احتلال الكويت ودخولها من قبل الجيش العراقي والحاقها بالعراق كمحافظة تابعة للعراق كان له مسببات كثيرة ولم يكن نظرة توسعية من دكتاتور أعجبته كثرة جيشه وعظم قوته ،فرغم اهمية ذلك ولكن صدام كان يعرف جيدا ً ان الكويت ورائها امريكا وان امريكا كانت على ابواب صدارة العالم ،لابل هي وقتها ، تربعت فعلا ً على عرش العالم كأمبراطورية وحيدة وكانت في قمة عنفوانها تشعر بالزهو والغرور الزائد بما تملكه من قوة اقتصادية وعسكرية ،تماما كما كان صدام ، بعد انتهاء حربه مع ايران ، يشعر بالغرور والزهو وهو ينظر الى جيش رهيب تعداده مليون وربع المليون جندي ممن خاضوا اقسى حرب في القرن العشرين ،وفي الوقت نفسه كان هناك ممن جن جنونهم وفقدوا صوابهم وطار النوم من عيونهم وهم ينظرون الى جيش العراق ويسمعون تهديدات صدام العشوائية لهم بين الحين والآخر ،أولئك هم الصهاينة في فلسطين ومن يدعمهم من لوبي صهيوني في امريكا والغرب . العودة الى ركوب الجمال : قامت دول الخليج وخاصة الكويت والأمارات وبالأتفاق مع امريكا ، بما سبب انخفاض اسعار النفط والأضرار بالأقتصاد العراقي والمتضرر اصلا من جراء الحرب الذي خرج العراق منها للتو ، بالضبط كما يحصل اليوم ، والمتهمة اليوم هي السعودية والمتضرر اليوم ليس العراق وايران وروسيا فحسب بل جميع المنتجين للنفط بما فيهم السعودية والتي رصد عجز موازنتها الحالية ب( 38,7 ) مليار دولار من جراء الهبوط في اسعار النفط . واعتبر رئيس المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل الدكتور عبد العزيز الدخيّل في حلقة 15/11/2014 في برنامج "الواقع العربي" : أن انخفاض أسعار النفط إشارة إلى الدول الخليجية بشأن مستقبل النفط الذي يقوم عليه اقتصادها ووجودها المستقبلي، وهي "إشارة للذكي لكي يفهم أن مستقبل الأمة في خطر عندما ينضب النفط وتنضب الأموال". وأضاف الدخيل أن دول الخليج لم تدرك أنها توجد على قاعدة بترولية تتآكل كل يوم، وأشار إلى أن زيادة الدخل في هذه الدول أدت إلى زيادة الاستهلاك وليس الإنتاج، ونقل ما جاء في إحدى الصحف الأميركية من أن "ظاهرة البترول ستنتهي عما قريب وليعودوا إلى ركوب جمالهم"، في إشارة منها إلى العرب .
ماذا لو نشبت حربا جديدة في الخليج ؟ ان من قاموا بالتخطيط لكل ماحصل في حرب الخليج الثانية التي تلت احتلال صدام للكويت ،لم يكن قد حسبوا جيدا ً ماحصل بعدها وان تحسبوا ،ولكنهم مما لاشك فيه قد شعروا بالندم لما آلت اليه الأمور والتي سرّعت من هرم الأمبراطورية الأمريكية على مستوى الأقتصاد والعسكراتية ،وتقديمها كغازية من طراز موجات الغزو التدميرية والدموية التي تتابعت عبر التاريخ وذلك بما افرزته من نتائج مأساوية في العراق وفي غيره ،وكان يمكن ان تكون المكاسب كبيرة لو تعاملوا بطرق حضارية وتبادل سلمي للمصالح دون النوايا المبيتة في التدمير ،لكانوا اليوم في احسن حالاتهم ويملكون العراق والشرق الأوسط برمته وفي امان واستقرار . يعيدون الكرّةاليوم : ولكنهم يعيدون نفس اللعبة اليوم مع ان الموازين تشير ليس الى صالحهم ابدا ً للعديد من الأسباب الموضوعية أهمها : - ان الأمبراطورية الأمريكية تعيش الأن ايام هرمها وهبوط قوتها في جميع المجالات وانها لن تتمكن من تجميع العالم ثانية كما فعلته ضد العراق في واقعة الكويت ،وليس أدل على ذلك من اشتراكها الهزيل في حرب داعش واعترافها على لسان رئيسها انها تتكبد خسائر يومية من جراء مقذوفات طائراتها ! - ان روسيا وايران اليوم ظروفهما أفضل بكثير،وبدون مقارنة ، من العراق الوحيد في العام 1991 ، وان بمقدورهما استخدام العديد من الخيارات لأعادة الصاع صاعين بأتجاه أمريكا ومن تحركهم في الخليج من حلفائها . - ان اي حرب قد تنشب في الخليج ستكون بداية النهاية للأمبراطورية الأمريكية المتهالكة والتي قد لا تغامر بهيبتها عندما تصبح الأمور على المحك ،لذا فأن جانب المبادرة اليوم ليس بيد امريكا وحلفائها كما تظهره الأحداث ويبرزه الأعلام ،بل هو بيد خصومها الذين يمتلكون كل امكانيات توجيه الدفة بالأتجاه الذي يرغبون فيه . وبعد فأن جانب الخطورة اليوم ان الذي سيمثل دور صدام الأن لن يكون وحيدا ً وسيكون مسندا ً وستكون النتائج مختلفة كليا ً عن العام 1991 ،وصحيح تماما ً ( ان من السهل اشعال الحرب ولكن من الصعب ايقافها أو التحكم بنتائجها ) .
|