إسرائيل تكشف أسرار ما قبل اتفاقية كامب ديفيد .. لماذا وبــــخ كارتـــر (بيغــــن) وكيــف أجبـــره على الموافقــــــة؟


العراق تايمز: وكالات..

بمناسبَة مرور 35 عاما على توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، كشف النقاب عن وثائق توضح كيف تم اتخاذ القرار في إسرائيل بالمضي نحو توقيع اول اتفاق سلام مع بلد عربي. وتستعرض صحيفة "هآرتس" بعض الوثائق التي تم الكشف عنها ومن بينها الوثيقة التي تكشف حالة الفرح التي اصابت الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، عندما ابلغه مناحيم بيغن مصادقة الحكومة الإسرائيلية على اتفاقية السلام مع مصر.


ففي المحادثة الهاتفية التي جرت في 14 آذار 1979، قال كارتر لبيغن: "ان ما تقوله لي الآن يفرحني جدا، وحسب رأيي سيفرح الرئيس السادات، وسيتقبل العالم كله ذلك بتحمس". وكانت إسرائيل ومصر قد وقعتا اتفاق السلام في مثل هذا اليوم، السادس والعشرين من آذار عام 1979، وبهذه المناسبة كشف ارشيف الدولة الإسرائيلية 67 وثيقة تاريخية توثق لما جرى وراء الكواليس، بين عامي 1978 و1979، بدءا من مؤتمر كامب ديفيد وحتى آذار 79. وتعرض الوثائق وجهة النظر الإسرائيلية للعملية السلمية، بما في ذلك المشاورات التي اجراها قادة الدولة، والمحادثات بين بيغن وكارتر وانور السادات.


ومن الوثائق المثيرة تلك التي توثق للمشاورات التي اجراها الطاقم الإسرائيلي في محادثات كامب ديفيد حول موضوع القدس. فقد طالب الجانب المصري بأن يشمل الاتفاق التطرق الى مسألة القدس، وهو ما رفضته إسرائيل بشكل مطلق. وخلال تلك المشاورات أطلع وزير الخارجية موشيه ديان الحضور على محادثاته مع المصريين والأمريكيين، والتي تبين منها ان مصر طالبت برفع أي علم اسلامي على الحرم. وخلال تلك المحادثة اعلن بيغن رفضه رفع أي علم على الحرم، وقال "اننا نخسر ضميرنا، الا يكفي اننا لا نسمح (لليهود) بالصلاة فيه؟.. ان رفع علم ديني يعني ان الحرم، المكان المقدس للشعب اليهودي، يتبع للمسلمين. لا يمكننا عمل ذلك، المساجد مقدسة للمسلمين، لكن الحرم مع علم اسلامي؟ المكان المقدس لليهود؟". وعندها سأله سكرتيره العسكري، العميد افرايم فوران، عما اذا كان يوافق على رفع علم اسلامي على المساجد نفسها وليس على الحرم كله، فقال بيغن: "هذه مسألة أخرى، اذا رفعوا العلم على المسجد لن ارسل شرطيا، لكني لن اوافق على كتابة ذلك في الوثيقة، يمنع علينا جرح روح الأمة".


وتوثق المستندات للعملية التدريجية التي مر بها بيغن واعضاء حكومته بشأن مستوطنات سيناء، حيث كان يأمل بيغن وديان ان يتم التوصل الى اتفاق يبقي على المستوطنات في سيناء، او على الاقل لا يتم هدمها فورا. لكنه اتضح خلال المحادثات ان المصريين يعارضون ذلك بشكل مطلق، وانهم يحظون بدعم امريكي. وقال وزير الامن عيزر فايتسمان في احدى الجلسات انه على استعداد لإخلاء كل سيناء مقابل السلام، مضيفا: لا اعرف كيف سيمكنني القول اننا ماضون نحو حرب خامسة فقط لأننا لا نريد اخلاء "بوابة رفح". وقال ديان انه يجب الحصول على موافقة الكنيست بل والجمهور الإسرائيلي على قرار كهذا. وأضاف: "ان الحكومة لن تصادق على ذلك وبيغن لن يوصي بذلك. لقد حضرنا الى هنا مع توصيات من الحكومة والكنيست تعارض هذا التوجه، لم اكن سأمضي على ذلك بدون نقاش في الدولة، يجب اجراء فحص شامل". واقترح مئير روزين صيغة تنص على الانسحاب خلال ثلاث سنوات، لكن فايتسمان قال له: "السادات لن يشتري هذا انه يشعر بأننا نخدعه".


