القضية الكوردية و الحلول السيئة

 

الحل هو وضع نهاية لأزمة أو مشكلة ما، كانت مستعصية , و تقف حائلاً أمام سير عجلة الحياة في أي مجال منها , و مهما كانت حجم الأزمة كبيرة و مستواها لابد و أن يكون هناك أكثر من حل لها يوضع من قبل ذوي الأختصاص أو الحاجة وأغلبها من ذوي المصالح , و عليه يجب أن يكون الحل واقعياً غير مثالي , جديداً ليس بقديم يتماشى مع الظروف الراهنة . 

و في سبيل أيجاد الحلول اللازمة إننا نحتاج الى أيقاظ العقول و المشاعر من سباتها،  و سيرها بالاتجاه الصحيح بعيداً عن المتاهات و الأنفاق المظلمة , حيث لاتقوم صناعة الحياة بالاعتماد على الحلول القديمة و تطبيقها على المشاكل و الأزمات الراهنة، بل تتطلب أبتكار حلول جديدة و طارئة خاصة بكل مشكلة , و عندما لايكون الحل واقعياً و جديداً ، فإنها لاتؤدي الى أنهاء الأزمة بل تفتح الباب على مصراعيها للكثير من المشاكل و التداعيات السلبية، و خاصة عندما يكون الحل خارجياً بعيداً عن رأي و إرادة المعنيين بها ، فإنها تجعل من هذه الحلول تحقيقاً لمصالحها بغض النظر عن ما ينتج عنها من آثار سيئة .

الشعب الكوردي الذي يشكل أكبر قومية في العالم لايزال يشكو من عدم وجود كيان سياسي له يعبر عن إرادته و تطلعاته , و على مر التاريخ كان الضحية لحلول سيئة لقضاياه وأزماته ، والأسوء منها أنه كان ضحية لحلول قضايا المنطقة برمتها , لأن هذه الحلول كانت مستوردة و معبرة عن مصالح من يضعها لا دخل لإرادة هذا الشعب فيها , فحمل معها الألام و الدماء و على أكتافه بنى غيرهم دولهم و حققوا مصالحهم , و كثيراً ما كان يقترب من تحقيق آماله لكن مصالح الدول حالت دون ذلك إضافة الى من يقف في الصف الداخلي مهلهلاً لما يحاك و مباركاً بما يجري .

لانذهب بعيداً بل نكتفي بالرجوع الى بدايات القرن الماضي و ما آلت اليه الحربين العالميتين من إنتصارات و إخفاقات و تغير في الخارطة السياسية في العالم بحيث قلصت سلطان البعض و أخرون مددوا و تربصوا على العرش و منهم من كان الضحية بينهما و لم ينل إلا التدمير و القتل و الاضطهاد رغم المحاولات المستمرة لهذا الشعب , فإن قضيتها تم معالجتها بحل سيئ إستناداً الى مصالح الدول العظمى و لم يكن واقعياً و حرم من بناء كيانه السياسي ، فخلف الكثير من الآثار و لايزال ، حيث تم تقسيمه بين عدة دول و عامل كل منها وفق مصالحها معهم تارةً بالترهيب و أخرى بمحو أثاره من الوجود محاولاً صهره في بوتقة قومياتهم , و لكن هيهات هيهات لهم حيث كان الثورات و الانتفاضات الشعبية العارمة سمات المراحل السابقة حتى الأن . 

و من الأحداث و التطورات الجارية في المنطقة يمكننا التكهن بأنها تتجه نحو التغير في الخارطة السياسية فعدد من الحدود الدولية لم تعد لها وجود و سيادة عدة دول لا معنى لها إلا في أضيق الحدود ، و أصبحت ساحة للصراعات الدولية بحجج و مبررات لاتعد و لا تحصى يحمل كل منها أجنداتها وأهدافها , و من المتوقع أن تقسيم هذه المنطقة تلوح في الافق طبعاً وفق مصالح الدول العظمى , و من شعوب المنطقة من يستفاد و أخرون يتضررون منها , مع الفارق عن ما سبق ، فإن الشعب الكوردي في أقليم كوردستان العراق هو من اللاعبين إن لم يكن رئيسياً في هذه اللعبة الدولية و يلعب دوراً مهماً فيها لأسباب عديدة منها ما يتعلق بسياسته الداخلية و فهمه للواقع و الظروف الدولية و الأحداث المحيطة وامتلاك مصادر الطاقة و عدم تقاطع مصالحه مع مصالح الدول الكبرى على المستوى الخارجي ، وأصبح يقاتل الأرهاب نيابةً عن المجتمع الدولي  .

و عليه فإن الفرصة ذهبية، وأن نؤتى بكل وسعنا و نستغل الظروف , و على الدول المعنية وضع الحل الصحيح لقضية هذا الشعب لكي لا تتكرر المأسي و تتعالى الآهات و تزداد سيل الدماء مرة أخرى ،فإن الحلول السيئة و أن كانت جيدة لفترة و لصالح طرف لاتجلب معها إلا الدمار و الخراب ، و على من بيده القرار الدولي وضع الحلول الواقعية لقضية هذا الشعب بالاعتراف بكيانه السياسي وأن يعيى بأن هذا الشعب لايقف مكتوف الأيدي كما كان في السابق لأنه لايعرف الملل و الكلل و شعب دعائمه الدم و الجماجم و لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .