8 شباط: وجع في الذاكرة .. |
للشر كما للخير, وللكراهية كما للمحبة, كل له مقدسه, لأنقلاب 08/ شباط 1963 ألأسود كراهية مقدسة في الذاكرة العراقية , كما لثورة 14/تموز 1958 محبتها, هذا المقدس ترسخ في اعماق الوعي العراقي, شر الخراب للمشروع الطائفي القومي لمؤامرة 08 / شباط, وخير البناء للمشروع الوطني لثورة 14/ تموز يتواجهان ضدين وسيستمران صراعاً مصيرياً من داخل المجتمع العراقي .
ـــ شباط الحاضر, سيد المجازر والنزيف, العفلقي الداعشي, القومي الأسلامي, الغايات التي تبيض وسائلها, البوصلة التي تغير اتجاه المراحل, الردة التي لها قدم هنا وآخر هناك, يلعب جواكر الأسلام السياسي عندما يخسر اوراقه القومية, سلاح في يمينه وزيتونة العملية السياسية في شماله, يرفع الدستور دعوة للمصالحة والشراكة, وينتعله في اول صفقة للخذلان, على جلده الزيتوني يرتدي مظاهر التقوى, انه سيد المراحل السوداء .
ـــ شباط الذي لا ينسانا ولا ننساه, يرانا ولا نراه, الخطيب الواعظ ونحن هياكل الأصغاء ونوبات التكبير, الثعبان بثلاثة رؤوس توافقية, كردية شيعية سنية, المنتخب وكاتب الدستور وماسك ذيول التحالفات ومخطط الشراكات ومفبرك الأتفاقات ذات الوجه الواحد, يولد من رحم اصواتنا لجنة للنزاهة واخرى للمسائلة والعدالة ولجان برلمانية للأمن والمالية والخارجية وحقوق الأنسان والمؤتمرات العشائرية ومجالس الأسناد والطنطل العائلي في السلك الدبلوماسي.
ـــ 08 / شباط, فساد في مفاصل الدولة, وداعش في شرايين العملية السياسية, "مكي ماوس" للتهريب وجنرالات لعسكر الفضائيين, صحوات لا شكل لها ومجمع حرس وطني لسكراب البعث الداعشي, فدائيي صدام عفونة تنضحها احزاب الأسلام السياسي واوكار هجين المشروع الكردي, وقوارض تتناسل من تحت بساط مؤسسات الدولة وحكومة "ظل البيت لمطيره".
ـــ 08 / شباط , امريكا في بيتنا, والجوار في بيتنا, واربيل في بيتنا, وبيتنا في بيتنا, هو المحاصصة عندما تكون توافقية, والشراكة عندما تكون حقيقية, والمقبولية عندما تتصابا قوية منسجمة, هو مثلث العملية السياسية, ومثلث السلطات الرئاسية, ومثلث نواب الرئاسية ومثلث المثلثات.
ـــ هم 08 / شباط ونحن 14/ تموز, هم المفخخة والناسفة واللاصقة والكاتم, ونحن المسيرة والبكائية والجهالة ومقابر جماعية وفوز عظيم, هم التشريعية والتنفيذية والقضائية وكروش محشوة بالأستغباء الرئاسي, ونحن ثقة عمياء واصوات تحت الطلب, هم موتنا القادم عبر كل الحدود ومن كل الأتجاهات والقابع في اغلب المحافظات وورشات العبادة, هم خلف جعبة الخطيب وتحت عمامة الواعظ ونحن خلف ولي امرنا, نعيد قراءة الفاتحة على روح حاضرنا ومستقبل اجيالنا, هم الساحر والشاطر والماكر والمدبر, ونحن الخوف والفقدان والضياع في ليل تخريفات مهذبة, هم الأقلية الكبيرة ونحن الأغلية الصغيرة, هم يصوتون للسلطة ونحن ننتخب الفساد, هم الدواعش ونحن المستدعشين, هم سادة الغايات ونحن عبيد الوسائل, لا نرى سوى اشباح موتنا, نحتمي بها من موتنا وجاً اخراً للأنتحار البطيء, هذا هو قدرنا معهم, لا نفهم عن حياتنا سوى حشرجات النفس الأخير, ومن ديننا ودنيانا ومذهبنا الا ما يقوله عظام مراجعنا وهم وحدهم يعرفون من اين تؤكل الكتف "على السكين".
ـــ غداً ذكرى واستذكار تفصيلات الأنقلاب الدموي في 08 / شباط 1963, ندين فيه من خطط ونفذ ودعم المجزرة الشباطية التي راح ضحيتها الألاف من خيرة بنات وابناء العراق, لا فرق ان كان المتهم امريكيا متمرداً او بعثياً عروبياً منحرف او عميلاً كردياً محترف او مرجع ديني امتهن الكذب على الله والأحتيال على عباده, او انه متواطؤ, ان كان متعلماً بوجوه موسمية, او ذاك الذي يتعفن انتهازياً على التل منتظراً لحظة الهبوط بعد الحسم, ليصافح الغالب ثم يستولي على المتبقي من خسارة المغلوب.
نستذكر انجازات ثورة وطنية, مرت كما لم يمر من قبلها حدث بعظمتها وليس في الأفق وحتى البعيد توائمها, تموزية اجهض في رحمها مشروعاً وطنياً عراقي ديمقراطي حداثي, وعبر ابشع جريمة, تمت تصفية قائد وطني اجتمعت فيه الشجاعة والكفاءة والنزاهة وقيم اخلاقية اجتماعية فكرية سياسية, قدوة في الأيثار والتسامح والعدل والمساواة, انه الزعيم الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم, القادم حتماً من قبره السابح في مياه العراق, مشروعاً وطنياً في حليب الأمهات, ليتواصل وعياً ورفضاً ونهضة اصلاح وتغيير عبر شرايين الأجيال .
عبد الكريم قاسم, علاقة ازلية بين حزن الناس والحلم المرسوم على جبين القمر, سيغمر اديمه وجه التراب العراقي ويعيد الفرح والأمان الى وجوه الضحايا, انه ذاك الشهيد الحي في افئدة العراقيين, الأمتحان العسير لنفوس الفاسدين وقطاع الطرق, انه امام الفقراء (غير المعصوم) الثاني في التاريخ العربي الأسلامي .
|