سياسيون وبرلمانيون يشككون بقدرة الطالباني لحل الأزمات السياسية كونه لا يملك "عصا سحرية"

بغداد – في وقت يترقب فيه ساسة العراق المتخاصمين البدء من جديد في مارثون الأزمات والحلول، وسط الكثير من الخيبات والتراجعات في إيجاد الحلول للأزمات بين نوري المالكي وأياد علاوي من جهة وبين المالكي ومسعود البارزاني من جهة أخرى، أعلن التحالف الوطني الحاكم نيته تقديم ورقته الإصلاحية الميتة قبل ولادتها على الكتل السياسية في حين يعتزم رئيس الجمهورية جلال الطالباني أنهاء رحلة علاجه المثيرة للجدل لألمانيا والعودة لبغداد.

وأعلن نائب عراقي عن التحالف الوطني، عن قرار التحالف تقديم ورقته للإصلاح الى القوى السياسية في البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال شاكر دشر الدراجي أن "التحالف الوطني قرر تقديم ورقته للإصلاح الى القوى السياسية في البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة"، مشيراً الى أن "ورقة الإصلاح أخذت بنظر الإعتبار إجتماعي أربيل والنجف وإتفاقية أربيل التي تمخض عنها تشكيل الحكومة الحالية ومقترح التحالف الوطني لعقد المؤتمر الوطني للقوى السياسية ومقترح رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورؤى جميع الأطراف العراقية بشأن الأزمة الراهنة في البلاد".

وأضاف الدراجي أن "الإحتكام الى الدستور العراقي حصراً لحل الأزمة الراهنة في البلاد، سيضمن توافق أكبر عدد من الأطراف السياسية بشأن الحلول المقترحة لتلك الأزمة".

وكان النائب العراقي المستقل حسن العلوي أكد أن "المؤتمر الوطني بين القوى العراقية لحل الأزمة الراهنة في البلاد اذا انعقد لن يأتي بجديد، لأنه غير قادر على اعادة هيكلة الطبقة السياسية الحاكمة، فالشكل الحالي للطبقة الحاكمة هو الذي يمنع ظهور تطور يمكن ان يؤدي الى تفاهم وطني".

وتابع بالقول ان "إنعقاد المؤتمر الوطني من عدمه لن يأتي بجديد لأن النتيجة هي ان تعود الاوضاع السياسية بعد المؤتمر الى ما كانت عليها"، مبينا "لا اراهن على المؤتمر الوطني او الاجتماع الوطني او لقاء الفرقاء، فطبيعة الازمة السياسية تأتي من الصراع على السلطة والخوف من امتلاك السلطة".

ويشهد الوضع العراقي أزمة سياسية على خلفية عدة تطورات شهدتها البلاد أبرزها إصدار مذكرة اعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية القيادي في إئتلاف العراقية طارق الهاشمي بتهم تتعلق بـ"الإرهاب"، وتقديم نوري المالكي طلباً إلى البرلمان بسحب الثقة عن نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك، قبل أن يتراجع عنه مؤخرا، فيما تفاقمت الأمور تباعاً بعد إنضمام التحالف الكردستاني والتيار الصدري إلى العراقية، في المطالبة بسحب الثقة عن المالكي أو إستجوابه في مجلس النواب، وتواصل الخلافات والأزمات المتوالية بين المالكي وإقليم كردستان.

في غضون ذلك تترقب الاوساط السياسية عودة رئيس الجمهورية جلال الطالباني من رحلة علاجه في المانيا للبدء بحل الاشكالات التي تعتري العملية السياسية وعقد الاجتماع الوطني. وبدت تصريحات النواب من مختلف الكتل السياسية فيها نوع من التفاؤل الحذر في امكانية الخروج من الازمة السياسية وعقد الاجتماع الوطني بعد عودة الطالباني، الا ان الجميع يكاد يتفق على ان الطالباني لايمتلك عصا سحرية لحل الاشكالات اذ ان اغلبها تتعلق بقوانين لم يتم الاتفاق عليها ووعود تم التنصل عنها وامور دستورية وغيرها الامر الذي يشير الى ان الحلول ستكون مؤقتة للعبور من الازمة الراهنة.

اذ اكد النائب عن التحالف الكردستاني سامان فوزي عدم وجود اي طريقة لحل المشاكل سوى الجلوس على طاولة الحوار. وقال فوزي "لا أعتقد ان الرئيس الطالباني يمتلك عصا سحرية وعند رجوعه ستحل كل المشاكل العالقة في العملية السياسية", مشيرا الى ان "الطالباني وقف في الماضي في ذات البعد تجاه كل الكتل السياسية المتنافسة فيما بينها وثقة هذه الكتل بطالباني كبيرة".

واضاف ان "بأمكان رئيس الجمهورية وبصلاحياته الدستورية ان يجمع الاطراف السياسية المتنافسة والمختلفة فيما بينها ليكونوا قريبين لتهيئة الاجواء المناسبة لعقد الاجتماعات بين قادة الكتل السياسية لاجل اللقاء والاجتماعات المباشرة معهم", مبينا ان "هذه الاجتماعات سوف تؤدي لحل بعضا من المشاكل العالقة بين الاطراف السياسية". واوضح ان "عودة رئيس الجمهورية من العلاج ووجوده سيؤدي الى بدء الخطوة الاولى لحل المشاكل السياسية". وتابع انه "ليس هناك اية طريقة اخرى لحل المشاكل غير ان تتجه الكتل السياسية الى الجلوس الى طاولة الحوار".

