يعتبر التواصل communication علامة دالة على وجود مشاكل ما في أداء المنظمة ودافعا لها. وقد أعتدنا أن نسمع منذ زمن بعيد أن مئات المدراء يميلون ألى أستخدام التواصل لكونه يمثل نقطة أستقطاب غامضة لكل المشاكل المتوقعة التي تواجه المنظمة أو فريق العمل حيث أن السبب الجوهري للكثير من (مشاكل التواصل) أبعد من ذلك بكثير. وتعزى مشاكل التواصل الى أسباب عديدة ومتنوعة منها المنظمات التي تفتقد الى التنظيم الصحيح والعمليات غير الفعالة والأنظمة البيروقراطية والمكافآت غير العادلة ونقطة التلاقي غير الواضحة (الزبون – الشريك)والرؤى والقيم والأهداف المبهمة وقادة الفرق وأعضاءها غير المهرة والأهداف والأولويات المشوشة ومستويات الثقة المتدنية والمعايير الضعيفة وعقد التغذية المرتجعة feedback. وفي كل مرة يتصل بنا أحد المدراء لحل (مشكلة تواصل) ما نشعر أنه لابد من بذل بعض الجهد للتعاطي معها. ولاشك أن الأستراتيجيات والنظم والممارسات ذات الصلة بالتواصل تؤدي دورا محوريا في الأداء المتميز. كما أن المعلومات والفهم والمعرفة تشكل حجر الزاوية لبنية المنظمة. وتمثل أستراتيجية التواصل المدروس والشامل عنصرا فعالا لأي تغيير أو تحسين ناجح. في هذا السياق تعمل أستراتيجية التعليم والتواصل على سبيل المثال على بلورة نبرة وتوجيه الجهود الرامية لتحقيق ذلك التحسن. كما أن أستراتيجيات التعليم والتواصل تؤثر على مستويات الطاقة الرامية لتحقيق التغيير والتطوير. من جانب آخر تدفع الأستراتيجيات القوية الناس للتركيز على الأهداف والأولويات فيما تقدم تغذية مرتجعة عن جوانب التقدم المتحققة وما يحتاجه الأمر من تصحيحات. أضف الى ذلك تترك أستراتيجيات التواصل والنظم والممارسات الفعالة آثارها الكبيرة والمباشرة على ماتحققه المنظمة في مجالي التعليم والأبداع علاوة على قيامها بالأتي ذكره: • توصل رسائل واضحة وثابتة لسائر أقسام المنظمة؛ • تلهم العاملين وتبعث فيهم النشاط ؛ • تتسم بسهولة الأستخدام والصبغة الأنسانية والشخصية؛ • تقوم بتحريك المعلومات والخبرات والتعلم والأفكار والتوجهات والتغذية المرتجعة بكفاءة ودقة في سائر الأتجاهات –الى الأعلى والأسفل وعبر المنظمة؛ • تقوم بتوفير القنوات المتعددة؛ • تتحقق في جو تسوده الثقة والأنفتاح فحسب. أن الكثير من المدراء لايقيّمون الدور الأستراتيجي الكبير المنوط بالتواصل في ضوء الجهود المبذولة لتحقيق التحسن رغم كثرة مايصدر عنهم من كلام حول هذا الأمر. وعلى أثر ذلك لايعطي مثل أولئك المدراء الوقت الكافي للتفكير فيما يتعين عليهم قوله وكذلك اللجوء الى أفضل الطرق للتحدث مع الآخرين. غير أن مقدار مايصدر من حديث ونمطه يعبر عن مقدار ثقتنا بالناس وعن رؤيتنا عنهم بصفتهم شركاء أو (مرؤوسين) يعملون (لدي). أن أسترايجيات التواصل ونظمها وممارساتها تحدد أبعاد البيئة التي نضع فيها الناس الذين يعملون لدينا. ولابد من الألتفات الى أن أفضل أستراتيجيات ونظم وتكنولوجيا التواصل ربما تؤدي الى نتائج سلبية مالم تكن لدينا مهارات تواصل قوية. ومع وجود التكنولوجيا المتطورة في وقتنا الحاضر أصبح بمقدور المزيد من الناس التوصل الى أستنتاجات بشكل اسرع بكثير من ذي قبل. ثم أن حصول أي تواصل ضعيف سوف يؤثر كثيرا على الرؤية vision والقيم ووضوح الأهداف والأولويات فضلا عن خطة التطوير الناجحة. ويعمد الكثير من المدراء الى أبتكار حملات تسويق داخلية لاتمتلك مقومات النجاح الكاملة ويستثمرون في مجال تقنية المعلومات باهظة الثمن. ورغم أن مثل أولئك المدراء يسيرون بالطريق الصحيح فأنه لابد من الأدراك أن الزبائن والشركاء يثمنون التقنيات ويحبذون أستخدامها خاصة أذا خضعوا للتدريب المناسب وحصلوا على الدعم المطلوب فضلا عن أنهم يرغبون في عدم الأنصياع للعزلة التي يمكن التي تتسبب بها مثل تلك الأدوات والأساليب حيث أن الناس عموما يرغبون باللمسات الشخصية وهم يريدون تحسس العواطف والطاقة والجانب الأنساني لقادتهم قبل أن يشاركونهم. تجدر الأشارة أن القيادة والتواصل أمران مترابطان لايمكن فصلهما فقدرتنا على تحفيز الناس وألهامهم وتشجيعهم لبلوغ مستويات أعلى من الأداء يرتبط بشكل وثيق بقدرتنا على التواصل فالقادة الأقوياء متحدثون أقوياء أيضا لأن مهارات الأتصال الضعيفة لايمكن أن ترتبط بالقادة المتميزين. وربما يكون المرء أداريا أو مديرا أو تقنيا أو عضو فريق قويا لكن أفتقاره لمهارات التواصل اللفظي القوية تجعل منه قائدا ضعيفا. ومالم يعمد الأنسان الى تحسين مهارات الأتصال فأنه سوف يقع ضحية للخلط في التعامل مع الأشياء وقيادة الناس. ولم يعد التواصل الفعال مهارة طبيعية مثلما كان ينظر الى القيادة بأعتبارها سمة متأصلة ، فقلة قليلة جدا من المتحدثين الأقوياء تفتح أفواهها لتنطلق منها الكلمات دون عناء لأن غالبية القادة تعلموا مهارات التواصل وطوروها ومارسوها وهذبوها من خلال العمل الجاد والجهود المثابرة. وقد تعلموا كيفية البيع والأقناع كما تعلموا كيفية أضافة اللمسات العاطفية الى قضية راسخة أو منطق مقنع وكانوا قادرين على شحذ المنطق الذي أعتمدوه.
|