في العام 1969 اعدم صدام خمسة تجار مخدرات في يوم واحد في مناطق متفرقة من العراق ، بعد أيام قلائل من صدور قرار مجلس قيادة الثورة الذي حدد بموجبه عقوبة الإعدام لمن يتاجر أو يتعاطى المخدرات . نشرت وبثت صور وفديوات إعدامهم في التلفاز والصحف ، بعد يوم واحد اختفى الحشيش والحشاشون وأغلقت مقاهي ومحلات كان أصحابها يتاجرون في المخدرات .
لا نحتاج إلى قسوة صدام ، لكننا بكل تأكيد نحتاج إلى قوته وحسمه في فرض هيبة الدولة .كتب الفيلسوف والكاتب الفرنسي البير كامو:"من تنقصهم الشجاعة يجدون دائما فلسفة يفسرون بها ذلك".
إن تعاظم دور الأفراد والأحزاب والعشائر ، يأتي على حساب انحسار دور الدولة ، يؤشر لخلل خطير ويدلل على ضعف الدولة وانهيار مؤسساتها. تكدس الازبال وتجاوز الباعة على الشوارع والأرصفة والتجاوز والبناء على أراضي الدولة وعدم الالتزام بقوانين المرور والتعدي على السيطرات الحكومية والرمي العشوائي وحمل وامتلاك الأسلحة غير المرخصة وانتشار المسلحين من غير أجهزة الدولة الأمنية والتجاوز على الموظفين في دوائرهم وعلى الشرطة وهم يطبقون القانون و الفساد وانتشار الرشوة والجريمة والسطو المسلح وجرائم الخطف وغيرها الكثير الكثير من التجاوزات والجرائم ، أدت إلى نزعة التمرد والعصيان عند الكثير من العراقيين وعدم احترامهم للقانون . هذه الجرائم والتجاوزات امست تهدد وجود الدولة. الأخطر ان يصبح المسؤول وحمايته هم اول من يخرقون القانون .
لقد أصبحت تلك الممارسات وغيرها الكثير أمرا واقعا وسكت عنها الكثير من العراقيين على مضض، لكن الذي لا يقبله كل عراقي ان تتجاوز النزاعات العشائرية كل الحدود وتتحول إلى قتال جبهات حرب ، تستعمل فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بما فيها قاذفات الصواريخ والهاونات .
هل نحن في العراق يا سيادة رئيس الوزراء ام في اليمن التي تملك البعض من قبائلها اسلحة لا تملكها الدولة !؟.
الأخطر ان ينخرط أعضاء الأجهزة الأمنية من منتسبين وضباط بأسلحتهم وعتادهم للقتال إلى جانب عشائرهم في حالة اقتتالها مع عشيرة أخرى . منذ سنوات ونحن نشاهد ونسمع عن معارك دامية بين عشائر بالخصوص في البصرة والدولة عاجزة تماما عن فرض القانون وإعادة هيبتها ولجم المتقاتلين وحبسهم ونزع أسلحتهم .
قبل فترة اختطفت عشيرة في العمارة خبيرا نفطيا صينيا وفاوضت المحافظة ومجلسها والشركة وأذلتهم وفرضت شروطها بتعيين أعداد كبيرة من أفرادها في الشركة النفطية وبعدها أفرجت عن المخطوف .تم كل ذلك دون ضجة اعلامية !.
ليست داعش وحدها تمارس ارهابا على العراقيين ، ان عشائر وأحزابا ومسلحين يمارسون الإرهاب المسكوت عنه حكوميا.
ماذى نسمي تعطيل دوام دوائر الدولة ومدارسها لان عشائر تتقاتل في البصرة دون رادع ؟.
ماذا نسمي اعلان عشيرة اختطافها لخبير نفطي وتفاوضهامع جهات مسؤولة؟ .
ماذا نسمي هروب أعداد كبيرة من الأطباء وعزوف اخرين عن ممارسة المهنة بسبب فرض مبالغ خياليه عليهم "فصل عشائري "والاعتداء عليهم وتحميلهم مسؤولية موت بعض المرضى ؟.
وماذا وماذا وماذا !؟.
على السيد العبادي ان يبادر ويفرض هيبة الدولة ويعالج مكامن الخلل في تطبيق القانون وان يسارع بإرسال قوة خاصة من بغداد وطائرات هليكوبتر ان تطلب الأمرلايقاف الاقتتال والاشتباكات العشائرية الدائرة في البصرة، لان البصرة رئة العراق الاقتصادية الوحيدة .لقد اخفق حتى معتمد المرجعية في لملة قضية اقتتال العشائر في البصرة والحكومة المحلية والقوات الامنية عاجزون عن فرض الامن . اصبح فرض هيبة الدولة وقوتها امرا ضروريا . العشائر التي تتقاتل في البصرة الان كان اغلب افرادها وشيوخها يرتجفون ويتملقون لضابط امن برتبة صغيرة ايام صدام . بقتالهم المستمر دون رادع يعلنون تمردهم وتحديهم للدولة .
هل تظل الدولة تتفرج دون ان تردع المتحدين لها والخارجين على القانون؟.
رحم الله حافظ ابراهيم حين قال :" " ان القوي بكل ارض يتقى ".
" العدالة بلا قوة تكون عاجزة والقوة بلا عدالة تكون ظالمة " باسكال
|