يلعن بوكي دولهْ، حتى احبالها بايدهْ

هذا القول آخر ماقاله الشهيد عمر المختار، وهو على المشنقة، في سنة 1931، وكان عمر المختار، قد حكم عليه الايطاليون بالاعدام شنقا، واحتفلوا بتنفيذ حكم الاعدام في سلوق جنوب بني غازي في ليبيا، فاحضروه امام المشنقة، وتلوا عليه الحكم، ثم وضعوا الحبل في عنقه، وجذبوه، فانقطع الحبل، وسقط عمر المختار على الارض، ثم نهض وقال مستهزئا بالايطاليين: يلعن بوكي دولهْ، حتى احبالها بايدهْ، فجيء بحبل آخر، وشنق فيه، وحبال اميركا التي تقتل بها العراقيين هي الاخرى بايدهْ، وهي لاتمتلك رصاصة الرحمة الرحيمة، التي يطلقها عادة الخصم الشريف، لان اميركا ليست شريفة.

عادة وعلى مر التاريخ يرثي الخصم الشريف والشجاع، خصمه الشريف والشجاع، ونحن قد قرأنا الكثير عن اخيل الذي قال بحق خصمه المقتول هكتور الكثير، وحتى معاوية قال بحق علي بن ابي طالب الكثير، ومدحه عمرو بن العاص بقصيدة قلّ نظيرها، لكن اميركا للاسف ليست خصما شريفا ولاشجاعا، لتنهي معركتها في العراق، حرب مفتوحة منذ 1991 وحتى الآن وهي مستمرة، استخدمت الكثير من الادوات، جعلت العراقي ذاته سلاحا بيدها لتقتل به عراقيا آخر، وآخر صيحات طرقها الهمجية بالقتل ماتفعله داعش، وانقسام العراقيين بشأن هذا المسمى.

(يلعن بوكي دولهْ) يااميركا، حتى احبالها بايدهْ، واميركا في داعش والقاعدة والمليشيات التي نمت تحت انظارها، همها ادامة زخم الحرب المشتعلة، وقد وجدت الاسلام والافكار الدينية المتطرفة خير من يذكي جمرة هذه الحرب التي ستطول وتطول لتشمل دولا اخرى، صدقوا او لاتصدقوا، سيحارب الحنبلي الحنفي ويحارب الحنفي المالكي، والجميع سيحارب الشافعي والاشعري والاباظي والشيعي والعلوي والدرزي، حرب ستجعل منها اميركا مادتها الرئيسة، مادامت هناك شعوب تفكر بمنطق اعادة التاريخ الى الوراء والاقتتال حول شخصياته المتعددة الآراء، ستنقسم امتي الى سبعين فرقة، لكنه لم يقل ان السبعين فرقة ستتقاتل حتى الفناء، وهاهي تفعل، القتل على سماع الاخبار، لم يكد يمضي يوم او يومان على مجزرة ديالى، حتى حدثت مجزرة الباب الشرقي ومجزرة الشورجة.

باختصار لم تعد قضية الامن من الامور التي يمكن ان تناقش، وقع المحذور وانتهى كل شيء، ولم تعد داعش او القاعدة او المليشيات وحدها المسؤولة عن اعمال القتل،

هنالك دول وسياسيون تدفع بهم اميركا لخوض المعركة بدلا عنها، وهي تستقبلهم كلا على حدة، فتعطي تعليماتها لهذا وتعطي تعليماتها لذاك، اميركا التي ابادت شعوبا كاملة، ليست عاجزة عن تقليص الشعب العراقي الى 5 ملايين نسمة فقط، هي الآن متفرغة للعراق، وقبلت التحدي بصبر حكيم، وغادرت العراق شكليا، لكنها لن تدعه يهدأ اكثر من اسبوعين متتاليين.

كانت ولاية العبادي تنبىء بهدوء كبير مع التنازلات التي اعطاها الرجل، ظنا منه انه سيكسب الجولة وينشر الامان، فظهر الارباك على يد منتج اميركا من النفط والخزين الستراتيجي التي لعبت من خلاله بتأزيم امور العراق الاقتصادية، وارادت ان تجمع المأساتين على العراقيين، فأمرت عملاءها من جميع الطوائف باستئناف ماكانوا عليه من احتراب واقتتال، فقام العملاء بارتكاب جريمة ديالى ، ومن ثم سيكون طبيعيا ان تحدث جريمة الباب الشرقي، 70 في ديالى، قابله 70 في الباب الشرقي مع عدد كبير من الجرحى، بهذه الطريقة يمكن ادامة الاقتتال، واذكاء الطائفية، ويلعن بوكي دولة، ماذا فعلتِ بالعراق وكم تلاعبتِ بالعقول.