خسر اصحابه و لم يربح اعداءه !

من يتتبع خطوات الدكتور حيدر العبادي، يلاحظ ان الرجل يتيه في دوامات السياسة التي فرضت عليه و استحسنها او استلطفها لبريقها و مكانتها في المجتمع .و يلاحظ قصر نظره و عدم تعمقه في اتخاذ القرارات و الخطوات، و قلة ادراكه لنتائجها الحتمية نتيجة لقلة ادراك ما سيأتي بعدها، وكيفية معالجتها خصوصا في بلد كالعراق يغلي على نار التفرقة الطائفية و العنصرية و الدينية و مازال ثلثه محتل من بعض ابنائه المناهضين لوحدته ونظامه الديمقراطي و تحت مظلة الدواعش.

قانون الحرس الوطني، مثلا، وكما حلل الناطق باسم السيد العبادي ان هذه القوات ستكون تحت سيطرة و امرة القائد العالم للقوات المسلحة اي السيد العبادي. حسننا . وماذا بمقدور العبادي ان يفعل لو تمردت هذه القوات او بعضها، لأي سبب من الاسباب؟ هل سيرسل الجيوش لتطويعها و ردها عن اهدافها؟ هل يعي السيد العبادي ما هي ردود الأفعال العالمية اذا فعل ذلك؟ و اولها نغمة الجيش العراقي يحارب بل يقتل الشعب و الابرياء من الاطفال و النساء في مناطق الاقليات؟ وآلاف من هذه التخريجات الجاهزة. ثم ماذا تمكن من عمله عند احتلال قوات البيشمركة لكركوك، و شرق الموصل و مناطق كثيرة من العراق؟ حتى تلك المسماة بالمناطق المتنازع عليها، هل سيتمكن من استعادت المعدات و السلاح العائد للجيش العراق و الذي استحوذت عليها القوات الكردية في جميع المرات التي تمكنت من الاستفادة من تخلخل الوضع الامني في مناطقها؟

و هل يدرك السيد العبادي ماذا ستكون ردود الافعال عند ارسال الجيوش الى اية محافظة في حالة تمرد تلك القوات و اقصد هنا ردود افعال خصومه السياسيين و الانفصاليين؟

و تخريجة اخرى، سذاجتها اقبح من مضمونها. ان هذه القوات ستكون خليط من مواطني تلك المحافظة، و يعرف الكل ان اكثر محافظات العراق تتكون من خليط غير متجانس طائفيا وعرقيا. فمن سيقرر ممن ستتكون تلك القوات و ما هي النسبة و التناسب لاختيار منتسبيها من مختلف مكونات أهالي تلك المحافظات، و هل سندخل ابعد من الماضي في قضية التقسيم العادل لأعضاء المحافظة و مجالسها و شرطتها و حرسها. و اليس هذا ما يحدث في ليبيا و اليمن و في سورية واليوم في مصر... الخ. انها بداية الحروب الاهلية يا حيدر، و سيتبعها التقسيم ، ان تعلم بذلك ام لا تعلم .



و ماذا عن قوات الصحوات التي تبدل ولاؤها كل مرة وتغير انتماءاتها السابقة ثم تعود و تمارس انتماء آخر مع اعداء الشعب العراقي .

يعلل كثير من الببغاوات بوجود مثل هذا الحرس في كثير من البلدان. امريكا و سويسرا و اسرائيل، مثلا، و نقول لهم يا سادة اليوم و حكامها، ليس اي من هذه القوات شكل على اساس مناطقي او عرقي او طائفي. بل على اساس حرس وطني لكل الوطن و لا يوجد انتماء طائفي او عرقي بين افراده. إذا الحرس الوطني هو نفس الحالة التي بنيت عليها تشكيل قوات الشرطة المحلية و حتى بعض وحدات الجيش و قادتها بحجة التوزيع العادل للمكونات و هي نفس القوات التي سلمت الموصل للاوباش الدواعش و هي نفس الصحوات التي تعاونت مع القاعدة و تتعاون اليوم مع داعش .

