غـَيّرةُ قبائل آل جُحيش الزُبّيدية ... إيذان ٌ بإستفاقةِ المارد العربي

 

لم يكن تكليف أمة العرب بحمل أعباء الرسالة المُحمدية السامية والتشرف بتجشم عناء نشرها وتبليغها  للبشرية أجمع محض مصادفة بل هو إختيارٌ إلهيٌ رباني فقد كانت سمات الفروسية والبطولة والإيثار والكرمُ العربي مضرب مثل والغيرة على الشرف والعرض دفعت الكثير من العرب حتى عصر صدر الرسالة الخالدة  لوأد البنات وهن صغاراً خشية أن تقادم العمر بهن أن تطالهُن يد السبي فتكون المرأة سبباً في أن تشوب الشرف لوثة قال تعالى : (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) فكان التشريف الإلهي الذي جعل كُل خصال العرب الحميدة تنتظم بالخيط الجامع المانع للخصال العربية الحميدة وهو الإسلام .
إن هذا التشريف الرباني وما تمخض عنه من فتوحات في مشارق الأرض ومغاربها نشراً لدين الله الذي ارتضاه لعباده ، ليحمل راية التوحيد خاتم الأنبياء والمرسلين مُحَّمْد (عليه وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته وأحبابه وأتباعه أفضل الصلاة وأتم التسليم) فاضت المُهج وارتقت الأرواح إلى بارئها في قوافل من الشُهداء تترى لتُنْقَذ البشرية من غياهب الذل والعبودية وعبادة الأوثان والطواغيت الى عبادة رب الأرباب ، الأمر الذي أثار حنق أعداء هذه الرسالة وأصابتهم الفوبيا  ، الثأر ، الغلُ  ، الحقد ، وعُقدة الشعور بالنقص تجاه العروبة والإسلام وهذا قاسمٌ مشترك لِكُلِ مَنْ يُضمر الشحناء إزاء العرب المسلمون ، أما إن كان دَعّيٌ على الإسلام ويتظاهرُ به  فهو برهانٌ أنّ في عقيدته دغش وفي إسلامه ريب وعليه أن يعرض إسلامه إزاء محبة المسلمين والعرب حملة الرسالة  .
قبيلة آل جحيش الزبيدية :
ما أن يُذكر إسم هذه القبيلة العربية الأصيلة حتى يشخص أمامنا المقدام عمرو بن معد يكرب أحد صناديد الإسلام وأسوده  الضياغم رجل المواقف الذي يكفي آل جحيش والزبيد فخراً ، تنتشر هذه القبيلة بشقيها السُنّي والشيعي في كل محافظات العراق فضلاً عن أقطار العالم العربي كما هو الحال في دول الخليج العربي  ومصر واليمن والسعودية وبلاد الشام ويعتبر الأمير مَعَدْ مزهر جاسم السُمَرمَد ( محافظة واسط ) أمير أمارة زبيد في العراق ولقبائل الجحيش أو آل جحيش الكثير من مواطن الثقل في عموم العراق وللقبيلة ثقلها الأكبر في محافظة بابل ، حيث يُعتبر الأمير عبد المهدي آل نصر أمير قبائل الجحيش في وسط وجنوب العراق ، وفي العاصمة بغداد يُعتبر الشيخ اسماعيل جمعة أبو نهاد شيخ الجحيش في بغداد أما في محافظة نينوى فلهم ثقلهم ويعتبر الشيخ طه محمد آل طه شيخ عام قبيلة الجحيش في شمال وغرب العراق ، وللقبيلة ثقلها في الكوت ، قضاء الصويرة وعليهم الشيخ الدكتور عدنان البرهان ، وللقبيلة ثقلها في محافظة كربلاء المقدسة حيث جدنا الحُسين السبط الشهيد وأخيه أبا الفضل العباس (عليهم السلام) ويعتبر الشيخ حميد جاسم عكلة الجحيشي شيخ عام القبيلة في كربلاء ، كما ولمدينة جدنا أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) النجف الأشرف ثقل لقبائل آل جحيش وعليهم الشيخ نايف آل جحيشي وفي محافظة