الامسي الابدي


تحولت الى الامسي الابدي او كما تسميها الالمانية Ewiggestriger او بالانجليزية die hard . نعم هكذا تسميني زوجتي لاني اتمسك بالماضي اكثر من الحاضر و المستقبل: نفس الاكل و الشرب - نفس الملابس القديمة - نفس الافلام - نفس الراديو القديم - نفس السيارة الفرنسية القديمة - نفس البيوت القديمة - نفس الاثاث القديم. تحول الحاضر و المستقبل الى الماضي و تحول الماضي الى الحاضر و المستقبل لاني لم اعد ارى فرقا بين 2010 و 2000 كالفرق بين الستينات و السبعينات و الثمانينات. 

كانت نظرتي في الماضي تتجه نحو المستقبل - الى الامام كما كان يقول والدي: ابني مستقبلك. اما اليوم فهي ماضي الاتجاه تتجه الى الوراء او كما يقول الفيلسوف شوبنهاور يتحول النص الى تعليق. لا يهم اين اذهب سواء ذهبت الى السياسة لاحن للعهد الملكي الاستعماري الامبريالي البائد او الى الموسيقى و الاغاني القديمة الجميلة بالمقارنة مع ضجيج مطربي اليوم يفقد الحاضر و المستقبل قيمتهما و اهميتهما كليا. اصبحت منعزلا - مهجورا – ضائعا - لا تثبت اقدامي على اية ارضية حاضرة - تحطمت نظرتي الى المستقبل. طبعا لا اركز على الحاضر و لا يهمني ايضا ما يقوله علم النفس: كن في الحاضر لاننا نعيش اليوم في زمن ينجن الى الذكرياتretromania الى الاعادة - الى الوراء و هذا يعني ان الماضي تحول الى الد اعداء المستقبل. هزم الماضي الان والحاضر و حوله الى ارشيف الى متحف.

لم اعد ارى الحدود بين الماضي و الحاضر بفضل افلام اليوتيوب التي استطيع اعادتها متى شئت او ارجع الى اقصى لحظات الماضي ليرجع الميت الى الحياة و يموت الحي. لا يهدأ الحاضر بسبب التحديث و التجديد و يعيش شباب اليوم في لحظة آنية رقمية لا نهاية لها تؤدي الى مستقبل مرهق و يلغيه تدريجيا و تتلاشى فيها حدود الحاضر و الماضي. هل هناك فعلا حاضر تستطيع مسكه؟ ألم نفقد الاحساس بالان و معه الاحساس بالجديد. لقد انقلب التسلسل الزمني من الماضي الى الحاضر الى المستقبل على رأسه. الشعار هو الان الاعادة و اللف و الدوران.