بعد سوريا والعراق فرقة داعش الإسرائيلية تستهدف مسلمي أوروبا |
العراق تايمز: كتب صائب خليل.. حين تحدث البعض قبل فترة، ومنذ أن اكتُشف أن بعض اعضاء داعش وبقية الإرهاب بالأسماء الأخرى في سوريا، هم من الأوروبيين المسلمين، وقال أن هؤلاء سيمثلون خطراً إرهابياً على بلدان أوروبا عندما يعودون إليها، كنت متأكداً أن الجهة التي نظمت داعش لن تفوت مثل هذه الفرصة لاستخدامهم لضرب المسلمين في أوروبا والغرب كما ضربتهم في بلدانهم في الشرق.. وعندما سمعت بحادث شارلي ايبدو، قلت "أن الهجوم قد بدأ"!..
من المؤكد أن ما حدث جريمة قتل بكل المقاييس، ومن المؤكد أن إهانة المقدسات لا تبرر القتل ولا تخفف وحشيته حتى لو كانت هي الدافع بالفعل – وهو ما نشك فيه بكل تأكيد، وأن مرتكبيها يستحقون أشد العقوبات. لكن من المؤكد أيضاً أن إضافة أية مبالغات أو قدسية على الضحايا، ليس سوى نفاق إعلامي سياسي واضح! ضحايا "شارلي" ليسوا أكثر قيمة من غيرهم من الضحايا في العالم حيث يتم القتل بإرهاب الدولة بشكل جماعي وبالملايين، ودون أن يثير احتجاجاً أو تضامناً مشابها أو دموع ملوك ورؤساء تحولوا إلى مهرجين يثيرون الضحك و الأسى..
الحقائق التي رافقت هذه الجريمة تشير بوضوح إلى أن القضية ليست قضية انتقام إسلامي لإهانة المقدسات، بل أن هناك ما يجري في الظلام في تآمر واضح لهدف آخر لا علاقة له بالإنتقام لنبي الإسلام، وقد نشرت الصحف والمواقع وعرضت القنوات التلفزيونية العديد من علامات الإستفهام التي تنفي أي مجال لأن تكون الرواية الرسمية التي ينشرها الإعلام الغربي صحيحة بأية درجة. وحتى الآن لا يوجد حتى دليل واحد بأن من قام بالعملية فعلاً هم من المسلمين الذين جندتهم إسرائيل في فرقتها الإرهابية "داعش"، بل أن كل الثغرات تشير إلى الفشل في استعمال هؤلاء المجانين في هذا الهجوم. وسواء كانت الأدوات المنفذة للجريمة من المنتمين إلى تلك الفرقة الإسرائيلية أو غيرها، فالأمر واحد، والهدف إعلامي يكون جزءاً من هجوم للخندق الإسرائيلي الأمريكي على مسلمي أوروبا.
و بالتأكيد لم يكن هذا الهجوم هو الأول، لكنه قد يكون الأخطر. وقد لاحظت أن التحرك ضد مسلمي هولندا وأووربا عموماً قد نشط بشكل خاص بعد التظاهرات التي اجتاحت أوروبا تظامناً مع الشعب الفلسطيني إثر الحرب الإرهابية الإسرائيلية عام 2002، حيث سارت في شوارع أمستردام ما وصفه البعض بأنه أكبر تظاهرة في تاريخ هولندا على الإطلاق، أو ربما الثانية في حجمها بعد تظاهرات أمستردام في اواخر الستينات ضد نصب الأسلحة الذرية الأميركية في بلادهم! وفي تلك الفترة أيضاً تبين من استبيان أوروبي أن جميع شعوب اوروبا الغربية بلا استثناء، تعتبر إسرائيل الخطر الأكبر على السلام العالمي، وبنسبة كبيرة بلغت 59% كمعدل عام ونسبة مهولة بالنسبة لهولندا: 74%! وطبيعي أن تلك النسبة الكبيرة كانت مثل حجم التظاهرات، تعني تعاطف الشعب الهولندي كغيره من شعوب أوروبا، مع الشعب الفلسطيني وتفهم قضيته واعتبار إسرائيل المعتدية. كل هذه الأمور لا يمكن أن تمر بسلام في البلد الذي تعتبره إسرائيل أن حكوماته المتعاقبة من أقوى الداعمين لها، ولذلك كان لا بد من تحويل الأنظار والتهمة، وتوجيه الخوف نحو جهة أخرى، وليس هناك أفضل من توجيهها نحو الضحية نفسها!
