالم وقلبه العراق هو وطن الطائفتين الشيعية والسنية ففي العراق بدأت بذور المذهب الشيعي الذي أنتشر بعد ذلك ليسود في إيران كما نشأت فيه أغلب المذاهب والتيارات الدينية السنية بدءا من المذهب الحنفي وأنتهاءا بالمذهب الحنبلي الذي خرج من عباءته التيار السلفي وقد كان كل من العثمانيين والايرانيين يرون في السيطرة عليه واجبا دينيا مقدسا ولذلك فإن أي تغيير تشهده المنطقة لابد أن يبدأ في العراق ليسهل انتقاله بعد ذلك إلى المناطق الاخرى.

ويبين أن المنطقة سائرة إلى واحد من ثلاث احتمالات، إما استمرار التوازن الطائفي وبقاء المنطقة في أجواء الحرب الباردة، وإما اختلال التوازن لصالح طرف من الاطراف ما يؤدي إلى إشعال الحرب الطائفية العارمة التي ستنساق لها كل القوى الطائفية في المنطقة ما يؤدي إلى كوارث يتعذر وصفها، وإما أن ينجح المشروع الديمقراطي الذي ينزع فتيل التوتر الطائفي فتستعيد شعوب المنطقة لحمتها ومن ثم تبدأ سيرها الحثيث نحو الحياة الحرة الكريمة.