القادسية (الديوانية) فللقبيلة ثقلها وفيها عشيرتين على الأولى الشيخ عيسى غازي الجحيشي وعلى العشيرة الثانية جميل عبد الحسين الجحيشي وللقبيلة ثقلها في محافظة ذي قار (الناصرية ) وعليهم الشيخ الحاج حميد الجحيشي ، أما في محافظة ميسان (العمارة) فلقبيلة الجحيش ثقلها وعليهم الشيخ عبد الرضا وهو من عشيرة البو سالم الجحيشية الزبيدية  أما في محافظة البصرة فثقل القبيلة في قضاء الزبير وعليهم الشيخ محسن عبد علي الجحيشي ، لذا مهما حاولت الكتابة عن القبيلة ورموزها  وعناوينها ستكون معلوماتي قاصرة وعليه أستميح إمارة زبيد وقبيلة الجحيش والجميع عذراً عن تقصيري .
 وسنتحدث هنا عن جحيش نينوى محور بحثنا حيث تشكل قبيلة الجحيش الزبيدية الثقل الأكبر في قضاء سنجار وشيخ عموم القبيلة في شمال وغرب العراق هو الشيخ طه محمد آل طه جدير بالذكر أن لقبيلة الجحيش في نينوى إثنا عشر عشيرة ( البو سالم ، البو متيوت ، البو شيخ ، العوجان ، الزعيراويين ، الملالي ، الحمد الحسين ، العزام .........)  إذ يسكن شمال سنجار عشيرة البو سالم الجحيشية (الذين تعرضوا لجريمة ضد الإنسانية على يد اليزيدي قاسم ششو بالتعاون مع pkk  حزب العمال الكردستاني بشقيه التركي والسوري ) ومن شرق سنجار عشيرة العزّام الجحيشية وداخل سنجار وجنوبه البو متيوت الجحيشية ومما لاشك فيه أن هذه القبيلة لها امتداد في مركز الموصل واقضيته ونواحيه وقراه ففي مركز مدينة الموصل بيوتات آل كشمولة ومنهم محافظي نينوى الدكتور أسامة ودريد والجمّاس ومنهم اللواء قوات خاصة الركن هاشم الجمّاس والدكتورة مها الجمّاس عميدة كلية الطب جامعة الموصل والغضنفري ومنهم الإعلامي الشهيد واثق الغضنفري مدير إعلام محافظة نينوى ... وهذا الامتداد موجود في وسط وجنوب العراق فمن منا لم يسمع بـ (خان بلاش ببابل ومن منا لم يسمع البو موسى والبو عليان والغران والبوعجي والدويجات.......) .
أما في محافظة المثنى وعاصمتها السماوة فآل جحيش لهم تواجدهم الملحوظ ويُعّد الشيخ دُعبل عبد الله (وهو شاعرٌ وأديب) والشيخ مسافر من أعلام العشيرة وللعشيرة  تحالفات مع العديد من القبائل والعشائر العربية بحيث أصبحوا حالة واحدة كما هو الحال مع آل بو طرّار الذين أصبحوا فخذاً من الظوالم في قضاء الرميثة وناحية المجد ومن رجالاتهم عبد عبّار ، جدير بالذكر أن جَدّ الشيخ عبد عبّار لإمه أحد الليرات السبعة الذين أخرجوا شعلان أبو الجون في الحادثة التأريخية المعروفة ولعل ثورة العشرين أشهر من نارٍ على علم ، ولا زالت أهزوجة (هوسة) المهندس نبيل آل جحيشي خلال استقبال الشيخ المُشار إليه آنفاً تملئ مقاطع اليوتيوب :
هلة يا الجدك خوش إلة وكفات
مسجّل اسمه بالتأريخ صار إستاد للكلفات
بالعشرين جده مسجل .... من الليرات
 أها ,,, إنشد الماضي يكلي .... هذا جده من الليرات 
وقسم آخر من آل جحيش متحالف مع آل غانم كما هو حال عشيرة البو سهّير وشيخهم  كاظم النّكاد في ناحية الوركاء أرض كلكامش التأريخية ، وفخذ آل حسّون متحالف مع عشيرة آل بو جيّاش ،  وهناك بيوتات من قبيلة آل جحيش داخل مدينة السماوة مثل آل بهّيش ، وآل نهيّر ...
 
