حلفاء أم شركاء.. أم محطة أزمات!

تبنى التحالفات بشتى أشكالها, لتحقيق أهداف قد تكون مرحلية, أو تكون استراتيجية, أو لتوحيد مواقف ممثلي فئات شعبية, أو أصحاب مصالح مالية أو غيرها. تتشكل التحالفات السياسية, لتكوين قوة سياسية أو برلمانية, تستطيع تشكيل حكومة, أو تحقق تأثيرا فاعلا, على الواقع السياسي للبلد, أو لضمان تمثيل حقيقي لمكون ما, أو جمهور, يلتقي ويتشارك بميزات خاصة به, رغم إختلاف توجهاتهم السياسية. بعد سقوط نظام الطاغية, أدى واقع أن اتباع أهل البيت هم المكون الأكبر, في الشعب العراقي, إلى أن يكون منطقيا, أن يتولى من يختاروه سدة الحكم, وبأليات الديمقراطية المتعارف عليها, لكن تعدد أحزابهم وتوجهاتهم, أدت لتشتت أصوات جمهورهم, فكان البديل المحتم, تشكيل تحالف يجمعهم على اختلاف مشاربهم, لضمان قدرتهم على تشكيل الحكومة, وتولي السلطة. رغم كل العيوب وسيل الانتقادات الحادة من الجمهور, إلا أن التحالف الوطني, نجح بشكل ما, في ضمان أن يكون الأغلبية هم من يدير الدولة, رغم أن ذلك كان بمصلحة طرف على حساب طرف أخر, داخل التحالف نفسه, بطرق وصلت حد الابتزاز السياسي!. كانت النية عند بدء تشكيل التحالف, أن يكون على شكل مؤسسة لها أليات ونظم, تتيح أن يبقى "البيت الشيعي", مظلة لكل الأحزاب الشيعية, وتنجح في أن تكون راعيا للعملية السياسية, موجها ومراقبا ومقوما, لكنها لاحقا انحرفت عن مسارها كثيرا, فصارت محطة يُلتجأ إليها في الأزمات, وتجارب الماضية تغني عن أي دليل. في العلاقات بين الأحزاب, هناك شراكة, وفيها يحاول كل شريك أن يحقق اكبر مصلحة ممكنة, ولو على حساب شركائه وإضعافهم, وهو واقعا ما كان يحصل في العلاقات بين اغلب اطراف التحالف, فالمعارضة أغلبها بصيغة تسقيطية, ومن في الحكم, أنفرد برأيه, ونسي أنه أستلم السلطة, بقوة التحالف وتأثيره.. كتحالف. هناك أيضا علاقة تحالف, وهي علاقة تبنى على أساس أن يقوي الحلفاء أحدهم الأخر, لان قوة أي منهم قوة لهم جميعا, وهي أساس فلسفة تشكيل التحالف, كما سعت إليه مختلف الجهات التي كانت ترعاه, وهي معروفة لنا جميعا.. فهل حصل ذلك؟. الإنسان يتعلم من تجاربه.. ومسيرة التحالف على قصرها غنية بتجربتها, فيجب أن يتعلم الساسة من دروسها, و يفهموا أن تشكيل التحالف, ليس هدفا سياسيا لتحقيق الحكم فقط, بل هو ضرورة منطقية, ليحفظوا حقوق من يمثلونهم.. وهؤلاء بدء صبرهم ينفذ, فقد ملوّا مناكفاتهم وألاعيبهم السياسية. رغم كل ما لدينا من ملاحظات, على أداء أحزابنا وتحالفهم عموما, إلا أنه خيار لا بديل عنه, على الأقل, حتى تطور وعينا الجماهيري, ونجاح حزب أو تيار, في إقناعنا ببرنامجه السياسي, وكسب غالبية أصواتنا.. وحتى ذلك الحين, فمؤسسة بأليات ونظم وصلاحيات حقيقية, تدار من قبل أشخاص يملكون القدرات والمؤهلات اللازمة, التي تتيح لهم إدارة وتنسيق, عمل أحزابنا بكل تعقيداتها, هي الخيار الوحيد.. والضروري. التحالف الوطني ورئاسته, إبتلاء وإمتحان شديد, لكنه مصيري وضرورة إستراتيجية, ولا يجب أن يكون محل تنافس سياسي شخصي, أو لعبة مهاترات سياسية إعلامية.. فمستقبل ملايين من اتباع أهل البيت.. متعلق به.