الهجوم الارهابي الاجرامي على مقر صحيفة شارلي ابدو الفرنسية يوم الخميس الفائت، قوبل باستنكار وادانة واسعتين عبر العالم، وسعت جماعات واسعة من الجاليات العربية والاسلامية، في اوربا خصوصا، الى النأي بنفسها عن هذه الفعلة الشائنة، وهي المدركة عن صواب لخطأ وعقم هذا المنهج والاسلوب، ولما يمكن ان يجره من انعكاسات سلبية ضارة على حياتها، وعلى حياة الشعوب التي تشاركها، فيما راحت بعض الاصوات النشاز الشاحبة تجهد النفس في ايجاد التبريرات لما حصل! بل ان البعض عاد بنا الى زمن احتلال العراق وتصريحات بوش، غير المنطقية ولا المقبولة آنذاك بشأن "الحرب الصليبية"، ضاربين عرض الحائط بالاسباب الموضوعية والحقيقية التي ادت ببلداننا الى ما هي فيه من اوضاع سيئة. هذا البعض الذي انبرى مدافعا عن مثل هذه الافعال الشنيعة، هو عينه من ينظّر ويروّج لآراء وطروحات طالبان والقاعدة وداعش وجبهة النصرة وبوكو حرام، وغيرها من تنظيمات الاجرام والقتل، ويبرر جرائمهم بحق الناس الابرياء في دول العالم المختلفة. واذا كان هذا البعض يقول ان كارثة شارلي ابدو مرتبطة باساءات هذه الصحيفة للاسلام، وهي المعروفة باسلوبها الساخر، افلا يوجد طريق آخر غير القتل العمد والانتقام وسفك الدماء، وغير هذا الاسلوب اللاحضاري بل والهمجي في التعامل مع ما قيل من اساءات وهل يعجز المسلمون عن "الدفاع عن نبيهم" باسلوب حضاري مقنع يحاجج الفكرة بالفكرة؟ واذا ابتعدنا قليللا عن حادثة باريس، فكيف يستطيع هؤلاء "المنظرون للارهاب" الدفاع عن جرائم داعش في بلدنا مثلا، والتي بلغ عددها حسب تقرير المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق 3 ملايين و981 الف جريمة خلال عام 2014 بحق ابناء الشعب العراقي، على اختلاف اطيافه وكيف لهؤلاء الدفاع عن جرائم بوكو حرام واختطافهم للتلميذات؟ وكيف.. وكيف؟ هؤلاء "المنظرون للارهاب" انما يشاركون باطروحاتهم وتبريراتهم، شاءوا ام أبوا، في هذه الجرائم المرتكبة، مهما اجهدوا النفس في التغطية على ذلك بعبارات منمقة تدعي الدفاع عن حقوق شعوب منطقتنا وعن الدين الاسلامي، ويشارك فيها ايضا كل من يشجع ويحرض ويدعم، باي شكل من الاشكال، هؤلاء القتلة. ويبقى القول في كل الاحوال، ان الارهاب لا وطن له ولا دين ولا قومية، وهو مدان باي شكل تجلى واية صورة اتخذ، وان الحاجة قائمة لحملة عالمية حقيقية لتجفيف منابعه قبل استفحاله وتمكنه، ولا نحسب ان احدا باقٍ في منأى عن شروره وفظاعاته.
|