أما آن الأوان ...؟ دعــود للـعقلانيـّة و التدبـّـر في شؤون المسلمين |
الأرهاب المُجرم المُـتمثــّـل بداعش و شبيهات داعش مِـن كل الألـوان و المُسمـّيات ..! ليس مـجـرّد شباب تستهويهم فكرة الموت أو الأنتحار زُهـداً بالـدنيا ( الـفانية ) ، أو طمعاً بـمعاشرة الـحوريات في ( الـجنـّة ) ... هـؤلاء أُعيدَ تنظيم عقولـهم و فـرمتـتـها بالأستناد الى نصوص دينية ( أسلامية ) لكن بـقراءات مُـنـحرفـة لها ..! و حتى لو مشينا مع رأي الكثير من المراقبين و المحـلـّلين القائل أن داعش صناعـة أمريكية / صهيونية .. و هناك العديد من المؤشرات التي تـؤيـّـد هذا الأتجاه .. أقول لو أخذنا بهذه الرؤية ، فأن الصانع الأمريكي / الصهيوني يكون قد أنتـَجَ رؤوس و قيادات داعش ، مع الدعم المادّي .. لكنهُ بالتأكيد ليس هو مَن جـنـّد آلاف المقاتلين ( المجاهدين ) من مُسلمي مُختلف بلدان العالم و أقنعهم لدرجة أنهم يتركون حياتهم الأعتيادية و أحياناً الرغيدة ، كي يـأتوا للقتال و الموت في أراضي ليست من دولـهم ..! ما الذي يدفع هؤلاء المتطوّعين لذلك ..؟ لابد أن يكون ورائهم منابر و مدارس و شيوخ .. تحدوهم نصوص دينيّة يستندون عليها ...! من ناحــية أخرى جميع الخلافات الفقهية و المذهبية بين طوائف المسلمين و التي تحوّلت بمرور الزمن الى تناقضات و صراعات و كراهية .. أساسها و جذرها هو فهم و قراءة النصوص الدينية ( قرآن كريم و أحاديث نبوية ) قراءة خاصة تنسجم مع رؤى و مواقف و مصالح كل طرف .. و كذلك فهم و قـراءة قصص و حوادث الـتاريخ الأسلامي و الموروث الأسلامي أيضاً ، و لو أقتصر الأختلاف بالقراءة و الفهم عند حدود الأختلاف الفقـهي فلا ضير في ذلك فاجتهاد أمتي رحمة ..! لكن أن يتحوّل هذا الأختلاف الى بحيرات من الدم .. تـكـفير الآخر .. ألغاء الآخـر .. شيطنة الآخر .. و سبي نسائهِ و أعتباره من الفئة الضالـّة ، و حرق الثروات و الموارد و الممتلكات و حرق فرص التطوّر و التنمية و النهوض الحضاري ...! هنا يجب أن نتوقف و نقول كــفى .. كــفى ..!!! دماء أبنائنا و حياتنا و مستقبلنا و ممتلكاتنا و ثرواتنا ، يجب أن لا تبقى رهينة أجتهاد و رؤيـة هذا الـفقيه أو ذاك .. و هذا العالِم أو ذاك .. ولا رهـينة خطباء المنابـر و الفضائيات المأجورين أحياناً و المُـضـلـّلين أحيان أخرى ..! الدين الأسلامي كما يـُـجمع الفقهاء و العلماء هو عـِبادات و مُعاملات ، أو أصول و فروع ...! العبادات ثـابتة لا يمكن تحريفها أو قراءتها بأكثـر من زاوية أو الأجتهاد فيها .. فالصلاة مثلاً خمس مرّات باليوم لا تقبل الأجتهاد أو التأويل .. و عدد ركـعات كل صلاة ثابـتـة و يؤدّيها جميع مسلمي الأرض بنفس العدد .. أو الصيام و طقوسه و متطلباته ، لا يجرؤ أحـد على القول أن الأفطار يجوز بعد الظـُهر و الشمس مُشرقة .. ألخ المشكلـة تـكمن في