تبدي مسؤولة في الخارجية الاميركية استياءها وتعبها من التعامل مع الوزارات والمؤسسات الحكومية العراقية. لماذا؟ يسألها صديقها العراقي فتجيب: «أنتم لا تريدون بناء بلدكم، وهذا ما تأكدت منه خلال سنوات خدمتي في الملف العراقي وعبر حالات عديدة آخرها الان». ما هي الحالة الان؟، تجيبه: «بقيت لدينا مبالغ كبيرة مخصصة ضمن برنامج لدعم المؤسسات الاكاديمية العراقية، نحاول ان نقدمها على شكل برامج تطويرية لكن لا أحد يتجاوب معنا، وإن حدث فتجاوب باهت لرفع العتب ليس الاّ». ما الذي جرى بالضبط؟، قالت: «وجهت سفارتنا في بغداد دعوة الى الوزير المعني لاجتماع يقدم لنا فيه الجانب العراقي ما يحتاجه من برامج تطوير للمؤسسات الاكاديمية. أعتذر الوزير عن التلبية قائلا انه مشغول في هذا الموعد فكررنا الدعوة له بان يخبرنا متى يمكنه تلبية الدعوة ليتسنى الايعاز لوفد الخارجية للمجيء الى بغداد، جاء جواب الوزير: متى ما وجهتم لي الدعوة فساكون مشغولا، وانه سيرسل مدير مكتبه». تقول المتحدثة: أنا واثقة باننا سنذهب لنقابل شخصا لا يملك قراراً وبالتالي سيفشل المشروع كما فشلت مشاريع عديدة سابقة كانت فرصة ثمينة للنهوض بقطاعات عديدة كنا رصدنا لها أموالا لدعمها».
لم ينتهِ حديثها الى هذا الحد بل استطردت: «بالمقابل فان دعوة مماثلة وجهت الى حكومة إقليم كردستان، فكان جوابهم الترحيب وإبداء الاستعداد لاستقبالنا في أي وقت مع إبلاغنا بانهم أعدوا دراسة شاملة للبرامج التي يمكن للجانب الاميركي تمويلها. هكذا هو موقفهم وسلوكهم دائما، وقد نجحنا في تنفيذ الكثير من البرامج لهم». ربما يقدم هذا الحال بعض الاجابة على تساؤلات نسمعها دائماً عن سبب التطور السريع لاقليم كردستان وعدم وجوده في بغداد، وعلى تساؤلات أخرى عن سبب عدم تفعيل الجوانب الاقتصادية والعمرانية والمالية من إتفاقية الاطار الاستراتيجي للعلاقات بين العراق والولايات المتحدة.
ما تقوله هذه السيدة هو غيض من فيض ما شهده التعاطي العراقي مع الجانب الاميركي سواء كان على الصعيد السياسي او الانمائي. النتيجة كانت هي خسارة للعراق على كل هذه المستويات. لا يقتصر هذا العوق في التعاطي (إن لم أقل التعمد) على العلاقة مع واشنطن، بل يتعداه الى الكثير من المؤسسات الدولية بينها البنك الدولي ، التي ترصد أموالا لدعم العراق لكن عدم التجاوب يجعلها تذهب أدراج الرياح. لست في وارد توجيه اللوم الى أحد يقدر ما أتمنى ان يتنبه المعنيون الى ضرورة تصحيح هذا الخلل وعدم تفويت فرص الافادة من الدعم الخارجي ،خصوصا ونحن نتوجه الى العالم طالبين الدعم.
كثير من الدول - والمانيا مثالا-نهضت من كبواتها، بالدعم الدولي لتصبح في مصاف الدول المتقدمة.
|