الجلبي: العراق يعمل كمحطة بنزين وتصفير الفساد في العقود الكبرى ممكن



بغداد: أكد رئيس اللجنة المالية البرلمانية احمد الجلبي، امس الاثنين، إن العراق فشل حتى الآن في تنويع مصادر اقتصاده، بدءاً من سلطة الائتلاف المؤقتة التي رفضت اتخاذ أي إجراء لتعديل النظام الاقتصادي"، عاداً أن "العراق يعمل كمحطة بنزين"، وفيما أكد ضرورة تحسين أداء القطاع المصرفي الذي يشكل عائقاً أمام الاستثمار الداخلي والأجنبي، رجّح امكانية تصفير الفساد في العقود الكبرى من خلال إجراءات عدة.



جاء ذلك في مقابلة موسعة مع الجلبي، أجراها موقع اخبار الطاقة والنفط (Iraq Oil Report)، على خلفية استمرار تراجع أسعار النفط العالمية وتداعيات ذلك على العراق، في وقت يستعد البرلمان لإقرار موازنة العام الحالي.



وقال احمد الجلبي، إن "العراق فشل حتى الآن في تنويع مصادر اقتصاده، بدءاً من سلطة الائتلاف المؤقتة، التي رفضت اتخاذ أي إجراء لتعديل النظام الاقتصادي"، عاداً أن "العراق يعمل كمحطة بنزين، إذ نأخذ الوقود من الأرض ونشتري كل ما هو ضروري لتسديد المرتبات، وذلك غير جيد لأن لدينا الكثير من المياه والأراضي الزراعية".



وطالب الجلبي بضرورة "زيادة الإنتاج الزراعي وإبعاد الحكومة من مهمة تشغيل المعامل، وهو ما يناقشه البرلمان حالياً"، مشيراً إلى أن "القطاع الخاص في العراق أصبح ضعيفاً لعدم وجود إجراءات لتحديد الضمان الكافي لمنتسبيه، ما يقتضي تشريع قانون يساوي بين تقاعدهم وأقرانهم في القطاع العام، ليتسنى للناس الانتقال إلى ذلك القطاع".



ورأى القيادي في التحالف الوطني، أن من "الواجب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتغيير القوانين، ومنها على سبيل المثال، ذلك المتعلق بجمع ديون الدولة الذي يعطي سلطة لأيّ مدير في الحكومة الحجز على أموال الطرف الآخر من القطاع الخاص المتنازع معه، بدون أمر قضائي، ومن دون أن يذهب للمحكمة، ما ينفر الشركات الأجنبية ويوجب تغييره".

 


وشدد الجلبي على ضرورة "تحسين أداء القطاع المصرفي الذي يشكل عائقاً أمام الاستثمار الداخلي والأجنبي، وتطوير أدائه من ناحية إيداع الأموال وتحويلها من أجل التنمية الاقتصادية"، لافتاً إلى أن "اتحاد المصارف الخاصة العراقية، يعمل جاهداً لتعديل التشريعات المتعلقة بالعمل المصرفي".



وطالب الجلبي بأن "تعامل المصارف الحكومية بالمقاييس ذاتها التي يتم التعامل فيها مع المصارف الأهلية، وأن تكون مستقلة عن الأوامر الحكومية في الإقراض أو تنفيذ التحويلات المصرفية كما تأمر الحكومة، لتتمتع ببعض الاستقلالية وتتمكن من تلبية احتياجات المستثمرين والقطاع الخاص".



ودعا الجلبي وهو خبير مالي ومصرفي، إلى "زيادة ايداعات المصارف الأهلية والحكومية، وتشريع قانون يسهم في خلق وكالة لضمان الإيداعات الخاصة في المصارف على غرار شركة ضمان الايداعات المصرفية الفدرالية FDIC المعمول بها في الولايات المتحدة، لأهمية ذلك بالنسبة للبلد والقطاع المصرفي".




وبشأن التنمية وما إذا كان لا بد من إحياء هيأة التنمية الوطنية، قال رئيس اللجنة المالية البرلمانية، إن "هيأة التنمية الوطنية مذكورة في الفقرة 27 في مشروع قانون الموازنة، التي تدعو مجلس الوزراء لتشكيلها على أن يقوم البرلمان بتشريع قانونها خلال ثلاثة أشهر".


وأضاف احمد الجلبي، أن "هيأة التنمية الوطنية ستتولى مهام تنفيذ المشاريع التي تقع خارج نطاق الأقاليم والمحافظات، مثل إقامة الموانئ الكبرى وخطوط السكك الحديد والسدود التي تنظم تدفق المياه فضلاً عن مشاريع أخرى كبيرة لا يمكن تحقيقها حالياً كبناء العدد الكافي من المدارس، فضلاً عن تنفيذ عدد ضخم من مشاريع الإسكان في البلاد".




