حوار مع الصحفي نجاح محمد علي

قال: ان اللوبي السعودي والصهيوني يحاول افشال الاتفاق بين ايران والغرب
نجاح محمد علي: ايران تعتبر ان عدم استقرار العراق يمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي. وان تواجد قاسم سليماني في العراق يعني انها ما عادت خائفة على حليفها في سوريا
حاوره جمال الخرسان

- قبل ايام اقيمت جولة اخرى من المفاوضات في جنيف بين ايران والغرب... اساسا هل يمكن ان يصل الغرب الى اتفاق مع ايران بخصوص الملف النووي؟
أستطيع القول إن الاتفاق النهائي بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا 5+1 موجود على الطاولة وقد أنجز الكثير منه ولم يتبق منه سوى الاعلان عنه، لكن الأمر منوط بالإرادة السياسية لدى الطرف الغربي وتحديدا الولايات المتحدة وقدرتها على مجابهة الضغوط التي يمارسها اللوبي الصهيوني ومعه أيضا السعودية واعلان هذا الاتفاق حتى قبل الصيف القادم وهو الموعد المحدد بعد تمديد الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل له في نوفمبر تشرين ثاني العام 2013.
إذن فان الاتفاق بشأن الملف النووي ممكن جداً وكان يمكن أن يصل له الطرفان حتى قبل التمديد لأن إيران جاهزة تماماً للتوقيع عليه إذا تم الاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم (وهذا تم) ورفعت العقوبات الاقتصادية وأعيد الملف النووي من مجلس الأمن الدولي الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبالمناسبة فان آلية رفع العقوبات هي أيضا من العراقيل لكنها قابلة للحل، لأن ايران لا تريد أن يبدو رفع العقوبات وكـأنه منّة من الغرب لها بل تريد إقرارا ضمنيا من خلال نقل الملف الى الوكالة، أن العقوبات فرضت عليها دون وجه حق، وهنا يكمن الدهاء الايراني.

- بالنسبة للإيرانيين والغرب على حد سواء هل الاولوية تقاسم النفوذ والاعتراف بإيران كقوة اقليمية ام تمرير الملف النووي الايراني؟

حاليا المفاوضات النووية تقتصر على الملف النووي بشكل اساس وهو ما أتفق عليه الجانبان أول مرة في مفاوضات التمهيد للاتفاق المبدئي الذي أبرم في نوفمبر تشرين ثاني 2013 وأن لا يتم التطرق لملفات أخرى. لكن مجرد التفاوض مع ايران حول الملف النووي فهو اعتراف بأنها قوة اقليمية كبرى في المنطقة وأن النجاح في الملف النووي يعني أنه يمكن التعويل عليها لحل الملفات الاقليمية الأخرى التي هي طرف أساس بها كالأزمة السورية مثلاً، وهناك رغبة جادة لدى الولايات المتحدة ودول غربية نافذة في تحويل ايران الى شريك استراتيجي بدلا من أن تزل دائما خصما لكن الأمر ليس سهلا نظرا لوجود قوى في داخل ايران وخارجها لا ترتاح لذلك.
الغرب بدأ يدرك وعليه أن يدرك إن لم يكن فعل ذلك أن ايران لاعب اقليمي ودولي هام ويجب التفاوض معها خصوصا في عهد الرئيس المعتدل "حسن روحاني"، لتهميش المتطرفين سواء داخل إيران أو خارجها في الولايات المتحدة مثلا .

- اقامت ايران مؤخرا مناورات عسكرية كبرى في الخليج الى ماذا كانت تهدف ايران من خلال ذلك الاستعراض العسكري في ظل تشنج واحتقان اقليمي... وهل استفادت ايران من دبلوماسية المناورات فيما سبق؟

هي ديبلوماسية القوة المرنة مع ملاحظة أن هناك من يحاول عرقلة المفاوضات النووية من خلال الزج بموضوع الصواريخ الباليستية ولهذا فإن المناورات خصوصا التي يعلن فيها عن اختبار أنظمة الصواريخ هي رسالة للقوة التي تضغط على ايران في الخارج لفرض اتفاق غير عادل في المسألة النووية.
لكن أيضا علينا الانتباه الى أن الحرس الثوري وهو أيضا من جماعات الضغط داخل ايران، راض تماما بالاتفاق النووي إذا أعلن عنه لكن ليس بأي ثمن، وليس بالقبول بالمفاوضات الى ما لا نهاية، ولهذا فان المناورات هي جزء من الاستعدادات لأي طارئ ومنه بالطبع تعرض ايران لضربة عسكرية واعتداء من قبل اسرائيل وأمريكا ومن يقف معهما .طبعا علينا أن نميز في التوقيت لأن ايران كما هو واضح تختار توقيت مناوراتها بدقة .