وبالفعل، وبعد سنتين، حدث “القدر” المناسب فقتل السينمائي والإعلامي المهاجم للإسلام ثيو فان خوخ في هولندا (2004)، وبظروف غامضة ومثيرة لعلامات الإستفهام أيضاً (سنورد تفاصيلها في مقالة قادمة). وبالفعل حدث التغيير المطلوب، وتحول الهجوم ضد المسلمين، مدعوماً بنشاط سياسي غير طبيعي للأحزاب المعادية للإسلام.
وإن كانت قضية مقتل فان خوخ مليئة بالثغرات وعلامات الإستفهام التي أثارها الفلم الوثائقي "نهاية أسبوع سعيدة، بالرغم من كل شيء"، الذي عرض في التلفزيون الهولندي (مرة واحدة!) بمناسبة الذكرى الأولى لجريمة اغتيال فان خوخ، فأن القصة الرسمية لجريمة قتل “شارلي” هبدو تبدو كـ “غربال” لكثرة الثغرات وعلامات الإستفهام، ويستبعد تماماً أن تكون دوافع القتل كما عرضت. إننا لن نعرض تلك الثغرات الكثيرة في هذه المقالة، لكننا نكتفي حالياً بالقول إنها ليست نظرية مؤامرة، بل أن نظرية المؤامرة هي التي تقول أن اثنين من كبار ضباط الشرطة الفرنسية كانا يحققان في الحادث الأخير "شارلي هبدو"، قد "إنتحرا" الواحد تلو الآخر باطلاق الرصاص على رأسيهما!!
من يريد من مسلمي أوروبا أن يصدق مثل هذه القصص، ويسارع إلى استعراض "حضاريته" وتأكيد براءته بـ "إلقاء اللوم على الذات"، ويسارع إلى كتابة الملاحم عن "حرية الرأي" و "المسلمين الإرهابيين" المتوحشين، ويسكب دموعه غزيرة على هذه الضحايا دون الملايين غيرها من البشر، مكرراً مسرحية الملك عبد الله الذي غرق في دموعه على الضحايا وكان يبدو عليه (هو وزوجته) أنه على وشك الإغماء من الحزن والفجيعة، فنصيحتي له أن يتريث قليلاً، فالفضيحة مازالت تتداعى وتكاد تعلن عن نفسها بألف طريق ومن أدار الأمر من وراء الكواليس لا يكاد يلحق بسد الثغرات التي تفتح، بـ "إنتحارات" متتالية لغلق الموضوع!
أما من يريد أن يرى الحقيقة ولا يهرب منها، فالحقيقة واضحة ومرة. أن هجوم جديد يجري إعداده على مسلمي أوروبا أخطر من أي هجوم سابق يتم إعداده ولهدف يصعب تماماً رؤية علاماته وحدوده. وهو يتطلب من مسلمي أوروبا أن يكونوا شجعاناً ونشطاء وأذكياء لرد هذا الهجوم وإفشاله، بالفضح وكشف الحقائق لبعضهم البعض بلغتهم العربية، وكذلك بلغة البلد الذي يعيشون فيه، وتأكيد حقيقة أن المسلمين مواطنين عاديين وبشر عاديين لا يختلفون عن غيرهم بأي شيء وأن هناك مؤامرة ضدهم وضد المجتمع الذي يشكلون نسبة لا يستهان بها منه. ويجب الإصرار والتكرار على الحقائق التي فضحت المؤامرة ووضع تلك الحقائق أمام الإعلام وامام الناس لكي لا يسمح لها أن تطمر تحت تراب النسيان الذي يهيله عليها الإعلام المشارك في المؤامرة. كذلك يجب التحرك على الأحزاب السياسية المتعاطفة مع الأجانب ومطالبتها بالوفاء بواجبها بكشف الحقائق والرد على السفهاء من قادة الأحزاب المعادية للأجانب والتي هي جزء أكيد من المؤامرة وكل مؤامرة ، وقد بدأوا بالفعل نشاطاً محموماً بالتحريض ضد المسلمين بل وبالقيام بعمليات اعتداء عليهم في مختلف انحاء أوروبا.
