الشاعرُ( ساحل فرزان) وإغتصابُ زوجته(2) |
تخرج ( منة) من السجن بعد عشرة سنوات وتأخذ الطفلين معها . بعد سنين تسأل ( منّة) عن زوجها ساحل , فيخبرونها بأنه قد توفي وقد دفن في مقبرة الكافرين والزنادقة , أيضا هي لعبة أخرى من ( أكبر رضاي وجلاوزته) حيث أنّ زوجها لازال في السجن حي يرزق . تذهب الى المقبرة وترى ضريح زوجها الذي بناه المجرمون لتضليلها , فتندبه وتبكي بكاء الثكلى مع الأخريات النادبات على أزواجهن في نفس المقبرة , لكنها تتفاجأ بوقوف ( أكبر رضاي) فوق رأسها راجيا منها ما أراده في السجن , موقف يعبر عن الخسة والنذالة لهؤلاء المختلّين عقليا وأعمالهم الإجرامية وحبهم للجنس بشتى الطرق حتى لو كان إغتصابا يغضبُ الله . تذهب (منة ) الى تركيا مع إبنتيها , وهناك يكبرنَ ويصبحنَ في عمر البلوغ . الفقر يغيّر سلوك هذه العائلة المحترمة العفيفة وعلى مرأى ( أكبر رضاي) الذي كان قد تعقبهم الى تركيا لأغراضه الشهوانية القبيحة , وبأعتبار أنّ البنتين هما من صلبه . الأم وإبنتيها يبحثنَ عن المال في سبيل الحصول على مبلغ يستطعنَ من خلاله الخروج الى أوربا لطلب اللجوء السياسي حالهنّ حال الكثير من الإيرانيين المهاجرين . تذهب الأم ( منة) الى أكبر رضاي وتطلب منه تدبير جوازات سفر لها ولإبنتيها لغرض السفر بأعتباره الضالع في الحكومة الإيرانية والحرس الثوري والجلاد الذي أذاقهم مر الهوان , تذهب اليه على مضض وهي في غاية المرارة والألم , ولكن ماذا تفعل هذه المرأة التي ضاقت بها الحيل , غير أنْ تتمشدق بذاك المثل الشائع ( إذا كان لك حاجة عند كلب, فمن أجل مصلحتك أنْ تناديه بالحاج كُليب) . ( أكبر رضاي) الملتحي المتدين كعادته يطلب المساومة منها , ثلاث جوازات مقابل شرفها والنيل من جسدها , يفي بوعده بعد الإرتواء من الجسد البض الطري والنظيف . في عام 2009 يخرج ( ساحل فرزان ) من السجن بعد إن أكمل ثلاثين سنة بكل لياليها ومآسيها وحلكة ظلامها , وتبين أنه لم يمت , وكانت تلك الميتة , هي لعبة من الجلاّد (أكبر رضاي) في سبيل أن تكون ( منة) على يأس من زوجها ويخلو هو بها حيث الجنس الناعم ليمارس رذيلته من جديد . أية اخلاق هذه وأية جرائم ترتكب بحق الأدباء وبحق الإنسان الإيراني وبدون أي ذنب . ساحل فرزان يخرج من السجن دون أن يعرف أنّ زوجته أنجبت له إبنتين توأمين . ساحل فرزان يمتهن السياقة لغرض العيش , ويبدأ بالبحث عن زوجته , وأثناء عمله كسائق تكسي , يلتقي بفتاتين تعملان في مجال الدعارة , ويبدأ معهن بداية وكأنه يعرفهنّ منذ زمن بعيد , حيث أنّ علاقة الأصلاب هي التي تصدحُ هنا في هكذا مواقف , حيث يلّوّح لنا المخرج بأرجحية الأبوّة لساحل فرزان أكثر منها لـ ( أكبر رضاي) , يعني أنّ الفتاتين هنّ إبنتيه . يستمر ساحل فرزان في توصيلهنّ كسائق تكسي وفي يوم , يلمح من بعيد وعبر النافذة , إمرأة تطل بوجهها وتنتظر إبنتيها المترجلتين توا من التكسي , فيسرح خياله الحزين والباكي بعيدا الى حبيبة العمر وزوجته( منّة) , فتقولُ له سريريته أنها هي , كان مشهداً في غاية الغموض , لحساسية وفداحة الموقف , وهذه من مرحمات الطبيعة والأقدار , في أن تجعل الأب لايعرف حقيقة زوجته وإبنتيه والاّ لمات