العراق و تحديات المستقبل


أن املي كبير بأن نتحلى بالحكمة وحب الوطن , ونوحد جهودنا لنسير بالاتجاه الصحيح لتحرير وادي الرافدين من مجرمي القرون الوسطى , ومن اولئك المسؤولين , الذين تسببوا عن قصد او بلا قصد في تخريب الوطن , و تمزيق نسيجه الاجتماعي من خلال السياسة الطائفية و نهج المحاصصة , وتجويع الشعب , و اذلال الجماهير و دفعها للهجرة خارج الحدود بسبب الخدمات الهزيلة وفقدان الامن و الامان , بالرغم من ان العراق يمتلك الكفاءات العلمية , و الموارد الاقتصادية و الامكانات المادية والبشرية و الموقع الحضاري , و ينام على بحر من النفط , و تكفي موارده الهائلة لجعل الوطن في مصاف الدول المتقدمة و المتطورة , و قوة اقليمية في الشرق الاوسط يحسب لها الف حساب , لو توفرت النوايا الصادقة , و الاخلاص للشعب , والايمان الحقيقي بالقيم السياسية و الدينية و الاجتماعية و التي جعلها سياسيي الصدفة منذ سقوط الديكتاتورية والى اليوم , كليشة بهدف الوصول الى المناصب و الى السلطة و تقسيم الغنائم و نشر الفساد السياسي و المالي و الاداري و المحسوبية و المنسوبية و الشركات الوهمية , وبدعم من دول خارجية ولحسابات خاصة بها وبمصالحها الانانية والتي لا علاقة لها بالقيم والاخلاق والمبادئ التي تدعو لها تلك الدول في اعلامها الكاذب , حيث انها لا تريد لعراقنا الخير و التقدم , رغم بريق شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان التي تتحفنا بها ليل نهار, ولكننا عندما نرى الوقائع و التفصيلات , خاصة واننا نعيش في عصر المعلومات والانترنيت والقرية الكونية , نتوصل الى استنتاج , بأنه لولا دعم هذه الدول , للارهابيين القادمين من الخارج , ولولا دعمها للسياسيين الفاسدين بالداخل , لما وصلنا الى ما نحن فيه اليوم من خراب تسبب بتدمير الاقتصاد الوطني و اسس الدولة العراقية , و اشاع الكراهية و روح الانتقام و الضغائن و الاحقاد بين الطوائف و الاديان و القوميات , رغم الشعارات البراقة التي يرفعها الجميع , و التي تزايد بها الاحزاب السياسية على بعضها البعض في مواسم الانتخابات , دونما تحقيق نتائج عملية تذكر , ليراها الشعب , و لتنعكس في حياته اليومية بشكل رفاهية و امن و امان و خدمات و فرص عمل وتعليم و رعاية صحية وبناء الطرق و المدن و تحسن الوضع الاقتصادي و مكافحة الفساد بأنواعه , وارتفاع الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي والحضاري , هذا اذا لم يحصل العكس , فنحن اليوم بالعراق نرجع الى ثقافة العقلية العشائرية , بدل دولة المؤسسات والعلم والقانون والدستور , في وقت ترسل فيه الدول المتطورة , سفن الفضاء لاكتشاف الكواكب في المجرات البعيدة 
المطلوب من قادة العراق الجديد اليوم ونحن في بداية عام جديد 2015 المزيد من الشفافية , وتطبيق شعار من اين لك هذا, و محاكمة علنية عادلة للمسؤولين والقادة الذين اوصلوا الشعب و الوطن الى الكوارث , المطلوب الولاء الحقيقي لتربة الوطن , و الشعور بمعاناة العراقيين و الطبقات الكادحة , و امتلاك المعرفة و التجربة و الخبرة و الشهادات العلمية لتطبيق شعار , الشخص المناسب في المكان المناسب بالنسبة للقادة الحكوميين و اعضاء البرلمان و العاملين في مؤسسات الدولة , ليتمكنوا من ادارة شؤون الوطن , ادارة الدولة العراقية , بالشكل العلمي و المنهج الوطني الصحيح الذي يخدم رفاهية الشعب , والسلم و الاستقرار بالمنطقة و العلاقات المتكافئة و المتوازنة مع كل دول العالم انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا , و ليسترجع العراق موقعه العربي و الاقليمي و الدولي على كل الاصعدة , وذلك بعد ان نبني به دولة للقانون و المؤسسات و العدالة و حقوق الانسان و الحريات الاجتماعية و الدينية 
اخوتي الاعزاء لنمد ايادينا بعضا لبعض , و لتتحد كل الجهود الخيرة و من كل الطوائف و القوميات و الاديان في العراق للوصول الى هذا الهدف , و لندعم الاصلاحات التي ينفذها الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء لنصل الى شاطئ الامان بأقصر فترة ممكنة , و لنعوض شعبنا عن الحرمان الذي عاناه طوال عشرات السنين في ظل الديكتاتوريات و الحروب , و في ظل الفساد بمختلف انواعه والذي ارتدى جلباب القومية تارة , و جلباب الدين تارة اخرى , علما بأن الدين الحنيف برئ منه , حيث أن الدين يدعو الى المحبة و العدالة و التعاون و التسامح و المساعدة و التضامن الاجتماعي , ولنا في سيرة الرسول الاعظم والخلفاء الراشدين , امثلة من التاريخ في ذلك , لا تتسع لها الموسوعات , و لا علاقة للدين ابدا , لا من قريب ولا من بعيد بالتخريب والقتل والذبح والتهجير وثقافة الكراهية التي ينشرها الارهابيين , وليست له ايضا اي علاقة بالفساد بمختلف انواعه , والذي مارسته الاحزاب و المسؤولين الحكوميين و السياسيين في الوطن , خلال العشر سنوات العجاف الماضية , مستغلة مشاعر الجماهير البسيطة من الناس وتقديسها للرموز الدينية , تلك الرموز التي ثارت على الظلم والطغيان والفساد واستغلال السلطة بالمرحلة التاريخية التي عاشت بها , و قادت الامة بنجاح الى مجتمع العدالة و التضامن والمحبة و الرفاه و الانسانية.