- ايران هل تجد نفسها معنية بإرضاء السعودية ام تركيا باعتبارهما زعيمتين للثقل السني في المنطقة كيف تدير هذا الملف؟

نعم أعتقد أن حكومة الرئيس حسن روحاني مهتمة بسياسة نزع فتيل التوتر في علاقاتها الاقليمية والدولية خصوصا السعودية لكن يبدو أن السعودية هي من يمتنع، وعلينا أن ننظر نتائج هذه الجولة الأخيرة من المحادثات مع الغرب والجولة التي قام بها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لعدد من الدول الأوروبية كانت في العموم مفيدة الى جانب لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" وما الرفض الأمريكي المباشر لرفض عقوبات اضافية كلها عوامل تجعل التمنع السعودي لا يصمد كثيرا.
أما تركيا فان الاتفاقيات الاقتصادية معها وكونها لاعب منافس لإيران في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز إضافة الى الأزمة السورية والعراق تجعلها تعد للألف قبل ان تتخذ قرارا يغضب ايران. ايران لا تنظر للأمور من زاوية طائفية الا مع السعودية بسبب وجود مؤسسة دينية في البلدين وأوراق مختلطة بينهما هنا وهناك.

- العلاقة بين ايران وامريكا تنعكس بشكل او باخر سلبا او ايجابا على العراق من وجهة نظرك كيف يمكن للعراق الجمع بين المصالح الامريكية والايرانية مع جميع ما بينهم من تناقض؟

أعتقد أننا أمام وضع معقد كثيرا يرتبط بالعلاقات الاقليمية أكثر منه بين ايران وامريكا لأن أي توافق بين ايران والسعودية سينعكس ايجابا على أداء الحكومة العراقية لكن بالعموم فان التجاذبات الداخلية والنزاعات بين ما يسمى ممثلي المكونات أي أطراف العملية السياسية هي ايضا تؤثر على أداء الحكومة تجاه ايران او امريكا.
انا مع ان توزع الحكومة باتفاق من كافة الاطراف علاقاتها مع ايران ولا تحصر العلاقة بين ممثلين عن الشيعة فيها وايران. بمعنى ان تشجع ان تكون العلاقات متوازنة وخصوصا بين وزارة الدفاع وايران. وان تقوم بدور ايجابي للتقريب بين طهران وواشنطن ولا تكتفي بلعب دور المتلقي او المتأثر بالعلاقات الايرانية الامريكية.
وقبل كل شيء يجب أن لا تغضب الحكومة العراقية الدول العربية النافذة في الاقليم وتبني علاقات محكمة في كافة المجالات مع السعودية والامارات والكويت وعمان وتتجنب الاثارات الاستفزازية في البحرين وتقترب من قطر بحكمة وحذر ...

- اعلان ايران عن وجودها في العراق بعيد سقوط الموصل بفترة وجيزة وتكرار ظهور سليماني في الاعلام بشكل غير معهود فيما سبق ماذا كانت تريد ان تقوله ايران بتلك الخطوة؟

ايران تتعامل على المكشوف فيما يخص نفوذها في العراق وسوريا بشكل خاص. بعد سقوط الموصل كان لابد لإيران ان ترسل اشارات واضحة ان امنها القومي بات معرضا للخطر. ولهذا فهي تدخلت بشكل مباشر بتنسيق قامت به بالواسطة نيابة عنها الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة.
وبغض النظر عن تفسير ايران لمن يقف خلف داعش فان ايران تعبر ان عدم استقرار العراق تهديدا مباشرا لأمنها القومي وهي ايضا اوصلت للمعنيين بان تواجد قاسم سليماني في العراق ومعظم القادة العسكريين الذين كانوا في سوريا، يعني انها ما عادت خائفة على حليفها في سوريا.
وفي الزيارة الاربعينية وفتح الحدود ومجيء المرشد علي خامنئي؛ كانت الرسالة واضحة أن المعركة يمكنها أن تأخذ بعدها العقائدي إذا أصرّت دول محددة في الاقليم على تجاهل خطر داعش؛ علما أنني لا اعتبر داعش وهابية ولا اعتقد ان السعودية كنظام تدعمها او تقف خلفها رغم أن جسم داعش يتكون معظمه من سعوديين متطرفين، هذا الموضوع يحتاج تفصيلاً.

- العقوبات الاقتصادية وحرب اسعار النفط الى اي مدى تؤثر على الموقف الايراني؟
العقوبات الاقتصادي كانت دافعا ولكن ليست العامل الاساس في ان تبدي ايران مرونة غير معهودة في المفاوضات النووية؛ لكن يجب ان نذكر ان ايران تواجه الحظر الاقتصادي منذ انتصار الثورة. حرب اسعار النفط لن تؤثر على الموقف الايراني الا بدفع المعتدلين في ايران الى الانكفاء لصالح عودة التيار المتشدد مرة أخرى للواجهة.
حكومة روحاني يبدو انها اعدت نفسها لميزانية تقوم على اربعين بالمائة فقط من عوائد النفط وبسعر منخفض جدا سيصل الى عشرين دولار للبرميل وهناك خطط لإلغاء الاعتماد على مداخيل النفط فالإيرانيون لن يسلموا لحيتهم لأجنبي وهذه قاعدة لا يفهمها اخواننا العرب في الايرانيين.