وفي اليوم التالي التقى بيغن وكارتر وسط اجواء تهدد بانفجار المحادثات. فقد صلّب المصريون موقفهم في الموضوع الفلسطيني، وتحصن بيغن وراء موقفه في موضوع المستوطنات، وكرس كارتر اللقاء لمحاولة اقناع بيغن بإظهار الليونة واكد الفوائد الكبيرة التي ستجنيها إسرائيل من اتفاق السلام مع مصر. واكد كارتر ان الخلاف الأساس يدور حول مسألة المستوطنات في سيناء، لكن بيغن رفض الالتزام بهدمها وقال انه يوافق فقط على القول بان الموضوع سيطرح للنقاش بين الجانبين بعد توقيع اتفاق الاطار. واضاف بيغن: "موضوع المستوطنات سيحسم في المفاوضات، وإلا لا حاجة الى أي شيء. سنصرح امامكم وامام السادات بأن الكنيست ستتخذ قرارا". وقال كارتر: "السادات يريد معرفة ما اذا كانت الكنيست ستقرر ازالة المستوطنات"، لكن بيغن رفض الالتزام وقال: " قد تقرر الكنيست"، فرد كارتر: "لقد لان توجهكم، اقتربنا من انهاء كل شيء باستثناء المستوطنات، اذا اتفقنا على كل شيء، سترى الكنيست ان هناك اتفاقا باستثناء الخطوط على الخارطة". وانتقل بيغن وكارتر الى مناقشة مسألة المستوطنات في الضفة الغربية ومطالبة مصر بتجميد البناء فيها، فقال بيغن: "لن نفعل شيئا غير المخطط" لكننه اوضح انه لن يكون في إسرائيل أي رئيس حكومة يستطيع الالتزام بتجميد الاستيطان. مع ذلك اوضح ان إسرائيل تفهم المشكلة الخاصة المتعلقة بزمن المفاوضات. وقال: "سنقوم خلال المفاوضات بإنشاء مستوطنة للشبيبة الرائدة المحاربة (ناحال) في هضبة الجولان، واخرى في دولة إسرائيل وربما سنرغب بإقامة واحدة في غور الأردن. هذه مستوطنات تابعة للجيش، ومقبولة حتى بموجب معاهدة جنيف، التي نعتبرها لا تسري بتاتا على المناطق".

وسأله كارتر عما اذا سيقول للسادات انه لن يتم تجميد البناء، فقال بيغن: ما علاقة السادات بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية. فرد كارتر بغضب: "اذا كان توجهكم يعتبر الضفة الغربية جزء من إسرائيل، اذا لا يوجد فعلا للسادات ما يقوله ولا حاجة بالتالي الى كامب ديفيد". بعد ذلك قال بيغن "ان تجميد البناء ليس واردا في الحسبان، لن استطيع العودة الى البيت". وفي نهاية الأمر وافقت إسرائيل على الانسحاب من سيناء وإخلاء المستوطنات، وحظي الاتفاق بتأييد الغالبية المطلقة في الكنيست. وبقي بيغن على رفضه تجميد البناء في الضفة الغربية. ويتضح من الوثائق، ايضا، ان الانقلاب في ايران وسقوط نظام الشاه ترك تأثيره على تعجيل المفاوضات. فقد بعث كارتر في 6 شباط 1979 برسالة الى بيغن اعتبر فيها الاتفاق الإسرائيلي– المصري يشكل افضل رد على الثورة الايرانية ويساعده على تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط في مواجهة القوى المتطرفة.