من ابسط حقوق الانسان أن يتوفر له عمل من قبل الدولة في البلدان النامية والاشتراكية.. وفعلاً تم ذلك خلال السنوات التي سبقت سقوط بغداد واحتلال بلادنا.. إلا أنه وبعد تشكيل الحكومات التي توالت على السلطة خلال السنوات العشر الماضية، تعطل حق العمل الذي كان من سبقوا يوفرونه للمواطن العراقي، والخريج تحديداً، وقد نتج عن هذا بطالة واسعة بين ذوي الكفاءات والاختصاصات الرفيعة، يقدرها المطلعون بانه تشكل نسبة كبيرة من ابناء الشعب العراقي .
كان عذر الحكام هو أنهم يريدون أن ينقلوا النظام العراقي من اشتراكي الى رأسمالي يعتمد على القطاع الخاص بدلاً عن القطاع الحكومي.. إلا ان النظام البديل لم يرَّ النور.. وصرنا بين حالين اسوأهما مر.. لا اشتراكي ولا رأسمالي يعتمد على القطاع الخاص.. ولهذا ترى الخريجين يملأون المقاهي ، ومعظم من اشتغل في القطاع الخاص الخدمي من الخريجين بات يلعن اليوم الذي التحق فيه بالجامعة!
ليس هذا هو العمل السيء والمشين الذي قامت به الحكومات المتوالية. بل هناك ما هو أسوأ منه. فقد الغت الحكومات السابقة (مابعد التحرير). الكثير من الوزارت وطردت الالاف من موظفيها وحولت آخرين من ذوي الاختصاصات العالية الى وزارات أخرى لاتوجد فيها هذه الاختصاصات ليعملوا فيها ..
أما الوزارات التي استوعبت الكفاءات العالية ومنها الصناعة فظلت تعامل هؤلاء باستهانة، بل وقطعت رواتبهم منذ ثلاثة شهور وابلغتهم مؤخراً بأنها ستظل تقطعها إلى نهاية الشهر الخامس المقبل أسوة بموظفيها في منشئات التمويل الذاتي سابقاً. والحجة هي عدم وجود أموال لدى الوزارة لتسديد رواتبهم!
بالله عليكم.. هل هذا سلوك حكومة تهتم بمصلحة مواطنها؟ وأين العدالة في أن يظل رئيس مهندسين بدون عمل في الوزارة التي نقل اليها(الصناعة) ويقطع راتبه الشهري؟ ومن أين له أن يوفر الخبز والعلاج واجور النقل لعائلته؟ وهل يحق لحكومة القطاع خاص ان تطرد عمالها كما يفعل صاحب (سكلة بيع مواد البناء)عندما يفلس؟
يارئيس الوزراء.. ويا وزير الصناعة.. هذه السلوكيات لاتمت لنظام دولة، بل يسلكه صاحب(معمل لبيع البقلاوة).. وعيب عليكم أن تعاملوا ذوي الكفاءات بهذه الطريقة المذلة.. وعلى الاقل كان بإمكانكم احالتهم على التقاعد لتريحوا وتستريحوا. فجميع هؤلاء المنقولين الى الصناعة وزملائهم في منشئات التمويل الذاتي لهم خدمة تزيد على الثلاثين سنة؟ إلا تكفيكم سنوات اذلالهم الماضية ؟!
|