داعشيو الفساد وموارد الدولة المالية


كثر الحديث ,والذي سوف لن ينتهي,في العراق عن الفساد المالي والاداري والذي خلق فجوة كبيرة بين طبقات الشعب أما غني جدا وأما فقير جدا,مما سهّل الامر للمتصيدين باموال الدولة الى تدميرها ماليا واجتماعيا خلال 12 عام الاخيرة.
عندما يتركز الحديث عن مسببي الفساد والمتستريت عليه يكون الرمح في رأس رئيس السلطة التنفيذية السابق ومن شاكلته ومن وقف حوله من المستشارين إضافة الى باقي الكتل والتي استفادت من هذه الثغرات لتواصل هي الاخرى سرقة اموال الاجيال القادمة دون تردد حيث فقدوا كل شعور وطني وما يترتب على هذا لان الدولة اصبحت للمحاصصة .
والحديث الآخر يدور حول الموارد المالية الشحيحة من غير النفط .وقد استدركت القوى الحاكمة,وبدأت النفخ في البوق الوطني,هذا الامر بعد انخفاض سعر برميل النفط الى حوالي 47 دولار وربما يستمر في الهبوط لاكثر من ذلك.
والدولة بين حانة ومانة, تريد أن تقف على رجليها من خلال توفير الاموال للموازنة القادمة والتي لم تقر ليومنا هذا لعام 2015 عبر الادخار الإجباري كما ارادت الحكومة,ولكن بسبب الضغط من أسفل,من القاعدة الجماهيرية اصدروا قرارا مفاده بان الادخار الإجباري يشمل نواب البرلمان والوزراء وباقي الرهط الغني من الدرجات العليا.لكن كيف تسير دولة بدون ضرائب وتسديد فواتير المياه والكهرباء والمجاري؟المصيبة كبيرة لان صبيان الدولة استسهلوا استلام الرواتب العالية جدا والتي لا مثيل لها في العالم,هذا اولا,وثانيا اعتقدوا بان النفط واسعاره العالية دائمية فلا خطر عليهم.
يقول د. هيثم الجبوري,نائب برلماني مع قائمة علي الدباغ-يعني مع دولة القانون أو حزب الدعوة حتى,يقول وهو الاستاذ القديم في جامعة المستنصرية من قبل جلوسه على مقعد برلماني:كيف نطلب من الناس دفع ضريبة على الكهرباء أو الماء,وهم,الناس,سوف يسألون أين الكهرباء والماء؟جميل,ان يسمي النائب فاتورة,اجور, استخدام الكهرباء أو الماء ضريبة!!أولا هي ليست ضريبة وانما قيمة استهلاك الكهرباء أو الماء والضريبة شيئ آخر ,سيد النائب,وثانيا حتى لو كان هناك كهرباء لمدة ساعة واحدة يوميا ومثله الماء الصافي فهو يحتسب حسب العداد ويعلم هو وباقي علماء الهندسة ان هاتين المادتين لاتصل الى المواطن بدون تشغيل المكائن وتواجد المهندسين والعمال وباقي الموظفين,فكيف يسير العمل بدون اجور تستحصل عبر ارسال فاتورة حساب تسدد في اوقات معينة وتقطع فيما اذا تخلف المشترك عن تسديد الاجور,كما في كل دول العالم لا بل حتى في العراق قبل سقوط الطاغية.
امتلأ العراق بالاجهزة الكهربائية بكافة انواعها ومن مختلف مصادرها لاسيما الايرانية والتركية بشكل غير مسبوق من قبل بالاضافة الى المواد الغذائية والزراعية دون حساب وكتاب ودون فحص مستمر لهذه المواد,لكن المهم ان هذه المواد والاجهزة تدخل بدون ضرائب.وعندما اريد تطبيق قانون الكمارك ثارت ثورة المرابين واغنياء العهد الجديد بان هذا سوف يضر بمصالح الناس(يعني الاغنياء)..لان مصالحهم مرتبطة بشكل اخطبوطي مع هؤلاء التجار والذين هم في معظمهم من أقرباء واهل واصدقاء "كبار رجالات الدولة"الجديدة.هل هناك بلد في العالم يستورد مواد غذائية وزراعية واجهزة كهربائية وسيارات بكافة انواعها دون استحصال الكمارك,الضريبة ,من تجارها؟وإلا كيف نحمي منتوجاتنا ,على قلتها,من المنافسة؟
في بلد شمال اوروبا,تفرض ضريبة على المواد الغذائية ب18%على المستهلك,و25% على باقي البضائع المابعة داخل البلد,أما المواد المستوردة فعليها ضريبة قد تصل الى 50% من قيمتها.ولذلك ترى ,مثلا, سعر السيارة في هذا البلد ضعف السعر لنفس المادة في بلد اقل ثراء أو موردا.
