وشخلّف الملعـون؟

أعيدكم لكلامي السابق عن الغباء الذي أرجعت له سبب ثلاثة أرباع، او ربما كل، خراب العراق وخسائره في العقود الأخيرة. ورغم صعوبة عد تلك الأسباب لكثرتها، الا ان هناك ثلاث هزّات لم تخفّ توابعها ولم تنته آثارها الى اليوم: الحرب مع إيران، واحتلال الكويت، وقدوم الدواعش. واحدة أتعس من الأخرى. ولولا غباء الحكام لما حدث أي منها. لا يغرنكم انتصار الغبي، في الحرب او في السياسة، مهما كان كبيرا لأنه فاشوشي . كما لا تخيفكم خسارة صاحب العقل مهما كانت مريرة لأن العقل والتهور لا يتصاحبان. 
ما زلت أتذكر الجنرال الأمريكي نورمان شوارزكوف الذي قاد "عاصفة الصحراء" عندما سأله صحافي عن سر ثقته بالانتصار في الحرب وكأنه يراهن على ربح مضمون. أجابه الجنرال مع ضحكة قوية: اني أراهن على غباء صدام. سأله آخر. أمتأكد انت بأنه غبي؟ ضحك مرة أخرى وقال: اما تراه أوصى بحرق إطارات السيارات وإشعال النفط في الخنادق لمقاومة طائرتنا. لا أدري ما الذي كان سيقوله الجنرال لو انه اطلع على كلمة صدام بجمع من الطيارين العراقيين وهو يسخر من طائرة الشبح (الفانتوم)؟ قال ان الرعيان بالعراق سيكتشفونها حتى وان صعب اكتشافها على أدق الرادارات فلا تخيفكم!
في الحروب الفعلية، وليست الكلامية طبعا، إذا احبك الله رزقك بعدو غبي والعكس صحيح. ما أرعبني شيء في الدواعش مثل التقارير التي كانت تتحدث عن "ذكائهم". واظنني قلت مرة بان ذلك كان جزءا من حربهم النفسية علينا وقد نجحوا فيها بالفعل. كانت وجوههم لوحدها كافية ان تكشف عن غبائهم، ناهيك عن همجيتهم. فالهمجي، مهما ارتدى من ملابس او حمل من سلاح او تفنن باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، يظل غبيا. مع هذا كنت ابحث عن دليل كي يطمئن قلبي.
عنما قرأت خبر إحراقهم للإطارات لم أتعامل معه كخبر عادي بل اعتبرته بشرى. لذا تابعته في مواقع كثيرة الى ان تأكدت من صحته. جبل من الكآبة قد انزاح عن صدري. ولو ان الجرح الذي خلفه الدواعش فينا عميقا ولا أظنه سيندمل بسهولة، مع ذلك دب الفرح في قلبي.
اليوم، وبكل ثقة، أقول لكم واراهن الكون كله على ان الدعايشة راحلون وعن قريب جدا. سيلتحقون بابيهم الذي ورثوا عنه خطة استخدام سلاح إحراق إطارات السيارات والخنادق بعد ملئها بالنفط للصمود بوجه طائرات التحالف. وشخلّف الملعون غير غبي مثل ابيه؟