لمحة ٌ تأريخية عن علاقة آل جحيش مع اليزيدية :
 
جبل سنجار وما جرى فيه محور بحثنا حيث يشكل جبل سنجار امتداد لسلسلة جبال حمرين التي تنتهي غرب العراق في محافظة نينوى ويتعايش هناك العرب المسلمون من قبائل جحيش الزبيدية واليزيدية عبر التاريخ جيران متعايشون بودٍ ووئام بشكل مشترك رغم اختلاف الديانات والأعراق وهذا مما لا ينتطحُ عليه كبشان  ولم يذكر أو يُسجل التاريخ أن العرب واليزيدية حصلت بينهم أية حوادث عنف فضلاً عن  المعارك ولإثبات حسن الجوار من قبل العرب الجحيش لليزيدية كان يتخذ كل بيت من بيوتات العرب (كريف)  له من المُكون اليزيدي يشاركه في كل المناسبات العامة والخاصة ومصطلح (الكريف ، أو كريف الدم التي تعني أخوة الدم ) هي أن يَعْمد العربي لوضع طفله إذا أراد أن يختنه في أحضان اليزيدي لتنشأ رابطة أسرية وعلاقات عائلية متينة الوشائج ، ومما علق في الذاكرة من الأمس القريب حينما تم استهداف المجمعات اليزيدية في مجمعات القحطانية والشمال بثلاثة صهاريج مفخخة تناخى الجحيش ومعهم أبناء نينوى ومدينة الموصل  بعد أن صدحت المساجد والجوامع تستنهض الهمم للتبرع بالدم وتَبني أطفال المكون اليزيدي ممن فقدوا أهلهم وذويهم جراء هذه التفجيرات الدامية ولا حول ولا قوة إلاّ بالله  ، ما يهمنا هنا أن عُرى العلاقات الاجتماعية مع الطائفة اليزيدية لم تنفصم عراه واستمر هذا الطقس أو التقليد منذ مئات السنين حتى أحكمت (الدولة الإسلامية ، داعش) قبضتها على نينوى في 10 حزيران 2014 م  ومعلوم للجميع أن هذا التنظيم هو تنظيم عالمي يظُم ُ في جنباته كل القوميات والأجناس والهويات والدول بشرط أن يكونوا مسلمين بغض النظر عن أي أعتبارٍ آخر ومن بين أفراد التنظيم الأمريكان والفرنسيين والألمان والأتراك والفُرس والروس وغيرهم من اصقاع الأرض فضلاً عن العراقيين  والعرب .
وكان لسيطرة (داعش) على قضاء سنجار تداعيات وأهوال على المكون اليزيدي بعد أن تخلت عنهم قطعات البيشمركة وأسلمتهم لمصارعهم إذ استحر القتل برجال الطائفة اليزيدية وسبيت النساء ولجأ من أسعفه الحظ فراراً بحياته إلى جبل سنجار الأمر الذي هز ضمير العالم الغربي الذي لم يتحرك له جفن ولم يهتز هذا الضمير لشلالات الدماء في العالمين العربي والإسلامي في سوريا والعراق وغزة وفلسطين و.... ما يعنينا هنا أن حالة الشجب والإستنكار عَمّت الشارع العراقي بما فيهم قبيلة الجحيش ونقولها للتأريخ أن قبيلة الجحيش الزبيدية أشترت عشرات السبايا من النساء وأعادتهن الى ذويهن الهاربين من لظى الموت في دهوك ليلتئم شمل العوائل اليزيدية من جديد ، كما قامت قبيلة الجحيش بالإحتفاظ بماشية الطائفة اليزيدية كأمانةٍ بعد أن أشهدوا عليها خاصة وقد تقطعت سُبل التواصل وكل ذلك خلسة ٍ ولو علمت (الدولة الإسلامية، داعش ) بهذا التعاطف والتعاون من قبل العرب لتم إعدام وتصفية كُل من قام بهذا الفعل .
 