ويؤيد عضو القائمة العراقية حامد المطلك ما ذهب اليه النائب سامان فوزي من ان الرئيس الطالباني لا يمتك "عصا سحرية لحل الأزمة الا ان جلال الطالباني بدا اكثر تفاؤلا من خلال مباحثاته التي يجريها مع الوفود التي تزوره الى المانيا للاطمئنان على صحته، اذ قال ان اللقاءات والاتصالات التي اجريتها من المانيا، تبشر باحتمالات التوصل الى انفراج في الأزمة بغية الوصول إلى حلول توافقية".

ونقل بيان لرئاسة الجمهورية عن الطالباني قوله خلال استقباله في مقر إقامته بألمانيا، الأمين العام للحزب الإسلامي رئيس كتلة الوسط البرلمانية إياد السامرائي، انه سيواصل جهوده لتقريب وجهات النظر حال عودته إلى أرض الوطن قريبا. وحدد الطالباني من خلال كلمته التي القاها في عيد الفطر المبارك خطة سير المرحلة المقبلة والبنود الاساسية للاجتماع الوطني وما سيتم مناقشته اذ اشار الى "ضرورة الاحتكام للدستور الذي اتفقنا على احترام بنوده، الى جانب اتفاقية اربيل التي قامت على اساسها حكومة الشراكة وكذلك النقاط الثماني التي تضمنتها مبادرتنا ومناقشة سائر الاوراق والمبادرات التي صيغت في اربيل والنجف، جنبا الى جنب مع ورقة الاصلاح".

ويشير محللون سياسيون الى ان الطالباني اراد بخطته هذه ارضاء جميع الاطراف السياسية اذ انه وضع الدستور كأساس للاتفاق وهذا ما يؤيده الجميع وبضمنهم فريق نوري المالكي. كما وضع ورقة اربيل النجف واتفاقية اربيل كأساس يحتكم عليه في الخلافات وهذا ما يؤيده فريق مسعود البارزاني واياد علاوي والتيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر.

ويؤكد النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي ان هناك توافقا بين رئيس الجمهورية جلال الطالباني والتحالف الوطني فيما يخص ورقة الاصلاح السياسي. وقال ان هنالك توافقا وتطابقا في وجهات النظر بين التحالف الوطني ورئيس الجمهورية حول ورقة الاصلاح السياسي حيث يرى الطرفان ان الدستور هو الوثيقة النهائية وقمة الهرم في الدولة في اي توافق سياسي وورقة الاصلاح السياسي هي المشروع الوطني لتطبيق تلك الاسس".

واضاف ان "ورقة الاصلاح هي ميثاق شرف على جميع الاطراف الالتزام به وبشكل طوعي ودون فرض اي طرح على اي جهة بعيدا عن الدستور والقانون", مؤكدا ان "التحالف الوطني لمس ترحيبا كبيرا من جميع الاطراف السياسية بخصوص ورقة الاصلاح وما تمثله من توافق في معالجة شؤون الدولة بعيدا عن المشاكل والطروحات الفردية.

ودعا النائب عن ائتلاف دولة القانون عبود العيساوي الكتل السياسية الى اجراء لقاءات ثنائية جديدة للتحضير الى عودة رئيس الجمهورية جلال الطالباني الى بغداد وطرح النقاط الخلافية واساليب حلها. وقال ان "الكتل السياسية مدعوة الآن لمناقشة خلافاتها وتحويلها الى جهد فعلي من اجل تفعيل ورقة الاصلاحات السياسية بحضور الطالباني وكذلك التحضير لعقد الاجتماع الوطني".

واشار العيساوي الى ان "اللقاءات الثنائية التي عقدتها الكتل السياسية قبل عيد الفطر قربت الرؤى حول معظم المشاكل التي تواجه العملية السياسية والبنائية في البلد، لذا هي بحاجة الان الى مباحثات جديدة للاتفاق على اطار محدد لعرضه بعد حضور الطالباني الى بغداد". وشدد على "ضرورة الاحتكام للدستور واتفاقية اربيل التي قامت على اساسها الحكومة ومناقشة سائر الاوراق والمبادرات التي صيغت في اربيل والنجف جنبا الى جنب مع ورقة الاصلاح السياسي التي يعتزم التحالف الوطني طرحها".

ويرى النائب عن كتلة المواطن المنضوية في التحالف الوطني حبيب الطرفي، أن لجنة الاصلاحات السياسية التي شكلها التحالف الوطني مؤخرا بهدف حل الازمة السياسية في البلاد لاتمتلك عصا سحرية لحلحة الازمة الراهنة. وقال الطرفي إن "ورقة الاصلاحات السياسية هي ورقة أعدت من قبل لجنة الاصلاحات التي شكلها التحالف الوطني من اجل التباحث والتحاور مع بقية الكتل السياسية بغية الوصول الى حلحلة المشاكل الراهنة في البلاد".

وبين ان "لجنة الاصلاحات هي لجنة برلمانية جاءت نتيجة شعور التحالف الوطني بالمسؤولية على كثير من الامور، لهذا هي بحاجة الى تعاون الاخرين معها". وأضاف أن "لجنة الاصلاحات لاتمتلك عصا سحرية لحل المشاكل في البلاد، انما هي لجنة وضعت للتباحث والتفاهم مع بقية الكتل المتكونة من الطيف السياسي العراقي وقامت بوضع ورقة تتضمن جميع اراء الكتل وذلك من اجل نجاحها"، مشيرا الى ان "الورقة ستناقش كل ما يحصل في الساحة السياسية العراقية بأستفاضة حتى نتمكن من تشخيص السلبيات بشكل دقيق ومن ثم الذهاب الى الحلول".