!السبي الأيزدي .. طفٌ بلا حسين
أسرها تنظيم داعش، هي وزوجها وطفلها الرضيع، قتلوا زوجها، وأقتادوها الى أحد المنازل، وحبسوها مع طفلها في إحدى الغرف، كان ذلك المنزلُ مكتضاً بوحوش الصحراء الأجلاف، راودها أحدهم عن نفسها فأبت، منعوا عنها الطعام والماء، وساوموها فأستعصمت، وقالت: إنّ ربّي سيهدين! حلّ عليها ظلام اللّيل، فزاد من أوجاعها، وساورتها ذكريات العز، وأستوحشت من مصيرها المجهول!
نام طفلها الصغير جائعاً عطشا، فأصبحت الوحدةُ متمم ثالوث الظلمات لديها، لا جذعُ نخلة فتهزه، ولا طفلها يسوع كي تنبجس من تحته عيون الماء! ولم تشهدُ مائدة نزلت من السماء لغير الأنبياء، عاشت تلك المرأة المسكينة، ساعاتٍ من واقعة الطف الأليمة، وحاكت مشهد السبايا بلا أنيس، لا تدري متى يُنحر رضيعها، ولا تدري متى تُستباح!
كان لها زوجٌ تستظلّ بستاره، واخوةٌ يكفلونها، فإذا بها بعد العزّ ذليلة، وبعد الأمن تصارع مصيراً مجهولاً وبيدٍ جذّاء، ليس لديها سوى رب السماء كفيلا، إذ ناجته طويلا. في منتصف الليل جثمت الشياطين على صدور الدواعش، فأوحى الربّ الى حبيبه، فأجهش بالبكاء، أخذت الأم تنادي القوم: إن كان عدائكم مع الكبار؛ فمها هو ذنب الرضيع؟!
طرقت الباب مرات ولم يجبها أحد، وأخذت تطرقه بشدّة، وكأن روح القدس الذي نزل يوم خيبر؛ عرّج عليها، فركلت الباب وأقتلعته، والشياطين مازالوا يواقعون إخوتهم! ويرزحون في نومٍ عميق، حملت طفلها وهربت، وأخذت تمشي مبتعدةً عن وكر الوحوش، سارت قرابة أربعة كيلومترات، ليس لها من هاد الا الرب تعالى، إذ هداها الى دار أناس رحماء.
آواها صاحب الدار ثلاثة أيام، ومن ثمّ أخذها نحو "سيطرة للبيشمركة الكورد" وأتصلوا بأخيها، وجاء ليقلها الى البيت! لعلها كانت أفضل حالاً ممن سواها، فلم يكتف مسوخ داعش، بذبح الرجال، ووأد الأطفال، وأستحياء النساء، وإنما بلغ بهم من الدناءة، حداً تشمئز منه سباع الغاب، فكان كلما جُرح كلبٌ من كلابهم، أجبروا النساء على التبرع بالدم