قاسم شَّشو ومجزرة سنجار :
 
قبل أن نشرع في تسليط الضوء على تفاصيل المجزرة المروعة سنعرج الى بعض التعاريف :
الإبادة الجماعية :
تعني بالتحديد أي فعل من الأفعال المُحددة في نظام روما مثل (القتل أو التسبب بأذى شديد ) تُرتَكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عِرقية أو دينية ، بصفتها هذه إهلاكاً كُليا ً أو جُزئيا ً
الجرائم ضد الإنسانية :
تعني بالتحديد أي فعلٍ من الأفعال المحظورة والمُحددة في نظام روما متى ارتُكِبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأفعال القتل العمد ، الإبادة ، الإغتصاب ، والعبودية الجنسية ، الإبعاد أو النقل القسري للسكان ، وجريمة التفرقة العنصرية وغيرها ، علماً أن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية
عُرضة للعقاب بصرف النظر عن إرتكابها في زمن الحرب أو السلام .
جرائم الحرب :
تعني الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي. إن إدراج النزاعاتِ الداخلية يتواءم مع القانونِ الدوليِ العرفي ويعكس الواقع بأنه في السَنوات إلـ 50 الماضية حدثت أكثر الانتهاكات خطورة لحقوق الإنسان داخل الدول ضمن النزاعاتِ الدولية.
 
هكذا بدأت المجزرة :
 
ما أن سمع الشيخ أحمد الحبيب أبو ناجي 80 عاماً وهو من كبار قرية الجري (ثلاث نقاط أسفل حرف الجيم)  110 كم غرب الموصل التي شهدت الحدث المُروع ، سمع الشيخ أحمد الحبيب هدير السيارات وأبصر الغبار الكثيف حتى انتفض عن فراشه ليستطلع الأمر عسى أن يكون خيراً في زمنٍ عمَّ فيه الشّر وتفشت الفوضى ... فإذا به يرى قاسم شّسو فرحب به بالإسم كونه يعرفه فهم أبناء منطقة واحدة وكذا الحال رحب بمن معه وهذا ديدن العرب ودعاهم للتفضل للقيام بواجب ضيافتهم إلا أن ششو شكر الشيخ الحبيب ثم مشى مغادراً بضع خطوات وأمر القطعات التي ترافقه بنص القول شوفوا شغلكم ... !!! ؟؟؟
لتهجم مجموعة من المسلحين المرافقين لششو على الشيخ احمد الحبيب وتقوم على الفور بربطه وتوثيقه على كرسي بالحبال ومن ثم إحراقه حياً  ثم قتل ثلاث نساء إحداهن (مريم الصالح أم ميسر)و عمرها 70 عاماً دفعها الشوق لرؤية إبنتها فوفدت من (قرية البزونة وهي قرية الشيخ عطية الحوري أبو أنمار أحد شيوخ البو سالم الجحيش والحوري من الأسماء والعناوين التي يعتز بها أهل نينوى خاصة ً وأنه مؤرخ ونساباً ولطالما بثت القنوات الفضائية حلقات متتابعة له عن ثقل إمارة زبيد وقبائل الجحيش وله مؤلفات بهذا الصدد وغيره ، وأخيه البروفيسور الدكتور عُكلة الحوري عميد كلية التربية الأساس في جامعة الموصل علماً من أعلام القبيلة ونينوى إضافة إلى أخيهم الدكتور الجراح محمد الحوري الذي يُعتبر أمهر جراحي محافظة نينوى) ...لتلقى(مريم الصالح أم ميسرحتفها في قرية الجري وهكذا غدر ششو بجيرانه إذ لم يسلم حتى الاطفال الذين كانت لهم حصة من الموت قتلاً ليستمر المسلسل الدامي ويطال أهالي قرى الجري والسيباية والساير وخازوكة والهلوم بعد أن هجمت عليهم القوة التي يقوها (القائد المغوار قاسم شّشو) الذي دافعت عنه النائبة فيان دخيل بنص قولها (لا تتهموا شّشّو المناضل ) علماً أن تعداد القوة المهاجمة حسب تقديرات الناجين يصل الى 150 مقاتلا مسلحاً بزي قوات البيشمركة وهم من pkk السوريون والأتراك اليزيدية يرافقهم عناصر الحزب الديمقراطي الكُردستاني ، انتهى الأمر بمقتل 25 واعتقال 40 من الرجال و 10 نساء فضلاً عن وسلب الدور والسيارات ونهب البيوت بما في ذلك المدخرات الغذائية والمواشي ولعلكم تدركون أن نينوى محاصرة منذ حزيران 2014 ولكم أن تتصورا ماذا تعني المواد الغذائية  لينتهي الأمر بحرق البيوت والقرى وحرق المصاحف وإحراق ستةِ جوامع في قُرى الجري والساير والسيباية (جامعين) والخازوكة (جامعين) ولعلنا نُدرك خطورة وتداعيات حرق المصاحف وبيوت الله خاصة وأن صفحات التواصل الإجتماعي وثقت وتداولت ونقلت هذا الحادث .
 
