هل العبادي جاد بمحاربة الفساد؟


لم يستطع السيد العبادي لليوم من اجراء تغيير واضح وملموس ولو بحده الأدنى، وذلك بالحد من آفة الفساد التي ألتهمت خلال سنوات حكم حزبه حزب الدعوة الاسلامية بزعامة سلفه " المالكي الفاشل" التي ألتهمت خلال تلك السنوات العجاف مئات مليارات الدولارات، ما بين هدر للمال العام ورشى وتهريب للأموال ورواتب خيالية لرجالات السلطة ليتوجها الفاسدون من السلطة نفسها بجيش من الفضائيين في وزرات ومؤسسات مختلفة ومنها اهم وزارتين هما الدباع والداخلية.

إن التحقيق في ملفّات الفساد لوحدها أو أقالة ومحاسبة مسؤولين من درجات دنيا فقط من السلم الوظيفي، من دون فتح تحقيقات شفافة مع المسؤولين المباشرين المشتبهين بالفساد تعتبر اجراءا ناقصا يهدف في جزء منه الى عدم محاسبة المسؤولين الرئيسيين على ملفات الفساد لأسباب مختلفة لاتخرج بمجموعها عن ضمانات متبادلة بين مكونات سلطة المحاصصة من جهة وبين اعضاء الاحزاب الواحدة فيما بينها من جهة أخرى.

إن السيد العبادي وهو جزء من السلطة ورقم مهم فيها طيلة حكم " المالكي الفاشل" قبل ان يتسنم منصب رئاسة الوزراء يعرف جيدا مكامن الخلل في بنية السلطة وأوجه فسادها وتحديدا عند أعضاء حزبه إن لم يكن عند باقي الاحزاب والقوائم التي حكمت وتحكم البلد لليوم، وطريقة ثرائها غير المشروع وهدرها للمال العام وأفراغها للخزينة العراقية التي استلمها من رفاق حزبه وهي خاوية تقريبا.

أن التحقيق بملفات الفساد في أية دولة بالعام تتكلل في نهاية الامر بالمعاقبة وفقا للقانون إن كانت هناك جدية عند السلطات في محاربتها للفساد. وقد كنّا نتوقع أن يتحرك السيد العبادي ولو خطوة واحدة للامام بعد أن كشف عن ظاهرة الفضائيين في وزارة الدفاع بتقديمه رؤوس الفساد الى المحاكمة العادلة، الا اننا لليوم لم نحصل كما السابق الا على "سينات" المسؤولين و " السينات " هنا هي ، سوف نكشف، سوف نحاكم، سوف نحقق، سوف نعمل، سوف نبني ... والخ من " سينات" اتعبتنا ايها السيد العبادي وجعلت من بلادنا " فرجه لليسوه والمايسوه".

الشارع العراقي يعرف والسيد العبادي أيضا أن الفضائيين لايقتصرون على وزارة الدفاع بل هناك امثالهم أن لم يكن أضعافهم في وزارة الداخلية المتخمة بالفساد عهد "المالكي الفاشل" والتي كان على رأسها "حجي عدنان الاسدي". الذي تميّز عهده بالتفجيرات اليومية وانتشار عصابات جرائم السطو المسلح والخطف التي كان يديرها حمايات مسؤولين كبار بالدولة ومن اقاربهم دون ان تستطع أجهزة " الحجي" الأمنية الحد منها ناهيك من القضاء عليها. وقد توقعنا والسيد العبادي يبدأ عهده بأعفاء بعض المسؤولين من مناصبهم لفشلهم وأن لم يقلها، من أنه سيقدم على خطوات حقيقية يحارب بها الفساد الذي يضرب جميع "مؤسسات " الدولة دون استثناء. خصوصا بعد أعفاءه رجل حزب الدعوة القوي " حجي عدنان" الذي ابرمت في عهده العديد من العقود الفاشلة والوهمية وعلى رأسها أجهزة كشف المتفجرات والتي اتضح انها ليست سوى لعب اطفال، ويعمل على فتح تحقيق موسع وشامل مع رجل فشل في ادارة اهم ملف في البلد وهو الملف الامني.

الا ان توقعاتنا ذهبت ادراج الرياح ونحن نرى هذا الفاشل بأمتياز "حجي عدنان" يتم تعيينه كمستشار في رئاسة الوزراء، ولو كان قد تم تعيينه مستشارا في مجال عمله لكان الامر مقبولا لحدود، أما ان يتم تعيينه مستشارا أمنيا فأنه يعني ان ليست هناك جدية بمحاربة الفساد مطلقا ولا الحد من الارهاب. لأن مسؤولا "كالحجي عدنان" يجب أن يقدم الى هيئة تحقيق تابعة لمؤسسة النزاهة ومحاسبته عن عقود أجهزة السونار وغيرها والتي ذهب ضحيتها اضافة الى سرقة وهدر المال العام أرواح عشرات الالاف من الابرياء. ولو كان السيد العبادي جادا في محاربة الفساد لأبقاه مستشارا كي يتمكن القضاء إن كان عادلا هو الاخر أن يحاسبه أن تقدمت لجنة النزاهة إن كانت نزيهة هي الاخرى بأدلة ضده وهي تمتلكها فعلا. الا اننا رأينا وللأسف الشديد ولكي تكون " للحجي ابو حسنين" حصانة من المحاسبة المستقبلية عودته الظافرة عضوا الى مجلس "نواب الشعب" ليبدأ فساده من هناك هذه المرة.

السيد العبادي اتمنى منكم قراءة خطاب الرئيسة البرازيلية السيدة "ديلما روسيف" التي بدأت دورتها الرئاسية أول العام الجاري والتي وعدت فيها الجماهير " بتنفيذ التقشف بطريقة تخفض الي أدنى حد ممكن العبء على رجل الشارع الذي يعتمد على الحكومة في الرعاية الاجتماعية" وقالت بجرأة أمرأة مناضلة تعرضت للسجن وابشع انواع التعذيب عهد النظام الدكتاتوري في بلدها أمام البرلمان ان "الشعب البرازيلي يريد مزيدا من الشفافية ومزيدا من مكافحة كل الجنح وخصوصا الفساد، ويريد العدالة للجميع ولا اخشى مواجهة هذه التحديات"
كما وعدت بالتحقيق "بصرامة في فضيحة "بتروبراس" وهي اكبر شركة بترولية ببلدها وتقديم سلسلة اولى من الاجراءات لتعزيز قانون مكافحة الفساد إلى البرلمان في النصف الاول من 2015 ". وأستمرت لتقول " 
لدينا اليوم اول جيل من البرازيليين الذين لم يعرفوا الجوع"، مؤكدة ان الأولوية في ولايتها الرئاسية الثانية ستعطى "للتعليم" من موارد النفط. لتضيف ان "الشعار الجديد لحكومتي سيكون البرازيل وطن للتعليم".

نحن لانتوقع ان يكون شعار حكومتك " العراق وطن للتعليم" ولا " العراق وطنا منتجا زراعيا " ولا " الدواء في متناول كل عراقي" ولا " توفير العمل للعاطلين" وغيرها ، ولكننا نتمنى ان نراك جادا بتقديم الرؤوس الكبيرة الفاسدة للقضاء وهم معروفون لك ولابناء شعبنا فهل أنت بفاعل؟ 

أخيرا أود القول من أن شعبنا كالشعب البرازيلي يريد مزيدا من الشفافية ومزيدا من مكافحة الجرائم والفساد كما واننا نريد العدالة للجميع.

أنقذ المظلوم من يد الظالم ولاتكن صغير النفس في القضاء" الامام علي"