تسريب الاتصالات التلفونية في العراق


كشفت المقابلة المتلفزة في قناة البغدادية الفضائية مع مهدي الغراوي فضيحة ما بعدها فضيحة، وربما أكثر فداحة من فضيحة سقوط الموصل.  وهي واحدة من الأسباب المهمة لذلك السقوط.وقبل كل شيء بودي الاشارة الى الهيئة التي ظهر بها الغراوي في قناة البغدادية، تلك الهيئة التي لا تقنع احدا بان الذي نراه بلحيته وافكاره وتلعثمه بالكلام هو قائد عسكري !
صحيح ان الموصل يمكن أن تسترجع بعمل عسكري حاذق وذكي، ولكن فضيحة سقوطها أمام فضيحة تسريب الاتصالات التي سنتحدث عنها، والتي ستؤدي إلى سقوط رؤوس مهمة هنا وهناك! هذه الفضيحة تتلخص بالمكالمات التلفونية المسجلة التي بثتها قناة البغدادية.. تلك المكالمات التي جرت بين القادة العسكريين الميدانيين ومن بينهم الغراوي، والتي تدفعنا لإثارة عشرات الأسئلة وأولها: من أين حصلت البغدادية على هذه المكالمات؟ من داعش ؟ أم من شركات الاتصالات التلفونية؟ هل سقوط هذه المكالمات بيد من سربها إلى البغدادية حصل أثناء المعركة أم بعدها؟ وهل توجد تسجيلات أخرى لمسؤولين ارفع مستوى لم تبث لحد الان؟
ماذا حدث بحيث يتم تسريب مكالمات القادة؟ الكل يعترف بوجود فساد إداري ومالي ولكن هذا الفساد ماذا سنطلق عليه، فساد اداسيالي ( إداري وسياسي ومالي) ؟ إذا وصل الفساد إلى الجيش اقرأ على  الوطن السلام. ولا غرابة ان يضيع ثلث الوطن ونحن نيام. الجميع تحدثوا عن الفساد الذي تغلغل في كل مفاصل الدولة بما فيها الجيش والشرطة، وما قضية الفضائيين التي زكمت الانوف إلا واحدة من فساد الفرد والمؤسسة!
من المتعارف عليه أن الدول تتجسس على بعض المواطنين الذين يتم رصدهم ويتم التنصت عليهم وتسجيل مكالماتهم لهذا السبب أو ذاك، سواء كان هذا المواطن في موقع المسؤولية أم خارجها. وفي الدول المتقدمة يتقدم المتنصت عليه بشكاوى الى جهات مختلفة تهتم بحقوق الإنسان وحريته، إلا أن الدولة المعنية تتعكز على ضرورات الحفاظ على أمن الدولة والمجتمع.
في عراقنا الجديد الذي سقط ثلث أراضيه بيد قوى إرهابية عاثت فسادا بالأرض والإنسان، الامر بالمقلوب تماما، إذ أن الدولة كانت مشلولة الأداء والإرادة، والاعداء هم من يتحركون ويتنصتون ويتمتعون بكامل الحرية بالتحرك والهجوم أينما شاءوا!
لا بد من تشكيل لجان تحقيقية على مستوى عال من المهارة والنزاهة والكفاءة لكشف المستور عن من يتنصت علينا وعلى القيادات العسكرية والمدنية. لا بد من كشف الأسماء التي ساهمت بالفساد العسكري والاستخباراتي وقدمتنا، شعبا وارضا، لقمة سائغة لتنظيم جاءنا من مزابل القرون الوسطى حاملين معهم، في اغلبهم، عقدا فرويدية نابعة من علاقاتهم العائلية والاجتماعية المشوهة، بالإضافة إلى شعورهم المزمن بعقدة فقدان الهوية التي يمكن ان يستكينون لها!