زهرة الجحيشية الزبيدية تتحدث :
 
زهرة إحدى الناجيات تروي ما شاهدته قائلة : دخل مسلحون إلى بيتنا وأطلقوا النار في الهواء، ثم طلبوا مني اقتياد ابنتي الصغيرة فقط  باتجاه مسجد القرية ، بينما أمروا زوجي وكِلا ولدّي الصغيرين بالبقاء مع القوة المهاجمة ، توسلت إليهم أن يسمحوا لي اصطحاب الصغيرين معي لكنهم صرخوا في وجهي رافضين مهددين بقتلي  ، لم يكن أمامي خيار توجهت على الفور بقدمين لا تكاد تقوى على حملي وقلبي يوشك أن يُغادر أضلعي صوب أولادي وزوجي وصلت المسجد وجدت جمعاً كبيراً من النساء والأطفال وقد علا صراخهم وسط حالة من الرعب الهستيري .... وأفراد القوة المهاجمة يصوروننا بهواتفهم النقالة ، هنا خاطبَنا زعيمهم وتعهد لنا أنهم لن يؤذوننا  شرط أن نترك القرية على الفور .
وما أن حثثنا الخُطى المتعثرة لمغادرة القرية حتى اعترضنا مسلحون وقاموا على الفور بتجريدنا من مصوغاتنا الذهبية ، أحدهم قال والشر يتطاير من عينيه  "من لا تمتثل للأوامر سأنزع عنها ثيابها " تتابع زهرة الجحيشية الزبيدية : الفوضى عمّت المنطقة وتصاعدت أعمدة الدخان من قُرانا التي غادرنها صوب أقرب القرى التي تُعّد إمتداداً لقبائلنا... ما أن وصلت أفواج النساء والأطفال إلى القرى المجاورة أدرك الجميع إن أمراً كارثياً حصل ولكن ماذا عساهم أن يفعلوا وكل القرى جُردت من سلاحها  ومن حاول المساعدة في إجلاء الفارين مجازفاً بحياته تعرض لإطلاق نار مما أدى إلى إصابة عشرة منهم بجروح.

ما أن خيم الليل وعّم الظلام المكان حتى تسلل بعض رجال العشيرة إلى داخل القرية ، فوجدوا جثثاً لرجال ونساء مسنين وأطفال تم إعدامهم وحرقهم ولكن للأسف لم يستطيعوا دفنهم خوفاً من هجوم مباغت والمزيد من الأعمال الإنتقامية لذا عاد الرجال من حيث أتو،  وبعد يومين توجهت كوكبة من الرجال ترافقهم زهرة المرأة التي كانت تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين فقلب الأم دليلها وللأسف  حلّت عليها الفاجعة ، فقد وجدت جثث زوجها وطفليها متفحمة بعد أن تم إعدامهم وحرقهم كالبقية تبين أن عدد القتلى في القريتين وصل إلى 25 بينهم نساء وأطفال، والمفقودين منهم تجاوز الخمسين، بحسب إحصائية أعدّها أحد وجهاء العشيرة ، ونشرت شبكة الرصد التابعة للمرصد العراقي لحقوق الإنسان أسماء الضحايا من القتلى والجرحى والمفقودينونكتفي هنا بأن نختتم الحدث بنص ما قاله قائد العملية أو المجزرة  ( المناضل قاسم شّشّو ) عبر الفضائيات :
لولا أنا لكانت الخسائر اكبر ...
ونترك تقدير نص هذه الكلمات لخبراء القانون الجنائي الدولي وخبراء القانون الجنائي الوطني
اللهم إحفظ عشائر العراق وصمام أمانه
اللهم إحفظ العراق وأهل العراق