كان المشاهد العراقي يوم أمس على موعد مع وقاحة طرف سياسي فاعل ومقرب للسيد نوري المالكي، ذلك هو عزت الشابندر الذي لا أستسيغه شكلا وفعلا، لأنني أشعر بأنه شخص مرائي ويخبّئ في دواخله أسرارا ما أنزل الله بها من سلطان، ويتبين أنه غير صادق لا مع نفسه ولا مع مخاطبيه. ولست أنا وحدي من لا يطيق هذا الشخص، بل يشاركني العديد من العراقيين، لأنه مخلوق ليس من اليسير هضمه وقبوله وهو يطلّ علينا بعنجهية وتصابي وقلة ذوق... هل من المعقول أن الشابندر هذا، كان معارضا لصدام ومن ضحاياه؟ وهو بهذه الصلافة في مواجهة مستضيفيه من الاعلاميين، ونظرة التعالي بادية عليه، ولغة التكابر الأجوف لا تبرح عن محياه وخطابه المتعالي والمستفز، وكأني به من أزلام النظام السابق لا ممن كابد من ملاحقاته وظلمه...! أظن أنها صفات كثيرا ما تكون لصيقة بالمتصابين والنرجسيين وهم على قدر لا يحسدون عليه من الخواء الفكري، فالارتباك كان واضحا عليه وهو يزبد ويرعد بلغة خطاب لا تليق بمرتادي المواخير الليلية، لا بمسؤول سامي (الله يجرم)... كنا نحن العراقيين ضمن مجموعة من الأصدقاء من جنسيات مغاربية مختلفة، فكان بيننا المغربي والجزائري والتونسي وكذلك أصدقاء فرنسيون، نشاهد البغدادية، وكان موضوع الحلقة في برنامج التاسعة مهم للغاية لأنه يسلط الضوء على التفجيرات الدموية المجرمة والتي طالت الأبرياء صبيحة ذات اليوم. كان مقدم البرنامج الاعلامي أنور الحمداني، في غاية التأثر والانكسار، وهو يذكر المشاهد الدموية ونحر العراقيين بهذه الطريقة السادية والتي لا تصدر حتى من أوباش الكون لا من مخلوقات آدمية، وكانت لغته في غاية المكابدة والصدق، وعيناه قد اغرورقتا من هول ما حدث، وهذا أمر طبيعي لمواطن أصيل يشعر ويعاني من هول الفاجعة، حتى أنه أبكى بعضنا وخصوصا العراقيين من الجالسين، وعند انتقاله لضيفيه الشابندر والآلوسي، بادر بتوجيه السؤال للشابندر، فما كان من هذا الأخير إلا أن تثور ثائرته وبصوت مهتز ومرتجف بدأ يكيل سيل الاهانات والسباب الرخيص لمقدم البرنامج مدعيا أنه نصّب من نفسه، أي الاعلامي، حكما ومحاسبا لمحاكمة الآخرين، في حين أن المسكين لم يفعل شيئا يسئ لسماحة الآخرين المبجلة بقدر لومه للمسؤولين السياسيين والأمنيين لهذا التقصير ومحاولة معرفة ما حدث وكشف المستور. كان هذا السيناتور النزق في فورة لا يمكن أن تكون لسياسي يتدبر شؤون العباد المبتلين بهذه العينات، فبدلا من أن يرد وبشكل هادئ على الأسئلة المكلومة لمقدم البرنامج، فتح عقيرته لقاموسه السوقي وراح يوجه أقذع الكلمات لأنور الحمداني، كلنا بما فيهم مقدم البرنامج أصابتنا الدهشة والاستغراب، وكنت أنا أقل اندهاشا من الآخرين، لأنني أعرف الشابندر وطريقة خطابه النزق من خلال متابعاتي لهكذا برامج، جين كان يظهر بذات السلوك وذات العنجهية، مما خلق عندي تصورا بأن الوضع السياسي وبهذه الشخصيات المهزوزة سوف لا تقوم له قائمة، إن لم تتضح الصورة للمشاهد بفضح هذه العينات ومتابعة تجاوزاتها والشطط الذي يمارسونه، وهم على سدة الحكم، إيمانا منهم بأنهم باتوا هم أصحاب القرار ولا من يحاسبهم أو يقول لهذا الشابندر(على راسك ريشه) ناسين أو متناسين أن الحكم زائل وكل شئ يتحرك مثل زحف الرمال، والعاقل من يفهم ويقرأ ويستوعب ما جرى لمن سبقهم، ومزبلة التاريخ بانتظارهم وبالمرصاد لهم ولكل من تسول له نفسه نسيان قدرة المد الجماهيري في كنس الرث والطارئ، يوم لا ينفع المال والجاه والكرسي اللعين بمغرياته الشيطانية. كان الاعلامي في غاية الكياسة والأدب حيث لم يرد على سيل الاهانات والسباب وهو موقف يحسب له بامتياز. والذي حز في نفسي حقا كنت أنتظر من السيد مثال الآلوسي، المعروف بوطنيته ونقائه السياسي، أن يرد على هذا المتطاول، ليشفي غليل السيد الحمداني ويرد له شيئا مما هدر من كرامة، ورحم الله الخالد طيب الذكر الشاعر أبو الطيب المتنبي في قوله (وإذا أتتك مذمتي من ناقص.... فهي الشهادة لي بأنيّ كامل). هنا أدعو وبقوة ودون أدنى تردد بأن تقوم وزارة حقوق الانسان، ونقابة الصحفيين، وكل المثقفين، وذوي الاختصاص في الشأن الاعلامي، والمنظمات والجهات الحزبية الحريصة على الدفاع عن كرامة العراقيين، وتحديدا الاعلاميين منهم، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها ، بتنظيم حملة وطنية ضد هكذا تجاوزات خطيرة من أي كان، ورفع دعوى قضائية ضد السيد الشابندر ومن يدور في فلكه وعلى منواله، ورد الاعتبار للسيد انور الحمداني، والوقوف بحزم وشدة ضد أي شطط وتعسف من لدن المسؤولين المستهترين بحقوق الانسان العراقي، حماية لحرمة الانسان، واحتراما للديمقراطية، والتي لا يفهم بعض مسؤولينا منها غير الاسم، وهم في حل من احترامها وتطبيق تفاصيلها والتي كفلها الدستور، ودون ذلك، فأننا سنعيش تحت رحمة المتسلطين والطغاة، (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت) لنعود لذات السلوكات الصدامية المقيتة. وأخيرا بودي آن أهمس في أذن السيد الشابندر فأقول له إياك والغرور ونسيان من تكون أنت... لأن الله يرحم من يعرف قدْره
|