وانتقد رئيس اللجنة المالية البرلمانية احمد الجلبي، "عدم توظيف العوائد الفائضة لبناء احتياط نقدي عندما كانت أسعار النفط عالية خلال السنوات العشر الماضية"، عاداً أن "العراق ارتكب بذلك خطأ كبيراً، لأن الحكومة استعملت ذلك الفائض المالي لإدخال درجات وظيفية زائدة باتت ترهق كاهلها حالياً".



وأوضح الجلبي، أن "الحكومة تسدد الرواتب حالياً لثلاثة ملايين موظف، وتضمن تسديد رواتب 600 ألف شركة حكومية غالبيتها غير ذات منفعة على الاطلاق"، مبيناً أن "المشكلة باتت ضخمة ويمكن للجميع ملاحظتها".


واتهم رئيس اللجنة المالية البرلمانية، الحكومة بأنها "لا تنظر إلى أمام ولا تفكر بأي مصدر مضاف للنقد، كونها تعتقد دائماً أن أسعار النفط في تزايد"، مشيراً إلى أهمية "تأسيس صندوق النفط عند توافر الموارد المالية اللازمة لذلك، لعدم توافرها حالياً".



وأعرب الجلبي عن تمنيه بأن "يتمكن العراق من الاقتداء بما فعلته النرويج في مجال صندوق النفط"، لافتاً إلى انه من "الجيد أن تكون أموال النفط محمية من السياسيين، برغم أن تحقيق ذلك يتطلب إجراء إصلاحات سياسية كبرى".



ورأى رئيس اللجنة المالية البرلمانية، أن "الفساد يشكل مشكلة كبيرة في العراق، وأن أول خطوة لمكافحته تتطلب التركيز على العقود الحكومية الضخمة، لمراجعتها من قبل هيأة خارج نطاق الوزارات وخارج سيطرة الوزراء".



وأشار الجلبي إلى أن "الكابينة الوزارية التي كان يرأسها إبراهيم الجعفري 2005- 2006، تضمنت لجنة عقود أسهمت في تصفير نسبة الفساد في العقود الضخمة، وكان مقياسها أن أي عقد يفوق الثلاثة ملايين دولار يجب أن يخضع لموافقتها، حيث كانت تلتقي 75 مرة بالسنة، بمعدل مرتين أسبوعياً، وكانت تصادق على المشاريع وتسيطر على الفساد وتجعل عملية التعاقد الحكومي أكثر سلاسة ونزاهة".



وتابع الجلبي، أن "مهام تلك اللجنة كانت تنفذ بملاك من مكتب مجلس الوزراء، وكانت تتألف مني شخصياً كرئيس، فضلاً عن وزراء المالية والتجارة ورئيس البنك المركزي ومسؤول دائرة الرقابة المالية في الحكومة"، مؤكداً أن "اللجنة شكلت تجربة ناجحة بالإمكان تكرارها، بعد أن انقطع عملها خلال ولايتي نوري المالكي".



وعدّ رئيس اللجنة المالية البرلمانية، أن "العراق يواجه نسبة عالية من الفساد في المشاريع الكبرى التي تم التوقيع عليها، وأن ذلك ينطبق أيضاً على موظفي الحكومة من ذوي الدرجات الدنيا، الذين يعتقد أكثرهم أن من حقهم أخذ أموال من الدولة مقابل خدمات لا تشكل أيّ منفعة للسكان"، مطالباً بضرورة "السيطرة على ذلك الوضع بأساليب متعددة".



وتابع الجلبي، أن هناك "فساداً في الأشخاص الذين يوقعون فقط حين تسلم الراتب، من دون تقديم أي عمل، وقد قيل إن تلك الحالة تفشت في المؤسسة العسكرية"، مستدركاً بالقول أن هناك "طرقاً لمعالجة ذلك الوضع من خلال استعمال التقنية المتقدمة لصرف رواتب الموظفين وعدم تمكين رؤسائهم من الحصول عليها أو تقاسمها معهم".



وبشأن صلاحيات مجالس المحافظات، أعرب رئيس اللجنة المالية البرلمانية، عن اعتقاده بأن "التعديلات التي أجريت على قانون صلاحيات مجالس المحافظات أقل أهمية من ضرورة تطبيقه"، عاداً أن من "المهم إعطاء المحافظات سلطات أكثر".



ورجّح الجلبي، أن "تشمل تلك التعديلات السيطرة على القوات المسلحة في المحافظة، لاسيما الشرطة، مع ضرورة إدخال بعض التعديلات بهذا الخصوص ضماناً لمركزية الأمن مع الأخذ بالحسبان وضع كل محافظة وخصوصيتها".