هلاوس عبود !!* بقلم/ د. صادق السامرائي

 

 

كانَ يمشي حافيا بين الدروبِ

يحملُ الأيام في جُعْبِ الخطوبِ

 

صِبيةً كنا ونعدو خلفهُ

فينادي يا أباليسَ العيوبِ

 

ثم نعدو وبضحكٍ فائقٍ

وارتقابٍ وهروبٍ من غَضوبِ

 

فترى العبودَ يرنو نحونا

أنتم الأشباهُ من نسل الكروبِ

 

وتمادينا صراخا نحوهً

ووصفناه بأنواع اللقوبِ

 

أنتَ يا عبودُ مألوسُ الرؤى

أيها المجنون من وعي الحُجوبِ

 

وركضنا وانهزمنا كلنا

وبرعنا بأفانين الهروبِ

 

صار عبودٌ رِكوضا خلفنا

ويرامينا بأحْجار النشوب

 

إنّه ُيعدو كفهدٍ صائلٍ

نحو غزلانٍ تثاغت في السهوبِ

 

واختفينا خلفَ بيبانِ الحِمى

ولنا العبود يشدو بالحروبِ

 

"شفلاتٌ" سوف تردي بيتكم

بل ودبّاباتهمْ ذاتُ الثقوبِ

 

كلّ بيتٍ سوف يهوي فوقكمْ

أنظروها سوف تأتي بالغروبِ

 

فيطولُ الليلُ فيها والردى

ويدومُ الشر فعّال الندوبِ

 

من بلادٍ غلبتْ كلّ القِوى

ورأت فيكم معينا للرَجوبِ

 

نفطكم فيكم عدوٌ ظالمٌ

يجلبُ الأهوال من كلّ الضروبِ

 

بيتكم هذا خرابٌ ماثلٌ

"شفلاتٌ" قادماتٌ كالسحوبِ

 

سوفَ ترديكم جميعا نارُها

فارجموني واضربوني بالحصوبِ

 

يا جلاميدَ الزمان المُبتلى

بجَهولٍ وسَفيهٍ وقطوبِ

 

يا خطايا , يا بغايا عصركم

قدِمَ الشرُّ إليكمْ كالغَصوبِ

 

يَترعُ الناسُ جميعا كأسهُ

بدماءٍ لا تبالي من صبوبِ

 

يا رياحين جراحي إنطقي

صبية تربو وتذوي من شحوبِ

 

والبرايا لا تراها محنةً

وتداعت بهزيلِ ونصوبِ

 

قال عبود كلاما واضحا

ما عرفناه وعشنا في نضوبِ

 

جاءت البلوى وفينا علة

حيلة خابت وأخرى للعطوبِ

 

وإذا الوعدُ تناهى أمرهُ

مات عبودٌ بطلق من غضوبِ

 

داسهُ الموعود في درب الأسى

سحقوه حشروه بالنكوبِ

 

صار مرهوبا رهيبا راهبا

وعجيبا في مدارات العجوبِ

 

قد رأى فينا وخال المنتهى

فابتدى منه مسيرٌ للنكوبِ

 

قتلوهُ بجنازير الوغى

مزجوهُ بترابٍ ولحوبِ

 

إيهِ عبود لماذا إرتوتْ

من دمانا صاغرات للوجوبِ

 

وهوى فينا الهوى من نكبةٍ

وجَفَتْ عنا أكاليلُ اللهوبِ

 

ومضتْ عنا رياحٌ تهتدي

بعطاءٍ من نسيماتِ الجنوبِ

 

ماتَ عبودٌ فغابتْ أمّةٌ

بكهوفٍ ومغاراتِ العضوبِ

 

كان عبودٌ يراها واضحا

ونراهُ من وضوحٍ كالغيوبِ

 

طاشتِ الأفكارُ أو جنّ النهى

يا جنونا من نبوءاتِ القلوبِ

 

دارتِ الأيامُ والجرح اسْتقى

من همومٍ وهمومٍ كالغبوبِ

 

أيها الشاكي لماذا تشتكي

كلنا ندري وندري باللجوبِ

 

كم سقيناها مَرارا بمَرارٍ

فشربنا من مَراراتِ الرسوبِ

 

وتعهدنا ضلالا بائسا

فقتلنا كلّ إنسانٍ حَدوبِ

 

يا بلادي قال عبودٌ لنا

أنتِ نفطٌ وخمورٌ للحَلوبِ

 

*عبود إنسان من مدينتنا عانى من الفصام وما أخذ علاجا لكنه مضى متفاعلا مع المجتمع , الذي إستوعبه بآليات تفاعلية عجيبة حتى بلغ من العمر عتيا , وكأنه كان يقرا المستقبل ويعرف نهايته!!