في كل مرة تتوفر فيها فرصة للفرح العراقي على ندرتها ، يدفع شعبنا ضرائب دم لعشرات من أبنائه يسقطون قتلى وجرحى برصاص أنفار من المتهورين والموتورين ، الذين يطلقون العنان لاسلحتهم الشخصية والـ ( الرسمية ) لتحصد أرواح الأبرياء ، دون وازع من ضمير ولارادع من قانون . لقد تكررت هذه الحوادث المؤسفة لعشرات المرات ، كأنها حلقات لمسلسل مرعب يستمر عرضه رغم تصاعد النداءات والانتقادات للحكومات المتعاقبة للتدخل لايقافه دون جدوى ، والأنكى من ذلك أن كل هذه الانشطة المخالفة للقانون تحدث أمام أعين المفارز الامنية كما تنقلها وسائل الاعلام ، لابل أن تقارير الفضائيات توضح مشاركة بعض أفراد تلك المفارز في أطلاق العيارات النارية ، خلافاً للاوامر الصادرة لها ، والتي يفترض أنها تمنع ذلك وتشدد على ضبط القائمين بهذا الفعل الخطر الذي يهدد أرواح المحتفلين ، دون أن يُعلن عن أجراءات عقاب طالت القائمين بهذه الأفعال المخالفة للقانون طوال السنوات الماضية !. في أحدث واقعة لضحايا هذه الممارسات ، تشير الاحصاءات الى أصابة أكثر من خمسين من المحتفلين الابرياء بين قتيل وجريح بعد بفوز الفريق العراقي على نظيره الايراني في دورة كأس آسيا ، والقائمة المشؤومة تنتظر أعداداً مضافة من أبناء الشعب في المباريات القادمة ، وكأننا ندفع ضرائب الفوز دماءاً مسفوكة نتيجة ضعف الاجراءات القانونية التي تتحمل وزارة الداخلية مسؤولية تطبيقها ، مع أن تلك الاحصاءات لاتمثل الا الحوادث المبلغ عنها في المدن العراقية والعاصمة ، وكلنا يعرف أن هناك الكثير من الحوادث تبقى خارج التغطية الاعلامية ، لظروف معروفة في واقع العراق الامني المرتبك منذ سنوات . السؤال الكبير والمهم الذي يجب أن تستمع اليه الحكومة وتجيب عليه عملياً ، بصفتها الذراع التنفيذي للدستورالعراقي ، ويستمع اليه البرلمان ويتابع تفاصيله ونتائجه ويحاول معالجتها قانوناً ، بصفته الذراع التشريعي والرقابي ، ماهو رأيكم في تفشي هذه الظاهرة المخالفة للقانون ؟ ، وماهي أجراءاتكم لانقاذ الشعب من تداعياتها ؟ . أن أسلوب ( اطلاق النار ) في المناسبات الحزينة والمفرحة يتقاطع مع كل مفاهيم الحياة التي تؤكد على التسامح والعلاقات الحميمة التي تستبعد أستخدام القوة ، كونة يمثل أعلى مراحل الحسم الهمجي للخلافات بين البشر وليس اسلوباً للاحتفال ، أسلوباً للقتل واراقة الدماء ، يستهدف الرأي الآخر الداعي للعمل المشترك ، المفضي لبناء المجتمعات بعد قرون من تجارب البشرية ، وليس أدل على ذلك من نتائج تحييد ( اسلوب النار ) واستهجانه وملاحقته القانونية في المجتمعات المستقرة أمنياً والمتطورة أقتصادياً وثقافياً في عالمنا الحاضر ، والتي ليس منها ( مع شديد الأسف ) ، أي بلد من بلداننا التي لاتحاسب المحتفلين بالنار في المناسبات العامة والخاصة ، رغم أن قوانينها لاتسمح بذلك ، وهي فضيحة كبيرة ومسيئة للدساتير المعلنة والمؤسسات التي تدعي العمل على تطبيقها !. لقد أجبرنا الممستهترون الهمج بفوز المنتخب العراقي على الدخول في دائرة القلق على ضحايا جدد في مبارايات الفريق القادمة ، كأنهم بأفعالهم المشينة هذه لايحبون العراق ولايريدون للعراقيين منفذاً جديداً للتوازن ، وسط طبقات الحزن الثقيل الذي نحمله في عمق أرواحهم وعلى أكتافنا منذ عقود ، فهل تتحرك الحكومة والاطراف الاخرى لتحييد أفعال هؤلاء بقوانين وأوامر صارمة وتنفيذ يرتقي الى مستوى خطورة هذه الظاهرة المرفوضة ؟ ، أم تبقى الأمور على قاعدة الطين والعجين لآذان المسؤولين ؟ !
|