حوار قصير مع حمامةٍ بيضاء ( حول العراق)

أيتها الحمامةُ الجميلة..هل لي ان ابعث معك رسالة؟..الى وطنٍ غبتُ عنه سنين طوال..لكنه في قلبي..واختلطت عنديَ الاخبار..فالجميع يكتب عنه صادقين وفُجّار..فهل لكِ أن تنقلي مايحدثُ هناك وباختصار..قالت أي وطن هذا؟..وكيف تغفو عينيك؟..وانت بعيد عنه..قلت لها انه الظلم..هو من ابعدني..قالت أي وطن هذا واين يقع؟..قلت لها انه بعيدٌ بعيد..قالت صفه لي..قلت انه العراق..قادته حوارهم كذب ونفاق..أهله يفضّلوا الحرب على الوفاق..دمائهم تسيل في كل درب وزقاق.. وماذا سأقول بعد عن فعلِ الرفاق؟..تركتهُ في صورةٍ..والآن تعددت صورهُ وتشوهت..وعُدتّ لا أرى فيه الاّ صور الموت والدمار..وارضهُ تشققت..وابتلعت الجماجمَ والاجساد..وانهارهُ اصطبغت بحمرة الدماء..ماعدت اطيق الحديث عن وطني..
قالت سأنطلق ياصاحبي..أنا الحمامة الى وطنك..وسأجلبُ لك الاخبار..فانطلقًت وحلّقَت مع الغمامة..ومرت الايام والاسابيع..واذا بحمامة رمادية اللون..تهوي على جدار بيتي..وهي منهكة..
اقتربتُ منها..واذا بها تناديني..هل عرفتني ياصاحبي..انا حمامتك البيضاء..كانت صدمة..ولماذا تغير لونك..ياحمامتي الطيبة والجميلة؟..قالت ياصاحبي ..انه وطنك..انه الجحيم..دخان المدافع يتصاعد..اوجاع اليتامى وصراخ الارامل..وأنين الفقراء..أنه العجب العجاب..
قرأتُ في عينيها كل احزان العراق وشجونه..شممتُ رائحة دخان الحروب..ورائحة الدم..وجراحاتُ اهلي وأحبتي..تابعت حمامتي الحديث وهي منهكة من شدة مارأت..ياصاحبي وطنك مذبوح وصريع..وتشابكت عليه السكاكين والخناجر..اعراب واعاجم..من كل صوب وجانب..وطنك ياصاحبي..يأنُّ ويصرخ..ولكن ليس من سامعٍ ولامُجيب..وأكثر أوجاعه وجراحه..من أبنائه..يتقاتلون بدون هدف مقدس..
غزتهم القردة والخنازير..ودخل الاشرار والغرباء..الى الديار الآمنة..اغتصبوا النساء..قتلوا الكبار والصغار..حرقوا الاشجار والنخيل..لكن ابناء العراق لايزالون مختلفين في كل شيء..الاّ في ذبح وطنهم..وهذا ياصاحبي أشدّ اوجاع العراق