النزاهة : هي الأمانة والشفافية ومحاربة الفساد بكل أنواعه وأشكاله وهي قيمة دينية أخلاقية . والنزاهة يعني نظافة اليد والضمير وعدم المساس بالمال العام . وعندما نتحدث عن شخص ما نقول : عرف بالنزاهة وسمو الأخلاق وعدم التحيز والمجاملة . أقول : أن هيئة النزاهة ولجنة النزاهة في البرلمان هما التوأمان الحارسان لأموال الدولة وكذلك المحافظة على ديمومة القيم والأصول وتحقيق العدالة والحرص على مستقبل وثروات وأموال الوطن . يجب أن يكون المسؤول على النزاهة والموظف والعامل ضمن فريقها نزيها حقا وملتزما قولا وفعلا بنظافة اليد والضمير والجيب , ويجب عليه أن يبلور مفهوم النزاهة من خلال المواقف العملية ويجسدها بكل ثقة ونقاء . ولكن الواقع يقول أن هذا الرافد المهم والفعال – النزاهة - يحاط بالشكوك والتقولات والتندرات التي تثلم جوهره ورسالته . إن لجنة النزاهة في البرلمان هي وليدة إرادة وقناعة وثقة الشعب العراقي , والمفروض عليها أن تلتزم التزاما تاما وحرفيا بما ينشده الشعب من عدالة وإخلاص ونقاء, ويجب عليها أن تحافظ على أموال الشعب وتطوقها بجدار قوي وسميك يمنع الضباع والذئاب والتماسيح والحيتان من تسلقها أو اختراقها . ومن واجبات هيئة النزاهة فتح تحقيق في جميع الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة وهي الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم ، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد الدستورية . إذن وظيفة الهيئة هي منع الفساد ومكافحته و تعزيز ثقة الشعب العراقي بالحكومة ولهذا منحت صلاحية التحقيق في أي قضية فساد , وتجنبا للضغوطات الجانبية منحت – هيئة النزاهة - صفة الاستقلالية في عملها . ولكن الذي نشاهده ونجده أن بعض الأشخاص من هذا الثنائي ( هيئة النزاهة ولجنة النزاهة في البرلمان ) يتصرفان ويندفعان حسب أهوائهما ورغباتهما متجاهلين صوت الشعب وطموحاته . واليكم القصة : من عام 2003 إلى عام 2014 كم هي الأموال التي أقرت في الميزانيات السنوية ومنحت للوزارات والمحافظات ولبقية الجهات ..؟؟ وكم هي الأموال التي تسلفت من وزارة المالية ..؟؟ وكم هي الأموال التي صرفت لترميم خمسة فنادق ..؟؟ وكم هي الأموال التي وصلت للعراق من الدول المانحة ..؟؟ وكم هي الأموال التي منحت للهيئات الحكومية ..؟؟ وكم هي الأموال التي منحت للصحوة وللعشائر ..؟؟ وكم هي الأموال التي نفقت على المشاريع ..؟؟ وكم هي الأموال التي منحت للمؤسسات وللجمعيات والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والأشخاص ..؟؟ وكم .. وكم .. وكم ..؟؟ فيا سادة يا كرام إن الأموال التي منحت لجميع ماتقدموا مقدارها ( 1000) ترليون دينار تقريبا ..!! وهذه المبالغ تكفي لبناء بلدا كاملا من الأساس . إن المصيبة العظمى والطامة الكبرى لم تقدم أي حسابات ختامية في هذه الأموال لا للبرلمان ولا لوزارة المالية ولا للجنة المالية في البرلمان ولا حتى هيئة النزاهة تعرف عنها شيئا . وكذلك لم تقدم حسابات إطفاء القروض والسلف التي منحت إلى الحكومة والوزارات وغيرها . فبربكم هل توجد دولة في العالم تهب وتمنح الأموال للوزارات والمؤسسات والهيئات وغيرها بدون حسابات ختامية ..؟؟ ومع هذا كله والكثير منا يفترش بساط الفقر والضياع والإهمال والبطالة وبلا سكن ..!! أن كل الشرفاء يستنكرون بشدة ويدينون بعنف وضراوة هذه التصرفات والممارسات والتسلكات التي لا يرتضيها لا الله ولا شرع ولا نبي ولا أي إنسان يمتلك ضميرا وشرفا وأصالة ووطنية . فيا هيئة النزاهة ويا لجنة البرلمان أن أي تستر وأي تبرير لهذه المصيبة – مصيبة عدم إطفاء السلف وعدم تسليم حسابات ختامية سواء للجنة المالية أو وزارة المالية أو لكم - هو تشجيع لكل من يعتبر أموال العراق أمولا سائبة ولا مالك لها , وان سكوتكم يعني أنكم تكافؤن السارق والحرامي والفاسد والجاني . أيها الناس : من به حاجة إلى الضحك أو البكاء فليبكي وليضحك معا على هذه المهازل الغير مسبوقة في الكون كله والتي ما انزل الله بها من سلطان . إن كل عراقي فطن ويقظ وواع يرصد بدقة أي شاردة وواردة لم ولن يسكت على الخروقات والتجاوزات التي تبدد أموال الشعب الفقير وتمزق هيبة القانون. واساكم بالله يا أيها الشرفاء : إلى متى تبقى أموال العراق وخيراته وثرواته مستباحة لهذه الدرجة ..؟؟ إن الآلام والأوجاع تعتصر القلوب والفقراء يلعقون علقم الصبر , والأدعياء والسفلة بخيراتهم يتنعمون ويشيدون القصور والفلل والمولات والبيوت الفارهة لهم ولعوائلهم . فتبا وسحقا لهذا الواقع المر المرير , وتعسا وندامة لهذه الحياة التي أضحى الموت أهون منها لان الظلم والتردي بلغ أقصى مداه , وبلغت الفجيعة والتوجع إلى أعلى قساوتها ومرارتها القاتلة . والأنكى والأمر أن القادم أسوء . فهل من يقظة يا هيئة النزاهة ويا لجنة النزاهة البرلمانية..؟ وهل من انتباهه لأفواج الحرامية واللصوص والفساد الذين يتلاعبون بأموال الفقراء الذين يعانون ويقاسون العذابات والمرارات والتعاسة والحرمان ..؟؟ وعندي الكثير الذي سأقوله بمقال لاحق عن حالات اشد وطأة , ولن أنسى أولئك اللصوص والمتلاعبين الذين سطوا على ممتلكات الدولة واستباحوا الكثير من المحرمات الوطنية كاستحواذهم على الأراضي بدون مسوغ قانوني , وسيطرتهم على القصور التي هي ملك الدولة وهيمنتهم على الدور والفلل والشقق الحكومية .
|