القراءات المختلـفة ( للمُعاملات ) و أحكامها ، و الأجتهاد في تفسيـر و تأويـل الكثير مِن نصوصها وفقاً لاجتهاد و رؤيـة كل فـريق ..! غالبـيّة نصوص ( المُـعاملات ) جاءت لـتـُعالج حـالات أو وقائـع ظرفية حَصلت في وقت الدعوة الأسلامية ، أقـتـضت مِن الرسول الكريم أما أن يستنجد بالـوحي لأعطاء جواب أو مُعالجة لها .. أو يضع الجواب مِن عندهِ مُسـتنداً على جوهر الدعوة ( الأحاديث الـنبوية ) ..! كما أن المبدأ الذي أسماه الفقهاء بـ ( الـناسخ و المنسوخ ) , يعني بكل وضوح أن هناك نصوص قرآنـيّة أُبطلـَت صلاحيتها بنصوص جديدة ..! بعد التطوّر الـهائل للمسيرة البشرية و الذي كان للأديان دور فاعل فيها .. باتجاه أعلاء شأن القيمة الأنسانية للـفرد و ترسيخ حقوق الأنسان و الحريات و أحترام كرامـة الفرد و حقــّه في حياة آمــنة و كريمة .. و أطلاق العـِنان للعقل البشري كي يـُبدِع و يـطوّر الـحياة البشرية لما فـيه خير الأنسان و سعادتـهِ ...! و كان للأسلام دور واضح في نشر مفاهيم الحث على تطوير الحياة و العمل و طلب العلم و أعلاء شأن الأنسان : ( و لـقد كـرّمنا بني آدم ) ( و قل أعملوا فسيرى الله عـملكم و المؤمـنين ) ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة .. ولا تـنسَ نصيبك من الدنيا ) ( الخلق كلهم عـيال الله فأحبـُّهم إلى الله أنفعهم لعيالـه ... ) ( وقـل ربٍ زدني علماً ) (أطلب الـعِـلم ولو كان في الصين ) ( خـير الـناس مَـن نـَفع الـناس ) بعد كل ذلك أما آن الأوان لـكي يجتمع المُـختصين مِن علماء الدين المشهود لهم بالأَعلمية و الرؤية الثاقبـة و العقل المتنوّر وعلماء الأجتماع والنفس والتربية و حتى السياسة .. و من كل المذاهب و الأطياف الأسلامية .. لـفرز و تصنيف النصوص و الأحاديث التي تدعوا الى المحبة و التسامح و البناء و العـِلم و الأخـوة و تطوير الحياة و العمل الصالح ، و مِن ثمّ أبرازها و التأكيد عليها و تـنوير الناس بها و أشاعتها في المناهج الدراسية ...! عن تلك الـتي يستند أليها المُـتعصّبون و المتطرفون و الغـُـلاة في أشاعة الفـتنة و الـفرقـة و الـكراهية و البغضاء و القتل المـُشرعـن .. أو تلك التي لم تــعُد تتماشى مع ظروف العصر الحالي بمواصفاته التي أشرنا لها أعلاه .. و مِن ثم تجميدها و عدم الخوض فيها أو درجها في مناهج الدروس الدينية أو الجهر بها في المنابر ..! لـكي نوقف نزيف الـدم الجاري بلا حساب .. و نوقف التدهور الأنساني و الحضاري لبلاد المسلمين .. و لكي تتصافح قلوب المسلمين بكل طوائفهم و مشاربهم .. و نسحب البساط من تحت أقـدام المُـتاجرين بالدين و المُـتاجرين بدماء المسلمين ...! الحياة في سبيل الله ... خيراً ألف مرّة من الموت في سبيلـه ...! يقول الشاعـر : طـلعَ الدينُ إلى الله مُستـغـيثـاً ... و قال الـعـِـباد قد ظلمونـي ..
|