سياسيونا لايبيعون الورد .. ولكن ماذا عن الشعب؟!.

 

هل يمكن لداعشي ان يبيع الورد؟، سؤال ليس من السهولة تقبله فضلاً عن تعقله، فهو يجانب المعقول بكل المقاييس لما تميز به الدواعش من حالة الحيونة البعيدة عن الخصائص البشرية السوية، لهذا فربما يصل امر  صعوبة تقبله هنا الى عدم السماح بمجرد طرح هكذا سؤال لانه ببساطة يخالف السليقة المنطقية والذوق السليم.

وتعد مهنة بيع الورد هذه من ارقى واحلى المهن ان لم تكن ارقاها، فهي تستمد قوتها من السر المكنون فيها لما تحمله من تناقض بين بساطتها وضعفها كنبتة بسيطة وسحر تاثيرها الذي يكاد يحطم ويجتاز اكبر الحواجز بين البشر من جهة والدخول الى عمق المخلوق البشري ويؤثر فيه من جهة اخرى.

وتكون حلاوة هذه المهنة الرائعة اقوى واشد عندما يكون بائعها يمتهن هذه المهنة عن دراية وتفهم لما تعنيه الزهرة بوجودها وكل ما تحمله من معانٍ وخصائص ليكون حبيباً لصيقاً لها.

فلي الوانها معنى، ولروائحها معنى، ولترتيبها معنى لايقل عن ذلك سمواً ونقاء.

واما استعمالها فهو بيت القصيد، فان كان المتنبي الكبير يصف اهمية استعمال السيف بوضعه حداً من شانه ان يبعد الناس او صاحب الشان عن التردد ويكشف الغموض ويضع الامور في مواقعها الواضحة بين الترهل او التسويف والجدية وكما عبر بقوله،

 السيف اصدق انباءً من الكتب  ...  في حده الحد بين الجد واللعب

فان استعمال الورد يعتبر اكثر قداسة وقرباً من الفطرة البشرية الطاهرة النقية  لتصبح  الزهرة خير رسول للمشاعر بين الناس، ليحق القول فيها،

الورد اصدق انباءً من الكتب  ...  في سحره الروح تصحو من الكرب

مع الاعتذار للمتنبي. 

فمن ضمن الفوائد العظمى لاستعمال الوردة، تخفيف الشعور بالحزن والغضب والالم، وتفيد في علاج امراض الضغط وتزيد القدرة على التركيز، واستنشاق عبيرها يحد من التوتر والاجهاد ولايقل تاثير الوانها شاناً عن ذلك فالابيض منها يؤمّن الهدوء والصفاء للنفس، واللون الاصفر يزيد النشاط العقلي ويقوي الذاكره  والوانها الليلكية تساعد على التأمل والحمراء ترفع مستوى الطاقة الحيوية.

والورد بطبيعته يفرز احاسيس السعادة عند الانسان ويقوي قدراته على التواصل الاجتماعي ولديه مفعول قوي على مزاج المرأه ويمتاز بالتاثير على الخلايا الدماغية المتخصصة بالعواطف والذاكرة...الخ.

فهل لهذه الخصائص من وشائج  بين ما نشاهده من طبيعة وسلوكيات سياسيينا وما يمتاز به الورد؟!.

وهل يستطيع السياسي العراقي مزاولة مهنة بيع الورد؟, وهل ينسجم مع طبيعتها لكبح جماح كل ما تفيض به نفسه من حب الانا والركض وراء تحقيق طموحاته الضيقه ليروّض نفسه ويتساير مع الطبيعة الوردية لتنخلق لدينا بالتالي حالة من التواصل الاجتماعي الطبيعي الصادق بعيداً عن اجواء التواصل الاجتماعي المصطنعة كما هو في تيوتر والفيس بوك وكما تعبر عنها روح الوردة بطبيعتها الحية التي لاتتحمل غير الاجواء الصحية النقية والصافية فنراها سريعة الذبول من فرط احساسها لتعرضها لاي عارض لا يؤمن لها هذا الجو الصحي بشكل سليم.

 اليس هذا البيع خير من بيع الكلام ودغدغة عواطف الناس والضحك على الذقون حتى اوصل الحال على ما هي عليه من مفارقات مضحكة مبكية لا اقلها بل اهمها ضياع الثقة  بشكل لم يسبق له مثيل؟؟؟.

وربما يقول قائل ان السياسي العراقي يستطيع بمكره ونفاقه بيع جميع ورود الدنيا دون ظهور اي حرج عليه لايغاله بهذا النفاق، ولكننا نقول ان الابتسامة الصفراء كفيلة بقتل هذه الورود وذبولها بعد برهة قصيرة من الزمن 

لتكشف فشله وعدم مقدرته على الاستمرارية في هذا الحقل النقي الطاهر لانه بكل بساطة ليس مكانه الطبيعي.

وحتى ان نجح في ذلك برهة من الزمن فربما لاينجح الا مع الورود الحمراء لخاصيتها اعلاء والتي قد تناغي خاصية يمتاز بها.

ولكن ماذا عن شرائح شعبنا هي الاخرى؟، هل جُبلت كما الشعوب الاوربية المحبة للحياة على حب الورد او على اقل تقدير التفكير او التوجه لاستعمال الورد بشكل واسع كي تكون ظاهرة مشاعة فيه؟.

ان وضع شرائح مجتمعنا العراقي لاتقل ابتعاداً عن روح التسامح والتواصل الاجتماعي النقي الاصيل هي الاخرى بكل صراحة. وما نشهده اليوم من ضياع للقيم الاصيلة والتقاتل بين اطراف المجتمع على اتفه الامور حتى وصل الامر الى ازهاق الكثير من الانفس لاسباب واهية لاتستحق الذكر كما حصل مرة بين عشيرتين بسبب خلاف شخصي بين اثنين على سعر رصيد تلفوني لايتجاوز الخمسة آلاف دينار دون وازع اخلاقي او حتى الاتعاظ  بالوازع الديني رغم كل ما نتشدق به من كلام نفاقي عن الدين.

ليكن لدينا توجه جديد لخلق ظاهرة اجتماعية تحب وتلتصق بالورد وتحتفظ به في كل بيت لتصبح لدينا ثقافة شائعة يتم تجذرها رويداً رويداً فالورد كفيل بتغيير النفوس وتطويرها كما اسلفنا لتحقق ما لم تستطع تحقيقه  كل الاساليب السياسية وغير السياسية فهو حلم كبير نتمنى تحقيقه ولو بشكل جزئي لانهاء معاناة مجتمعنا المتعب المغبون الذي لم يتلمس طريقاً  للعبور الى بر الراحة والامان  لتعود اليه الروح كما عبر عن ذلك توفيق الحكيم في روايته المشهورة (عودة الروح ) فهل يتحققق؟، نتمنى ذلك وعسى الله ان يعيننا عليه  وهو تعالى من وراء القصد.