هذا التخبط وعدم الانتباه لما يحصل في العراق هو نفس ذلك التخبط الذي ادخلتنا به المرجعية يوم امرت بتناسي نتائج الانتخابات. الانتخابات التي كانت ترشد الناس دائما للذهاب و المساهمة في اختيار من يمثلها بكل حرية و دون اي تأثير من الآخرين. فبجرة قلم تخلت عن نتائج الانتخابات وعن خيارات الناس و اراداتها .

ماذا تغير عند المكونات الاخرى مما كانت عليه في حكومة المالكي؟ و هل قلَّتْ المطالب عما كانت تنادي به في عهد المالكي؟ بل بالعكس فقد ازدادت، وها هي اليوم تطالب بجيش و قوات خاصة بها، و من اهلها و تحت ادارتها .

انها إذاً يا سيد حيدر مرحلة متقدمة من ( التقسيم) ، وضعوك كإمام لها، ليس ككل الائمة الراشدين، بل امام يقال له ابو الخرك، لانه لا يشوِّر. وعدم الإدراك هذا لا يشمل الطوائف و المكونات المتخاصمة فقط ، بل حتى الطوائف "الموحدة" كالشيعة التي فقدت وحدتها او ما كنا نتصور انه الحد الذي لن يعبره اي من قادة تلك الكيانات الشيعية. و انها المساومة التي لا يجب ان يتخذها اي قائد خصوصا في ظروف شاذة و معقدة كحالة العراق. فكلما تساهلت ستتساهل اكثر ثم اكثرهم سيطالبون و يطالبون الى ان تصل الى فقدانك السيطرة و القدرة على الادارة. كما قال امام المتقين علي ابن ابي طالب(ع): "لن ابيع كلي ببعضي".

انه لأمر عجيب ان نتوسع في بناء الجيوش و الجنود و المعدات في وقت نحتاج الى كل درهم لصعوبة الحالة الاقتصادية التي يمر بها العراق. فنقوم ببناء جيوش أخرى وبمسميات اخرى متعددة بحجة المحافظة على التوازن الطائفي و العرقي. و الاكثر عجبا ان لا يحترم الآخرون الذين نادوا بالمصالحة و الوحدة و المساواة و عدم التهميش. انهم لا يحترمون المساومة التي فرضتها المرجعية و التوزير الذي حصل عليه السيد العبادي بعد انكار الاصوات التي صوتت للسيد المالكي، و لم يحترموا هذه الفرصة بل يذهبون الى امريكا للحصول على التسليح. ما هو موقف اي رئيس وزراء في اي بلد في العالم عند ما يذهب بعض شعبه يطالب بلدا اجنبيا ان يقوم بتسليحه؟؟ الا اذا كان هذا القائد مثل

( ابو الخرك) لا يهاب و لا يطاع و لا يحترم و لا هم يحزنون .

و كلمة اخيرة يا سيادة رئيس الوزراء، لماذا لا يتم التركيز على الحشد الشعبي و توسيعه و تنظيمه و تقويته بدلاً من تبديد الأموال في تكوين جيوش أخرى وتحت أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، مع احتمال كبير أن تتحول هذه الجيوش إلى دواعش وباسم الحرس الوطني؟ لماذا لا يقبل البعض بهذا الاسم (الحشد الشعبي) و هي القوات التي جاءت لتحرير مناطقهم؟

لنفرض انه يسعى لمساندة الامريكان و لمصادقتهم . طيب، اليس هذا من حقه ان يعترض على مسانديه الامريكان ( الذين ورطوه) و ان يطلب منهم كبح جماح هؤلاء و ان يعطوه الفرصة لترتيب الامور و ان يحاججهم بانه اعطى اكثر مما يتحمل البلد الذي يتكون من اكثرية واضحة، و ان يتساوى عطف اصدقائه الامريكان ليشمل كل المكونات و ليس مكون دون آخر و عرق دون اخر و طائفة دون اخرى. وهذا اقل ما هو من حقه كصديق و كرئيس لبلد و كمتبني للأفكار الامريكية، ام ان الباب مازال موصداً امام مكون دون اخر