حرقة ً وألماً . الأم ( منّة) تعمل في مجال ( التاتوو) أي عمل الوشم على الجسم , أما الفتاتان فتعملان في مجال الدعارة ,وفي يوم يتشاجرنَ وهنّ ثملات مع أشخاص سيئين في شارعٍ عام , فيقوم ساحل فرزان بالدفاع عنهن وتخليصهن من شر هؤلاء الفتية , يذهبنَ معه الى بيته وهناك يشربون الخمر ويثملون , وتنتقل الكاميرا بنا الى السرير الذي يضم ساحل فرزان مع أحدى الفتيات , في مشهد حزين مؤلم يشير الى ممارسة الجنس بين الأب وإبنته, مشهدُّ موجع , بحيث لم نستطع من خلاله غير أن نلعن الأنظمة الفاسدة التي أنجبت أمثال أكبر رضاي والجلاّدين الآخرين الذين بسببهم مارس الشاعر الرقيق ساحل فرزان الجنس مع فتاة لايعرف أنها إبنته , أنها جرائم العصر التي تقشعر لها الأبدان وتصرخ لها الإنسانية . يستيقظ ساحل فرزان في الصباح ويجد نفسه في حالٍ من الندم , حال مرتبك , قلق ,وكأن هناك خطأ فادح قد حصل , ولكن ماهو هذا الشئ , لايعرف , فيلوذ بالصمت . الفتيات يتوددنّ لساحل فرزان تودد البنات لآبائهنّ , ويعترفن له بأنهن لستا بعاهرات , لكنهن بحاجةٍ الى بعض المال لغرض سفرهنّ الى اوربا لغرض الخلاص من الواقع المقرف والمستقبل المخيف الذي ينتظرهنّ لو بقين هنا في تركيا . البنات يجلبنَ الأم ( منة) لغرض عمل وشم له , لغرض كسب المال , تأتي هي وتنظر اليه نظرة خاطفة , نظرة محب قد فارق حبيبه منذ زمن بعيد , يشير المخرج من خلالها أنها قد عرفته , ولكن أنى لها ذلك فحبيبها قد مات منذ زمنٍ بعيد وقد زارت قبره وقبّلت ترابه منذ سنين مضت , وودعته هناك وداعا أبديا . ينام ( ساحل فرزان) على ظهره مخبئاً وجهه على الوسادة , دون أنْ يراها , لايستطيع أن يريها وجهه فتعرفه , أنه موقف في غاية الأسى , العاشق والمحب والزوج يشيح بوجهه عن حبيبته لعدم القدرة على مواجهة واقع مرير يفيض حزنا وشقاء . الزوجة (منّة) تقوم بوضع وشما على ظهره وهو عبارة عن بعض الكلمات من ديوان ( موسم وحيد القرن) إيفاءاً لزوجها التي في نظرها قد رقد تحت التراب منذ زمن بعيد , لكنه في الحقيقة راقد تحت مقبض يديها الناعمتين لغرض عمل الوشم . في نهاية الفلم ساحل فرزان يتعرّف على أكبر رضاي ويعرف أنه هو السبب في دمار حياته وتفكيك عائلته , فيقوم بأستدراجه ويأخذه معه في سيارته ويرمي السياره في البحر ويقوم بقتله والخلاص منه , وتخليص البشرية من جرائمه وأمراضه ونيل الثأر لأراحة النفس , يموت ( أكبر رضاي) الميتة التي يستحقها كمجرم وجلاد , يموت غرقا في البحر , بينما نرى الباخرة التي تشق عباب البحر , تحمل الفتيات والأم , في مشهد يشير الى سفرهنّ الى أوربا , في رحلة للخلاص من الألم والدعارة التي فرضت عليهنّ والحياة التي أصبحت لانطاق في إيران بالنسبة اليهن ,وينتهي الفلم نهاية بريختية ( نسبة الى بريخت) , حيث أنّ كاتب الرواية يترك للقارئ وضع الحلول النهائية , إذ أننا لم نعرف هل سيلتقي الزوجان بعد وصول العائلة الى بر الأمان في أوربا . وينتهي الفلم بموت المجرم الجلاّد , وبنفس اللحظة تحيا الضحية ( منّة) وبناتها وهنّ فوق الباخرة التي تمخر عباب البحر , وكأنهن يصرخنّ بأعلى أصواتهنّ , نحنُ هنا أحياء ولم نمتْ , رغماً عن إنوفكم أيها الأوغاد .
|