منذ تأسيس الدولة العراقية ونظامها المركزي والإصرار السقيم على اعادة انتاجه بعد 2003 متمثلا ً بفترتي حكم المالكي قد اظهر فشلا ً ذريعا ً من خلال فساد مالي وأداري ضخم لم يشهده اي بلد ٍ بالعالم اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار مقدار الاموال التي اهدرها النظام المركزي.سرقات لأموال الشعب امتدت لتصل للمؤسسة الامنية وقادة البلد عاجزين عن وقفه كعجز الانسان المنحرف او لربما المحطم عن وقف تضييع نفسه بالادمان , بل كل ما يمتلكه ان يتفرج على ذاته وهي تنهار وكأنها تخص شخصا ً اخر ليس هو .لذا كان لا بد ان تعلو عندها النداءات لتشكيل الاقليم وكونه لا يمثل رفاهية الحل للمشكلة بل ضرورة المنقذ من الهلاك والفقر.
ان تمركز الاموال في العاصمة وفي الوزارات قد جعل من كل وزير امبراطور في وزارته .كما ان القطاع العام المترهل والمتضخم والبليد والفاقد للمبادرة عجز عن تطوير نفسه بل لم يرغب بذلك اصلا ً خوفا ً من ان التجديد والتطوير سيعني فقدان سيطرته على الخدمات التي يقدمها للمواطن على ندرتها وسوئها وبالتالي تضعف سمعته في كونه المنعم المذل ويتوقف تطبيق نظرية حاجة الشعب للحكومة كحاجة الابن للأب.لذا وعملا ً منهم بالحفاظ على هذا الدور فقد اعاقت مركزيتهم الاستثمار بعد تبنيهم اياها كذبا ً ووضعوا امامه عراقيل ما لا يقل عن 5000 آلاف قانون روتين اداري موروثة منذ الستينات.فيا لها من قوامة للقطاع العام خائبة ومتخلفة.
ان تركيز الثروة والقوة بالعاصمة قد عنى وسيعني على الدوام احتدام محاولة السيطرة على العاصمة حتى يفوز المسيطر بجميع حبال اللعبة وبعد احكامه عليها يبدأ بتغير الواقع بدورة مميتة جديدة لكنها معتادة على تاريخنا ,فكما قال احد المؤرخين الامريكيين " ان من لا يستفاد من تجارب التاريخ محكوم بإعادته " .وما تحالُف شيوخ المنطقة الغربية مع القاعدة قبل تجربة الصحوات ثم الانغماس بالغفلة ثانية بالتحالف مع داعش تحالفا ً اوثق عرى مما سبق. فإصرار استمرار الوقوع بشرك الغفلة ما هو إلا حمى تسيطر على من تسيطر بين حين وآخر فتعطي اجازة اجبارية للعقل من اجل خوض غمار مغامرة السيطرة على المربع الامني للقوة المتضخمة في بغداد .مما يعني ان وجود هذا الكيبل المحوري للسلطة والثروة ليس إلا مستثير لهكذا حلول استئصالية خطيرة.
الحكم المركزي الذي اصرينا عليه هو كشيء تقبض عليه ايدينا بقوة دائبة ً ان تحميه ممن يريد سلبه منها لكن هاتين اليدين ستفقدانه لكثرة الايدي التي تتنازعها عليه فحتما ً هي اما ستعطيه في مرحلة ما لانها ستفقد المطاولة او انهما ستغفلان هنيهة وعندئذ يناله المتربصون.هذا مما لاشك سيحصل ولم ولن ينجينا ترديد - ما ننطيها - .فالإقليم هو السهم الذي سيصيب -عدم الاستقرار السياسي وسلب الحكم بدبابات الانقلاب – في الصميم وينهيهما للأبد.
ان الاحزاب السياسية لا شك ستعارض الاقليم وتتهمه بكل التهم لانها لن تتخلى بسهولة عن وزاراتها التي هي بمثابة مصارف مالية لدكاكينها الحزبية وهي بالتأكيد ايضا ً لن تعبر عن ذلك مباشرة بل من خلال خطاب استعلائي فوقي يتناسب مع اعتياد كونهم الطبقة التي ترى ما لا نرى وهي فكرة موهومة بحق الوكالة بالتفكير نيابة عن الناس. طبقة عليا مخملية تعتقدها عقولهم فيهم بعد ان توارثت ذلك من الرجل المريض وعقود الانقلابات العسكرية , في حين ان الحقيقة المجردة ان كون الشخص بن للسيد الحكيم او السيد الصدر -وهما من هما- لا يعني انهما سيفكران افضل مني او من اهل البصرة ما دام العلم والجهاد لا يورثان.
وكذلك فان مطالبنا بالإقليم متحررة من تأثير ذلك السياسي وتياره الانتهازيان الذي رفض دعوات الاقليم للبصرة وصلاح الدين ورفض ان تكون البصرة عاصمة اقتصادية للعراق كما طعن بقانون 21 لكنه يؤيده الان. فهؤلاء جميعا ً لديهم حسابات سياسية ليست عند اهل البصرة فهم لا يفكرون بمصلحة العراق التي ستضمنها الفدرالية بل بحسابات الخشية على ايران التي ترفضها لانها تخشى كما تعتقد ان ذلك سيكون مقدمة لتقسيمها ونظام ايران بحقيقته لا بأعلامه يبحث عن مصلحته فقط لا مصلحة العراق.فالإقليم هو الفرصة الاخيرة والتي يجب ان لا نضيعها وهي من ستضمن وحدة العراق وتمنع تمزيقه لأنه سيكون خيار وحدة ارادي مبني على تبادل ثروات ومصالح اقاليم غنية فلا يوجد من يرفض الغنى .
ومؤكد لن نعبأ بقول ذات الانتهازي عندما جرأ فأطلق اضخم فيل له حتى الان حين قال ان الفدرالية تعني اقاليم مقسمة ستلتهمها دول الجوار ,لا يا حضرة السياسي لان تركيز المال يعني القوة وليس الضعف ويعني التأثير لا التأثر كما انتم ضعفاء اذلاء الان وكفى بالبحرين وقطر والكويت رداً حيا ً يعيد تضليلك الى فيك حيث فشل بابتلاعهم العراق وايران والسعودية.