العراق تايمز: كتب كاظم فنجان الحمامي..
الفضائيون في العراق حالة متأصلة وليست ظاهرة عابرة، فما أكثرهم في الجيش والشرطة والمؤسسات المدنية الأخرى. إذ لم يعد الأمر غامضاً على الناس، فالفضائيون هبطوا علينا من كوكب الفوضى، ثم انتشروا في كل مكان. بيد أن الجديد في الموضوع أننا عثرنا في البصرة على مستشفى متكامل الطوابق والأروقة والردهات والصالات والتأثيث والتجهيز والتشجير. لكنه مستشفى فضائي، حتى تصميمه الخارجي يوحي لك بأنه من مدن الفضاء الخارجي.
كانت هذه البناية عبارة عن دار قديمة من دور الاستراحة التابعة لشركة نفط الجنوب، فقرر الأستاذ جبار اللعيبي، المدير الأسبق لشركة نفط الجنوب، تحويلها إلى مستشفى كبير يوفر العناية الطبية والرعاية الصحية للعاملين في النفط. وما أروع المشاريع الخدمية التي نفذها هذا الرجل المبدع في البصرة.
يتميز المستشفى بواجهاته الجميلة، وسعته السريرية الكبيرة. يتكون من أربعة أجنحة. لكل جناح ثلاثة طوابق مع ملحق إضافي خاص لصالات العمليات. وغرف منفصلة لأجهزة السونار والمفراس والرنين المغناطيسي ومنظومات الأشعة السينية.
ربما فكرت شركة نفط الجنوب بتشغيل المستشفى على غرار المستشفى الكويتي، الذي تزينت به مدينة الأحمدي، ويتكون من أربعة طوابق وسرداب، وتقدر طاقته الاستيعابية بنحو (400) سرير، وقد خصصت الكويت هذا المستشفى لموظفي القطاع النفطي العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم.
أو ربما فكرت شركة نفط الجنوب بتشغيله وإدارته على غرار المستشفى الإيراني الكبير التابع لمصافي النفط في عبادان، والذي يطلقون علية: (بيمارستان بزرﮒ نفت)، وتعني المستشفى النفطي الكبير.
ثم هبت رياح الاعتراض، فما كل ما تتمنى شركة نفط الجنوب تدركه، فقد جرت رياح وزارة الصحة بعكس الاتجاه الذي سارت عليه تلك الشركة العريقة. فعلى الرغم من تكامل المستشفى من الألف إلى الياء، وعلى الرغم من استعداد وزارة النفط لجلب أرقى الخبرات الطبية التخصصية من داخل العراق وخارجه، أسوة بمستشفيات القطاع الخاص.
لم توافق وزارة الصحة على منح التراخيص الرسمية لتشغيل المستشفى على الطريقة التي فكرت بها شركة نفط الجنوب. فتعطلت أنشطته، وتحولت بنايته إلى قلعة فضائية. لا فائدة ترتجى منها بسبب تأرجحها بين وزارة النفط ووزارة الصحة، فلا النفط تتخلى عن مشاريعها وبرامجها الخدمية، ولا الصحة ترضى باستبعادها وتغييب دورها. وهكذا كان مصير المستشفى الرقود في ردهات التعطيل والتأجيل.
سمعنا أن شركة نفط الجنوب عقدت العزم على شراء أربع طائرات عمودية لضمان سرعة الوصول إلى مواقعها المتباعدة والمتناثرة في البادية الجنوبية، فهل ستتحول ملكيتها إلى طيران الجيش ؟. أم تتحول إلى شركة الخطوط الجوية ؟. أم يكون مصيرها مثل مصير هذا المستشفى الفضائي ؟. وجيب ليل واخذ عتابة.
|