لا يجب الإستهانة بما قد يحدث. ففي أحد الأحاديث التي قدمها أحد أولاد أحد الناجين اليهود من الهجمة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، قال أن أبيه الذي كان يعيش في ألمانيا، ألح على أخيه (عم المتحدث) على ضرورة ترك المانيا، لكن عمه سخر منه وقال له: "ما الذي يمكن ان يحدث؟ أن المانيا بلد متحضر"! ثم كان ما كان، وقضى العم نحبه نتيجة اطمئنانه إلى "حضارة" المانيا.
لا حجة أمام مسلمي أوروبا هذه المرة، فهم المستهدفون مباشرة وجميعاً، وليس المسلمون الملتزمون فقط ومن يطيلون لحاهم ويصلّون في الجوامع، بل كل من له علاقة بالإسلام ولو وراثة، وحتى الملحدين منهم، فالقضية سياسية بحتة، هدفها إبعاد كل من ينتقد إسرائيل أو سياسة الخندق الإسرائيلي الأمريكي في الشرق الأوسط، عن أوروبا أو إرهابه وتحويله إلى أداة إسرائيلية كشاهد زور أو شيطان أخرس. ومنذ الآن هناك حتى دعوات لإقرار قوانين تمييزة خاصة ضد المسلمين بشكل خاص! فإن نجحت المؤامرة الخطرة وسارت في طريقها الخبيث، فجاليات المسلمين وأولادهم ومستقبلهم في خطر هذه المرة وليس وطناً بعيداً لم يعد يربط معظمهم به سوى بعض الذكريات والعواطف وعدد من الأهل والأصدقاء، ولا يستحق من البعض حتى تعب قراءة صفحة أو كتابة سطر جدي "مزعج" في الفيسبوك.
رغم كل المظاهر، فأن أوروبا السياسية لم تتغير كثيراً من الناحية الأخلاقية منذ فترتها النازية. فما تغير فقط هو اتجاه نفاقها، لكنها من الناحية المبدئية مازالت تعتدي على الضعيف وتستفزه وتثور عليه، في الوقت الذي تصمت بكل جبن عن القوي الذي يكمم أفواهها ويجبرها على سياسات لا مصلحة لها فيها.
وكما كان اليهود هدفاً لهذا النفاق حينما كانوا ضعفاءاً يوماً، فأنتم وأولادكم ومستقبلكم ومستقبلهم في عين العاصفة هذه المرة ويجب العمل على الإفلات منها وردعها. وهنا يجب أن نتذكر دائماً على أنه وبرغم أن إسرائيل تسيطر على الأغلبية السياسية والإعلامية في أوروبا، فإن الأغلبية البشرية الساحقة تقف بالضد منها كما بينا، ويجب اللجوء إلى هذه الأغلبية والتضامن معها بكل الطرق، وهناك الكثير من الأدوات المؤثرة في ضرب هذه المؤامرة وأهمها فضح الأكاذيب التي تتكشف تباعاً والتركيز عليها.
ولكن رغم فرص التفاؤل التي تمنحها كثرة أخطاء من يقود المؤامرة، فأن تلك الثغرات يمكن ان “تطمطم” ويسير المخطط الشرير كما يراد له، مثلما “طمطمت” ثغرات 11 سبتمبر الهائلة وغيرها، ما لم يتبنى عدد كاف من الناشطين مهمة الإصرار على كشف الحقائق ونشرها وإبقائها على طاولة الجدل. ومن الضروري بالنسبة للمهاجرين أن يوعي الآباء والأمهات أبناءهم وبناتهم من الشباب بما يحدث، وتحذيرهم من الخطر وحثهم على المساهمة في الدفاع عن مستقبلهم، لما لهم من إمكانيات أكبر للوصول إلى الرأي في بلادهم الغربية من خلال قدراتهم اللغوية المتميزة، وعلاقاتهم بزملائهم في الدراسة أو العمل وفهمهم الأفضل للمجتمع الغربي.
ليكن في هذا الهجوم عبرة للجميع في الشرق والغرب، بأن من يستهدف وطنهم اليوم يلاحقهم أيضاً حيثما ذهبوا، وأن معركتهم ومعركة الوطن معركة بقاء واحدة وعدوهم واحد، وأن يروا أن الدفاع عن الوطن ضد منتهكيه هو دفاع عنهم أيضاً، ويجب أن لا يدخر جهد لفضح جرائم ومؤامرات الخندق الإسرائيلي الأمريكي وفضح المتآمرين معه وكل من يرتبط به وبـ "أصدقائه" من قادة وساسة مأبونين وكتاب مرشوين وتحطيم مؤامراتهم في كل مكان. |