من يجبي الضرائب؟
الفساد قد نخر جسد الدولة من القمة الى اسفل الهرم الوظيفي في العراق بسبب عدم الجدية في محاسبة الفاسدين والمزورين والمتجاوزين على املاك الدولة بكل انواعها.لنأخذ عيّنة :اليوم ينشرون خبرا مفاده ان أمانة العاصمة ومحافظة بغداد تريد استرداد املاك الدولة ورفع التجاوزات على الارصفة والحدائق وبيوت الدولة ودوائرها...يقول المتجاوزون :نعم نرحل اذا وفرت الدولة لنا اماكن خاصة بنا!!ليذهب امين العاصمة الوسيم مع محافظ بغداد,وهذا يشمل كل المحافظات ايضا,الى شارع الرشيد,شارع الجمهورية,كرادة داخل ,كرادة خارج ومدن الفقراء,سابقا,الثورة,الشعب..ليروا بأم اعينهم مدى التجاوز على الارصفة والشوارع العامة والفرعية,قرب محكمة الكرادة ومن حولها..في اي دولة يمكن لمتجاوز أن يقول هذا الكلام؟وبعد هذا ما هو رد الدولة عليه؟لقد تشوهت مدن بكاملها,وبغداد في المقدمة,بشكل لم يسبق أن نرى العاصمة بهذا الشكل.ونرجع الى بلد الشمال,اوروبا,كل بائع صغير أو كبير عليه تترتب دفع الضرائب من دخله الذي يجنيه حتى لو كان في نهاية الاسبوع,وعليه أن يقدم تقريرا حسابيا بذلك في نهاية كل شهر وحساب ختامي كل نهاية سنة لان المراقبة مستمرة ولا مساومة بالرشوة مع احد,هذا لا يعني طبعا ليس هناك غش ولكن حالات وليست ظاهرة.هل يدفع ضريبة اصحاب تصليح السيارات,اصحاب المعارض,اصحاب محلات المواد الغذائية,اصحاب المطاعم,اصحاب البسطيات,اصحاب بيع الملابس والاحذية؟؟؟كل هؤلاء عليهم دفع الضرائب سواء عجبهم الامر أم لا..لان ارباحهم اصبحت خرافية والمستهلك هو الذي يدفع والدولة هي الخاسرة الاكبر,ومن هنا تأتي معظلة كبرى من أين نأتي بالموارر المالية في ظل ازمة مالية خانقة؟
نشرت هيئة النزاهة تقريرا مخيفا بعدد الفاسدين لعام 2014 فقط حيث بلغ عددهم 1736 مسؤولا عراقيا ومقدار سرقة المال 300 مليون دولار,المعلن, لهذا العام فقط ايضا.من بين الفاسدين 4 وزراء و 53 مدير عام والعقوبة تتراوح بين 3 الى 5 اعوام لكن أين المال المسروق؟لماذا لا تنشر أسماء السراق هؤلاء وهم كانوا في مراكز عليا في الدولة؟الشعب يطالب بمعرفة هؤلاء الحثالات ليعرف ينتخب من ويصوت لمن في المرة القادمة أم إن الامر "سري جدا" لاجل عيون القادة الجدد؟لماذا لم يصرح بذممهم المالية نائب رئيس جمهرية,ونائب رئيس وزراء و 9 وزراء و275 نائب برلمانيمن اصل 328 نائبا لحد الان,حسب تقرير هيئة النزاهة؟آلاف المشاريع الموهمية التي اعلن عنها مؤخرا لم يتم التطرق اليها في تقرير هيئة النزاهة وحيث صرفت كل السلف وليس هناك مشروع جاهز ,فهل سوف يُكشف عن هؤلاء الفاسدين وبالاسماء ايضا من مسببي الخراب للبلاد في مشاريعهم الوهمية؟كيف كانت تهّرب اسئلة البكلوريا ومن المسؤول وهل تمت محاسبته,وزير أم مدير عام أم اقل,,وما هي الاموال التي كانت تصل للبعض جراء هذا العمل المهين للعلم ,ما هو عقابهم ومن هم وبالاسماء حتى يعلم الشعب الى اين يسير العراق مع الساسة الجدد؟
الحل:
لا يكفي خصم رواتب كبار"رجالات" الدولة كادخار إجباري ,وانما فرض ضرائب تصاعدية على كافة الرواتب وفي كافة المجالات سواء في القطاع العام أو الخاص دوائر ,مؤسسات,محال تجارية بكافة انواعها.ويقال ان الدولة سوف تفرض ضريبة على استخدام الانترنيت والموبايل,لكن الا يمس هذا الامر شريحة عريضة من الفقراء؟الضريبة على شركات الانترنيت التلفون الخلوي دون المستهلك لان ارباح تلك الشركات كانت وما زالت هائلة.حسم اجور الكهرباء والماء لانها خدمات دولة بغض النظر عن مدى استمراريتها من خلال نصب عدادات جديدة لا تقبل التقلبات,وتقطع هذه الخدمات في حال عدم تسديد الاجور,وهذا يشمل الجميع دون استثناء سواء عامة الناس أم المسؤولين في بيوتهم أم في بيوت الدولة.
من هنا يمكن تدارك,كما اعتقد,الازمة المالية التي يمر بها العراق والتي قد تستمر اكثر من عام حسب المعطيات التي يخبرنا بها خبراء الاقتصاد العراقيون . 
وختاما :إن لم يُقضى على داعشيو الفساد فلن تكون هناك موارد مالية ,غير النفط,اضافية تكون عونا لخزينة الدولة.