دأبت السياسة الأمريكية على تحقيق هدف نشر ديمقراطيتها في العالم ،وهي تفتخر بهذا النوع من الديمقراطية . والديمقراطية اصطلاح يوناني قديم وكانت تعني حكم الشعب او اختيار الشعب لشخص يقود البلاد ،وهي بمفهومها العام ممارسة بالضد من التحكم الفردي والفئوي وضد الديتاتوريات بكل انواعها ،ومهما يكن نوعها في امريكا فهل تطبق على الجميع ومن هم حلفاء امريكا المفضلون في منطقة الشرق الأوسط . تناقلت الأنباء قطع الرئيس الأمريكي لزيارته للهند والتوجه للتعزية بوفاة الملك السعودي وتسلم الملك سليمان وتثبيت وتدعيم العلاقات والمواثيق الأمريكية . واذا نظرنا الى النظام السعودي الذي يقتصر الحكم الملكي فيه على العائلة المالكة ،متواريثين السلطة الواحد من الآخر ، ويعتمد نظام يتخلف عن العصر بقرون ،حيث لاتزال النساء فيه تخفي وجوهها وتنعدم مشاركتها في الحياة العامة ، ولكن الأمريكان يغضون الطرف عن صفات هذا الحليف الذي يعتبر من الحلفاء المقربيين والذي قد لايفضّل عليه سوى كيان غريب آخر في المنطقة هو الكيان الصهيوني الذي يمتاز بديمقراطية الأستيلاء على اراضي الفلسطينين وتحويلها الى مستوطنات سرطانية لمجاميع من كل اصقاع الأرض توفرلهم ظروف العيش في فلسطين .ويعيش هذا الكيان على القوة الأمريكية من المساعدات المالية او رفده بأحدث ما تنتجه امريكا من سلاح محرم ،وحماية حماقاته في مجلس الأمن . امريكا لها مصالح وليس صداقات : تتشبث امريكا بالتحالفات التي تحقق لها اهدافها ومصالحها ، وهي دائما ً يعجبها النظام الشبيه بالشرطي الذي ينفذ اوامرها ومخططاتها،ويرجح تاريخ علاقتهما الى الفترة التي تلت الحرب الثانية ، وقد قام النظام السعودي بهذا الدور في الخليج معوضا ً فقدان شاه ايران عام 1979وهكذا وجدنا النظام السعودي يشترك في حرب الحلفاء لتدميرالعراق وكانت اراضي المملكة هي الحاضنة للقوات المتحالفة طيلة تلك المواجهة التاريخية ،ثم وجدناه يستخدم التدخل العسكري في البحرين ،وعلى الدوام كان ينفذ السياسة النفطية التي ترغب فيها واشنطن ،وآخرها العمل معا ً وفق خطط شيطانية لتدني اسعار النفط العالمية للأضرار بخصوم امريكا وعلى راسهم روسيا الناهضة اليوم والتي لاتعجب امريكا محاولاتها الدولية لأنشاء حلف يوازن التفرد والأنفلات الأمريكي ،ورغم ان هذه الأسعار في غير صالح المملكة التي كانت موازنتها قد اقفلت على عجز مالي كبير يقترب من 39 مليار دولار ، غير ان شيوخ النفط لايهمهم مستقبل البلاد بقدر ما ان مستقبل استمرارهم مضمون بفعل الحماية المصيرية الأمريكية . اين ديمقراطية امريكا اذن : ماذا تفعل امريكا بالديمقراطية في السعودية وهي تستخدمها كعصا غليضة لتحقيق مآربها ، لقد كانت يوما ما في اعقاب انهيار الأتحاد السوفيتي على وشك ابتلاع روسيا بحكاية الديمقراطية الأمريكية لولا شخصية بوتين التي وقفت ندا ً للتوجهات الأمريكية ،وهي تستخدم الديمقراطية تارة ً كجزرة وطعم لمؤيدي سياستها ومد مصالحها في ارجاء العالم ، وتارة ً كعصا غليضة ضد من يواجه سياستها ويقف بالضد من توجهاتها لأبقاء سيطرتها على الآخرين ، ان وصول الحكم السعودي الى قادة يطبقون الممارسات الديمقراطية الحقيقية ويبحثون مصالح بلادهم لن يخدم امريكا كما يخدمها اليوم هؤلاء الشيوخ الذين يتعاقبون ايهما يخدمها أكثر مادامت تسانده في الأعتدال على كرسي الحكم رغم الهرم ورغم اختلافه عن ديمقراطية امريكا . لأمريكا خطاب مختلف : نتذكر كيف امتدحت امريكا ماركوس رئيس الفلبين السابق والذي يصفه ريكان بأنه (رجل نذر نفسه للديمقراطية ) . ويؤكد ذلك نائبه انذاك بوش ( اننا نحب تمسكك بالديمقراطية وبالعملية الديمقراطية وخدمتك للحرية) ،ولكن ما ان يفقد السلطة حتى يصبح في عداد المنسيين . واليوم بعد ان يقطع اوباما زيارته الى الهند ويتوجه بوفد يضم كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين والسياسيين ، ويقضي اربعة ســاعــات،مسـتصحبا ً زوجـته الـتي تعمدت نــشر شــعرها ، في ضـيافة الملك الجديد لايكتفي بـــهذا بل انـه وعلـى ذمة السفير اللبنانية فأنه يطمئن الرياض : (نحن معكم ) .
|