موجات البرد وأبجديات التعامل البسيط معها

تشهد مناطق واسعة من نصف الكرة الأرضية الشمالي موجات من البرد والصقيع بدرجة موجعة هذه الأيام. وما هو مطلوب من كل إنسان أن يقدم لنفسه أجواء دافئة كي يعبر فترة موجات البرد والصقيع دونما خسائر صحية تطال أنظمة وأجهزة جسمه. ورغم أن هاتين الحقيقتين بديهيتان، فإن كثيرا منا يحتاج إلى تذكير بأبجديات التعامل مع البرد وموجاته.

الدكتور باري روزنتال، رئيس طب الطوارئ في مستشفى ونثروب الجامعي في نيويورك، أكد في نشرة خاصة أصدرتها مستشفاه، في 6 يناير (كانون الثاني) الحالي، حول التعامل مع موجة البرد بقوله: «بالمعرفة الصحيحة وباتخاذ الاحتياطات، يُمكن منع حصول غالبية الآلام والمعاناة من موجات البرد والصقيع».

وتُعتبر تفاعلات المستشفيات مع المستجدات المناخية أو الوبائية، أول مؤشرات ودلالات التواصل فيما بين المستشفيات والشريحة السكانية التي تتولى تقديم خدماتها لها. ولذا ينظر كثير من هيئات اعتماد تطبيق المستشفيات لمعايير جودة الخدمة الطبية وسلامة المرضى، إلى هذا التواصل بوصفه عنصرا مهما في قيام المستشفى بالدور المنوط بها وإظهار التزامها بتنفيذه. والمعلومات التي تُقدمها المستشفيات مع تلك المستجدات ليس بالضرورة أن تكون معقدة أو تتطلب بحثا علميا أو تعكس تقدما تكنولوجيا لنوعية الخدمات الطبية التي تمتلكها، بل هي من بديهيات المعرفة الطبية التي يجدر تذكير عموم الناس بها.

واستطرد الدكتور روزنتال قائلا: «من أكثر الأشياء وضوحا حول التعامل السليم مع موجات البرد هو ارتداء الكثير من الملابس التي تمنح الدفء، والأفضل هو طبقات من الملابس». وعقّب موضحا حقيقة بسيطة وهي أن: «الطبقات المتعددة من الملابس هي الأفضل لتوفير عزل الجسم عن البرودة المحيطة به ومساعدة الجسم على حفظ الدفء الذي يصنعه لتدفئة نفسه. وإضافة طبقة خارجية من الملابس غير القابلة للاختراق بالبرودة المحيطة، يساعد في تكوين درع تقي من برودة الرياح القوية. وارتداء قفازين وطبقتين من الجوارب يساعد على حفظ دفء الجسم. والقبعات والأوشحة تساعد على تدفئة الرأس والأذنين والرقبة. وارتداء أحذية عازلة للبرودة ومانعة للانزلاق هو استثمار جيد للحد من تدني تروية الدم لأصابع القدمين والقدمين نفسها ومنع حالات السقوط والانزلاق». وكلام الدكتور روزنتال في نشرة مستشفاه الإخبارية، هو في الحقيقة بسيط ولكنه عملي ومن الضروري التذكير به. كما تعرض إلى جوانب أخرى مهمة، وفي نفس الوقت بسيطة، مفادها أن شرب كميات كافية من السوائل عند الخروج يقي من الإصابة بحالات الجفاف عند الوجود خارج المنزل في الأماكن الباردة. وذكّر أن الأشخاص الأكثر عُرضة للخطر الصحي جراء موجات البرد والصقيع هم كبار السن، والأشخاص الذين يُعانون من مرض السكري والقلب والأوعية الدموية. وأضاف أن الأشخاص الذين يتناولون مشروبات عالية بالكافيين عُرضة للتأثر بالبرد لأن الكافيين يُعيق تفاعل الجسم الفعال مع موجات البرد.

وتناول الباحث تفاعل الأطفال مع موجات البرد، ولاحظ أن الأطفال لا يشعرون بالبرودة حال لعبهم أو وجودهم في الأماكن الباردة، ولأن أجسامهم أصغر فإنهم يفقدون بسرعة كميات عالية من حرارة الجسم آنذاك مقارنة بالكبار والبالغين.

وحول نفس الموضوع، نشر مستشفى لينوكس بمدينة نيويورك في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نصائحه حول التعامل مع موجات البرد عند بدء مؤشرات حلولها. وتضمنت تلك النشرة توصيات الدكتور روبرت غلاتر، طبيب الطوارئ في المستشفى، تحت عنوان «تجنب أخطار البرد باحتياطات بسيطة». وأفاد أن مع وصول قراءة درجة الحرارة إلى رقم واحد، أي أقل من 10 درجات مئوية، فإن الحل هو في الارتداء الفعال للملابس. وقال: «من المهم ارتداء الملابس على هيئة طبقات والحرص على تدفئة الرأس والرقبة والوجه لوقاية الأنف والأذنين وأطراف الأصابع في اليدين والقدمين». وأكد على حقيقة جدوى شرب الماء وتحاشي المشروبات المحتوية على مواد الكحول أو الكافيين، التي تزيد من احتمالات الجفاف في الجسم وإعاقة عملية جريان كميات كافية من الدم في أجزاء الجسم المختلفة بغية توزيع الحرارة فيها وتدفئتها.

وإضافة إلى تغطية الجسم وعزله عن البرودة الخارجية وحفظ حرارته، ثمة دور مهم لنوعية الغذاء في تزويد الجسم بالعناصر الغذائية الباعثة على الدفء وإنتاج الطاقة والمحتوية على مواد تُقوي جهاز المناعة، كالعسل والفواكه الطازجة والثمار الغنية بالسكريات كالتين المجفف والتمر وثمار الكستناء وغيرها من الأغذية.

البرد وموجاته حالات مناخية تمر كل عام، مثل موجات الحرارة الشديدة، والتعامل معها بسيط وسهل عبر تذكر وتطبيق أبجديات التدفئة للجسم وحفظ حرارته وتزويده بالطاقة الغذائية. ومن ضرورات التواصل بين الأطباء والمرضى، أن تهتم المستشفيات بتقديم النصائح حول المستجدات المناخية وكيفية التعامل المثمر والمفيد معها.